الحظيرة الوطنية للشريعة
مقصد العائلات صيفا ومصدر خوف من الحرائق

- 179

تشكل الحظيرة الوطنية للشريعة، خلال العطلة الصيفية، مقصدا مفضلا للعائلات الباحثة عن الراحة والهدوء والاستمتاع بالهواء المنعش. إذ تشهد مرتفعات الشريعة توافدا كبيرا في الفترات المسائية، حيث تفضل العائلات والشباب وحتى كبار السن، قضاء أوقاتهم تحت أشجارها والاستمتاع ببرودة أجوائها، خاصة في ظل الارتفاع الكبير لدرجات الحرارة الذي تعرفه ولاية البليدة. وفي المقابل، سارعت مصالح الحماية المدنية، على خلفية الحريق الذي اندلع مؤخرا، وأتى على 55 هكتارا، إلى تذكير الزوار بأهمية الحفاظ على هذا المكسب الطبيعي، والتأكيد على العقوبات الصارمة التي تنتظر المخالفين، من خلال التكثيف من عملها التحسيسي الجواري.
على الرغم من أن أسباب الحريق الذي اندلع بالمنطقة الفاصلة بين ولايتي المدية والبليدة، فقد تم استبعاد فرضية أن يكون المواطن البسيط وراء إشعال الحريق، بالنظر إلى أن المنطقة ليست مقصودة عادة من الزوار. ويرجح أن يكون الحريق ناتجًا عن نشاط بعض محبي الرياضة الجبلية، المعروف عنهم حب المشي والتجول في أعماق الغابة، أو نتيجة وجود نفايات قابلة للاشتعال، تزامنًا مع ارتفاع درجات الحرارة.
وحسب العقيد محمد مختاري، مدير الحماية المدنية لولاية البليدة، فإن مصالحه اتخذت كل التدابير اللازمة للسيطرة على الحريق، ومنع انتشاره، حيث أتى الحريق على الأدغال وبعض شجيرات القندول، دون أن يمس الثروة الغابية التي تُعد مقصدا سياحيا واقتصاديا هاما. ويعتبر هذا إنجازا إيجابيا، تحقق رغم صعوبة الوصول إلى موقع الحريق الذي تطلب عدة أيام لإخماده، بمشاركة جميع المصالح المعنية، وتجنيد كل الإمكانيات المتوفرة.
وأضاف ذات المسؤول، أن الحريق الأخير في أعالي جبال الشريعة، يستدعي بذل المزيد من الجهود التحسيسية، لافتا إلى أن الرسالة الوقائية وصلت إلى المواطن البسيط، لكن بعض الذهنيات ما تزال ترفض الالتزام بها والتحلي بالمسؤولية. وأوضح أن مصالح الحماية المدنية سبق وأن أطلقت قافلة تحسيسية جابت مختلف بلديات الولاية، ولا تزال مستمرة، إلى جانب تنظيم لقاءات مباشرة في الساحات العمومية والمساجد، لتذكر في كل مرة، بما يقع على المواطن المتواجد في الغابة من مسؤولية.
ورغم كل هذه المبادرات، لا يزال العمل التوعوي متواصلًا، لكن الرهان الأكبر ـ حسب مختاري ـ يقع على عاتق المواطن، الذي يُطلب منه فقط التحلي بالوعي والسلوك الحضاري عند التواجد في الغابة. وأشار إلى أن كميات الأمطار الكبيرة التي تساقطت هذا العام، ساهمت في نمو الغطاء النباتي، الذي أصبح، مع حلول الصيف، مادة سريعة الاشتعال عند أدنى خطأ، ما يستدعي المزيد من الحيطة والحذر من كل الزوار. من جهة أخرى، ذكر العقيد مختاري بالعقوبات الصارمة التي ينص عليها القانون، فيما يخص الحفاظ على المساحات الغابية، مؤكدًا أن رياضة المشي في أعماق الغابة، التخييم، واستعمال المواقد، جميعها ممنوعة.
كما شدد على أن جميع الزوار معنيون باحترام قواعد الغابة، ولا يُعذر أي مخالف بجهله، بل يتم التعامل معهم بكل صرامة. وختم العقيد حديثه بالإشادة بالجهود الجبارة التي يبذلها أعوان الحماية المدنية، خلال فصل الصيف، حيث لا تقتصر مهامهم على إخماد الحرائق فقط، بل تشمل أيضًا التدخل في حوادث السير، الغرق، وحرائق المصانع. وهو ما يجعل من مسؤولياتهم جسيمة، لذا، كما قال "نُعول على وعي المواطنين وسلوكهم الحضاري، حتى ينعم الجميع بعطلة صيفية آمنة ومريحة".