الهواتف الذكية واللوحات الرقمية قضت عليها

مقاهي الأنترنت تسير نحو الزوال..

مقاهي الأنترنت تسير نحو الزوال..
مقاهي الأنترنت
  • القراءات: 1740
رشيد كعبوب رشيد كعبوب

بعد أن شهدت خدمات مقاهي الأنترنت قبل سنوات، إقبالاً واسعاً، ها هي اليوم تعرف تقهقرا محسوسا لعدة أسباب، منها تمكّن المواطنين من الاستفادة من الأنترنت في بيوتهم وفي هواتفهم الذكية ولوحاتهم الرقمية، التي ازدهرت تجارتها بشكل كبير، لاسيما مع التسهيلات والخدمات التي توفرها شركات متعاملي الهاتف النقال، والمنافسة حامية الوطيس بينها لاستقطاب أكبر عدد من الزبائن.

لا يختلف اثنان في كون التكنولوجيا الحديثة المتسارعة فرضت فلسفة اقتصادية جديدة، وجعلت رواد الأعمال يركّزون على حماية نشاطهم من المخاطر، ويستشرفون التغيّرات التي يمكن أن تطرأ على المدى القصير والمتوسط والبعيد، مثلما يحدث في سوق الإعلام الآلي والإلكترونيات، وما يرتبط منها بخدمات الأنترنت. ولأننا في عصر السرعة والعالم الذي صار أشبه بالقرية الصغيرة، فإنّ العادات  تغيرت معه، وصارت تسير على خطاه.

ولم يبق، في ظلّ هذه المتغيّرات العالمية، أي قطاع، سواء في السلع أو الخدمات، في منأى عن المخاطر، فلم نكن ندري، مثلا، أن المئات من مقاهي الأنترنت ستغلق أبوابها يوما ما ويستغني عنها روادها الكثيرون، الذين كانوا يشكلون طوابير للاستفادة من خدماتها، لأن هذا الطلب المتزايد على قاعات الأنترنت أوحى إلى أصحاب الأفكار الاقتصادية، بسوق واعدة تلبي احتياجات الناس، وتخص توفير الأنترنت، وتقريبها من الزبون بدون متاعب أو هدر للوقت والجهد. 

خدمات مكتبية لتعويض الخسائر..

خلال معاينتنا بعض مقاهي الأنترنت لاحظنا أن أصحابها اضطروا - أمام النقص الملحوظ في عدد الزبائن - لتوسيع خدماتهم، وتكثيف النشاطات المتعلقة بطبع الوثائق ومعالجة النصوص والتنضيد وإعداد الصفحات، وطبع البحوث للتلاميذ وطلبة الجامعات وغيرها، حسبما أكد لنا أمين. ح« صاحب قاعة أنترنت بالكاليتوس، الذي أكد لـ المساء، أنه بالرغم من أن العديد من أصحابه الذين يمارسون هذه المهنة، توقفوا عن النشاط وغيروا خدماتهم، إلا أنه صمد أمام هذه العاصفة التي تكاد تمسح قاعات الأنترنت وتخفض عددها إلى أدنى المستويات، مشيرا إلى أنه لازال يستمر في جلب زبائنه واستبقاء الأوفياء منهم، بتوفير أحسن الخدمات؛ من تجهيزات حديثة، وحسن استقبال، وتلبية العديد من المتطلبات التي يحتاجها مرتادو هذه المحلات. كما لمسنا نفس الانطباع لدى صاحب مقهى أنترنت بالقرب من البريد المركزي بقلب العاصمة، الذي وجدناه منهمكا في تصميم بعض البحوث الجامعية، وطبع وثائق مختلفة للزبائن، حيث أسرّ لنا أن الضغط الكبير الذي كان مسجلا على قاعة الأنترنت من طرف الزبائن، نزل إلى مستوى كبير، وأن النشاط الذي يكاد يعوّض خدمة توفير الأنترنت التي صارت متاحة وبقوة في هواتف الناس، بدأ ينحصر في طبع الوثائق وإعداد البحوث وغيرها، أو التسجيل في بعض الامتحانات وغير ذلك، وهي الخدمات التي لا يمكن أن يستغني عنها الكثير من ، الذين لا يملكون تقنيات في البحث والتنضيد والإخراج وإعداد البحوث.

مقاهي أنترنت أشبه بالبقالة!!

لا داعي للغرابة أن تتحول بعض مقاهي الأنترنت إلى أشبه بالبقالة أو كشك لبيع بعض الأغراض والحلويات الملبسة، مثلما لاحظنا بقاعة أنترنت بالقرب من ساحة الأمير عبد القادر، وقد وجدنا العامل المكلف بتسيير المحل منهمكا في وضع الحلويات والشكولاطة، ولاحظنا جميع الحواسيب الموصولة بالأنترنت متوقفة، حيث سألنا المكلف بالمحل عن السبب، فأكد أن هذه التجارة تكاد تنقرض، لأن هذه الخدمة وصلت إلى أيدي الناس حيثما كانوا، ولم يعودوا يبحثون عنها في المقاهي الخاصة، التي كانوا يقبعون فيها لساعات طوال.

وبدا محدثنا متضجرا من عمليات المراقبة التي تقوم بها الجهات المختصة، ومنها مديرية التجارة، التي تمنع أصحابَ هذه المتاجر من عرض سلع لا توجد ضمن الخدمات المسموح بها؛ كالطبع والعمليات المكتبية، مؤكدا أن حتى بيع مثل هذه الحلويات ممنوع.

المختصون:

الثورة التكنولوجية أطفأت أنوار السيبار

يذكر بعض المختصين في مجال الإعلام الآلي وتكنولوجيات الاتصال الحديثة، أن الثورة التكنولوجية أفقدت عدداً كبيرا من محلات الأنترنت بريقها بعدما كانت تستقطب المئات من الزبائن يومياً، لاسيما عنصر الشباب والبطالون بالخصوص، الذين يجدون متعة في الإبحار في عالم الشبكة العنكبوتية أو القرية الإلكترونية، وصارت اليوم عبارة عن هياكل وأجهزة إلكترونية، هجرها الذين خطفت اهتمامهم الهواتف الذكية واللوحات الرقمية، التي تزوّدهم بالإنترنت بسهولة وبسرعة تدفق عالية.

ويؤكد المختصون أن المئات من هذه المحلات سواء في العاصمة أو باقي الولايات، أصابتها عاصفة  الكساد بعد أن شهدت ـ مثلما يعبر عنه البعض ـ  عصرها الذهبي، وكان حينها بعض أصحاب قاعات الأنترنت يرفعون أسعار الخدمات، لكنهم اليوم لم يحافظوا على هذا الزخم التجاري، الذي يبدو أنه لن يعود مادامت التكنولوجيا الحديثة وصلت إلى عمق المجتمع، ووفرت كل التسهيلات.

شركات الهاتف النقال تستشرف سوق الأنترنت

وقد استشرفت شركات الهاتف النقال في بلادنا، على غرار مثيلاتها في العالم، هذه التحولات الاقتصادية التي فرضتها الثورة التكنولوجية، وراحت تستثمر في رغبة الناس الجامحة في الاستفادة من هذه الخدمات، التي صارت مثل الماء والهواء، يقول أحد المهتمين بهذا القطاع الهام، وأصبحت تتنافس فيما بينها لجلب عدد أكبر من خلال توفير هذه الخدمة في الهواتف المحمولة.