طباعة هذه الصفحة

حمام "المسخوطين" بولاية قالمة

مقصد المرضى والباحثات عن العلاج التقليدي

مقصد المرضى والباحثات عن العلاج التقليدي
حمام "المسخوطين" بولاية قالمة
  • القراءات: 3864
❊سميرة عوام ❊سميرة عوام

رغم حرارة الصيف المرتفعة هذه الأيام بمدينة عنابة، إلا أن العائلات غيرت وجهتها نحو حمام المسخوطين بولاية قالمة، للبحث عن علاج لمختلف الأمراض، وهو ما يركز عليه المرضى والمصابون بالأمراض الجلدية، حيث يبرمجون يوما أو يومين في الأسبوع من أجل التوجه نحو الحمام،  والاستفادة من العلاج بمياهه المنبثقة من تحت الأرض، وهو ما يتميز به حمام الدباغ المعدني المعروف بحمام "المسخوطين"، باعتباره من أهم وأشهر المنتجعات الحموية المعدنية الجزائرية، وهو مركب تنبع مياهه من مدينة قالمة، حيث يتميز بحموضة عالية لاحتوائه على مادة الكبريت، و حرارته تبلغ 90 درجة مئوية طبيعيا، مما يجعله مفيدا للعديد من الأمراض الجلدية.

يعتبر هذا الحمام التقليدي موروثا شعبيا له مكانة خاصة لدى العائلات العنابية، التي ملت من التردد على الأطباء من دون جدوى، وعليه وجدوا أن حمام المسخوطين له أهمية علاجية حتى في فصل الصيف، لأنه مجرب في علاج بعض الأسقام ويفضلونه على العيادات، خاصة النساء والمسنين الذين يؤمنون بأسرار الحمامات في شفاء الأمراض، وعلى رأسها هذا الحمام. فالزائر لمدينة قالمة، سيكتشف أن هناك عين حارة في هذا الحمام، يقصدها المواطنون للتداوي، خاصة مع بداية فصل الخريف إلى غاية نهاية الربيع، وحتى في فصل الصيف، وتحولت مع الوقت إلى مزار ومقصد سياحي، ويشهد إقبالا لا ينقطع على مدار السنة.

حسب القائمين على هذا الحمام، فإن الإقبال عليه في فصل الصيف، خاصة في شهر أوت، يكون مزدحما قليلا رغم ارتفاع درجة الحرارة، إلا أن ذلك لا يقلص من مستوى الطلب عليه، علما أن شلالات حمام المسخوطين أخرج من جوف المنابع الطبيعية، وحسب الأسطورة المتداولة فإن حمام المسخوطين سمي بهذه التسمية بعد زواج أخ بأخته، رغم رفض أهل العشيرة لمثل هذا القران، حيث مسخا وقومهما وحولوا إلى حجارة تحيط بهذا الحمام الذي تتدفق منه عين حارة، في حين تشير بعض المراجع التاريخية إلى أن تسمية "مسخوطين" ترجع إلى "مسكواتين"، وهي مسك وطين، حيث كان يستعصى على المستعمر الفرنسي النطق بها سليمة، لصبح اسمها المتداول بهذا الشكل. 

حسب مديرية السياحة، فإن المركب عبارة عن صرح مائي حامضي لاستغلال المياه الجوفية الطبيعية الحارة، ومن أهم المعالم السياحية في المنطقة، يتوافد عليها السياح للاستمتاع بالعروض التي يقدمها الفريق داخل المركب من حمامات شافية، بمرافقة طبية لإعادة توظيف الأعضاء المصابة. كما يوفر المركب العديد من العلاجات من طرف مختصين، لاسيما في الأمراض الجلدية وأمراض العظام والروماتيزم وتخفيف الوزن.

تساهم مياه الحمام في الاستشفاء من عدة أمراض، خاصة الحساسية والطفح الجلدي بفضل مياهه الدافئة والحامضة، كل هذه المقومات ساعدت على تعزيز النشاط السياحي للمركب.

من جهة أخرى، تحول هذا الحمام إلى مقصد للنساء والرجال الذين لم يرزقوا بأولاد، حيث تقبل عليه نسبة 40 بالمائة من النساء اللواتي تأخرن في الإنجاب، ويترددن على هذه العين لأن فيها ميزة للشفاء، خاصة أن مياهها معدنية، حيث يتم الاغتسال منها، ثم تتجه الراغبة في الأمر إلى امرأة مسنة في الحمام تعرف تقاليد العلاج الطبيعي، ويطلق عليها "الماسدة"، التي تساعد المرأة التي لم تنجب على مواجهة بعض المشاكل من خلال تحضير خلطة من الأعشاب الطبية واتباع منهجية خاصة في العلاج، إلى أن يحصل الحمل، وحسب بعض المسنات فإن هذا الحمام ساعد الكثيرات عن الإنجاب، فيما تغتسل أخريات من نفس العين للتخلص من تعطيل الزواج، أو ما يسمى بالمفهوم الشعبي بـ«الثقاف" ليحظين بعدها بالعريس، ومن المعتقدات الشائعة أيضا أن العين الحارة تشفي الصبيان والفتيات من إصابات العين، إذ يكتفي الاغتسال منها حتى يشفى "المعيون" من أعراض العين والحسد.

أمام هذه القيمة العلاجية والاستشفائية، ذاع صيت حمام "المسخوطين" وأصبح قبلة حقيقية لرواده من مرضى وطالبي العلاج، بعد أن تحولت بعض العيادات الطبية إلى وجهة للتجارة دون علاج أمراضهم.