دعم اختصاص الطبيب العام والعودة إلى طبيب الأسرة

مطلب يفرض نفسه لتحسين العلاج القاعدي

 مطلب يفرض نفسه لتحسين العلاج القاعدي
  • القراءات: 910
حنان. س حنان. س
دعت الجمعية الجزائرية للطب العام إلى إعادة تثمين اختصاص الطب العام من خلال برنامج مهني للتكوين المتواصل، يتم إدراجه ضمن الاختصاصات الطبية ما بعد التدرج. وكشف الدكتور تفات بوزيد عبد الكريم، نائب رئيس الجمعية، أن هذا التثمين من شأنه أن يخفض تكاليف الصحة العمومية كثيرا، مضيفا أن 80 % من الوصفات الطبية المحررة يشرف عليها طبيب عام، وأن كل اختصاص طبي في المصالح الاستشفائية يشرف عليه طبيب مختص مقابل 5 أطباء عامين، وهو ما يجعل دور الطبيب العام محوريا.

من الممكن جدا الاقتصاد في تكاليف الصحة بتسيير منهجي يعيد تثمين دور الطبيب العام من جهة وطبيب الأسرة من جهة ثانية، وعليه لابد للسياسة الصحية اليوم أن تعيد الاعتبار للطب العام الذي لم يعد يستقطب إليه المتخرجين من كلية الطب، حيث أن أكثريتهم يتوجهون إلى دراسة اختصاص طب الأعضاء عوض فتح عيادات للطب العام، وهو ما يجعل هذا الطب يواجه خطر الانقراض إن لم يتم تدارك الأمر سريعا، وهذا من خلال التنسيق الكامل ما بين منظومتيّ الصحة والضمان الاجتماعي، من أجل حث المواطن على الاستشارة والفحص الطبي لدى الطبيب العام حتى يتم تعويضه اجتماعيا.

في هذا السياق، يشير الدكتور تفات بوزيد عبد الكريم في لقاء خاص مع «المساء»، على هامش يوم دراسي حول الصحة الجوارية، أن الجمعية الجزائرية للطب العام تجري حاليا حوارا مع وزارة الصحة من أجل إدراج الطب العام كاختصاص يدرس شأنه شأن بقية الاختصاصات في طب الأعضاء، فالمعطيات الإحصائية تشير إلى أن المصالح الاستشفائية تحصي طبيبا مختصا واحدا مقابل 5 أطباء عامين، ما يعني أن العمل الطبي الأكبر يقوم به الطبيب العام، «ولذلك نحن اقترحنا على الوصاية أن يتم تبني برنامج تطوير مهني متواصل هدفه رسكلة مع تقييم الأطباء العامين الممارسين والإشراف على توجيه المتخرجين حديثا نحو دراسة أعمق لنفس الاختصاص»، يشرح المختص.

ويكشف محدث «المساء» أن الجمعية الجزائرية للطب العام قد مثلت الجزائر أحسن تمثيل خلال الملتقى الدولي حول طب الأسرة يومي 29 و30 أفريل 2015 بإمارة دبي، وهذا إحياء لليوم العالمي لطبيب الأسرة المصادف لـ19 ماي من كل سنة، والذي رفعت له المنظمة العالمية للصحة شعار»لكل أسرة طبيب أسرة». وقال إن المشاركة كانت لإظهار المجهودات المبذولة من أجل تحسين خدمات الصحة القاعدية الجوارية، وعليه تم رفع اقتراح لوزارة الصحة للتفكير الجدي في إعادة الاعتبار لطبيب الأسرة، باعتبار أن هذا الأخير يمكن له أن يشرف على الوضع الصحي للفرد منذ ولادته إلى الوفاة، وهذا ما يخول للطبيب تحويل مريضه نحو الطبيب المتخصص أو للاستشفاء إن تطلب الأمر.

من جهة أخرى، أوضح الدكتور أن تغير ذهنيات وسلوكات المواطنين خلال العقود الأخيرة، أثر بشكل كبير على اختصاص الطب العام ما يجعله اختصاصا «قد يواجه الانقراض مستقبلا على اعتبار أن المتخرجين حديثا من كلية الطب يفضلون متابعة الدراسات العليا والتخصص في طب الأعضاء عوض فتح عيادات الطب العام، والواقع يشير اليوم إلى أن الجزائر تحصي 36 ألف طبيب عام أغلبهم في القطاع العام والممارسون في القطاع الخاص هم من الأطباء العامين القدامى، تقارب أعمار أغلبهم السبعين، وهو ما يشكل خطرا على استمرارية هذا الاختصاص، وعليه قدمنا كجمعية اقتراحا لوزارة الصحة لإعادة النظر في هذا الشق، وتثمين هذا الاختصاص الذي يعتبر لوحده ركيزة العلاج القاعدي، وبه يمكن تفادي ارتفاع تكاليف الصحة العمومية، وهو المعمول به في معظم الدول العربية والأجنبية، ومن بين المقترحات أن يتم فتح ورشات لتكوين المكونين حول هذا الاختصاص بإشراف أطباء عامين وطنيين ذوي خبرة، بالإضافة إلى خبراء دوليين، فهدفنا في الأخير هو تحسين نوعية التكفل بصحة المواطن».

ويوضح المختص أن نفس الاقتراح مرفوع لوزارة التعليم العالي من أجل بحث صيغ فتح اختصاص الطب العام في الدراسات العليا، كما أن منظومة الضمان الاجتماعي مدعوة هي الأخرى لتلعب دورها المحوري المساند للطب العام بصفة لا يستهان بها. ويشرح الدكتور بقوله إن المؤمّن اجتماعيا عليه أولا المرور عبر استشارة طبية عامة حتى يتم تعويضه، والحاصل اليوم أن المواطن متى أحس بوجع في الأذن مثلا، يسارع إلى أخصائي أمراض الأنف والأذن والحنجرة ثم يصرف دواء على هذا الأساس، «ونحن نطالب من هذه المنظومة أن ترمي بثقلها لمنع هذه الظاهرة وإعادة الاعتبار مجددا للطبيب العام، فالمتعارف عليه عالميا أنه يرفض التعويض الاجتماعي على كل مواطن أدى استشارة طبية متخصصة دون المرور على الطبيب العام، وهذا الذي نريده في الجزائر. والأثر هنا سيكون إيجابيا جدا خاصة على نفقات الصحة التي ستوجه نحو دعم الهياكل الطبية أوالعتاد الطبي أو غير ذلك».

من جهة أخرى، ثمن الدكتور سياسة التوأمة التي توجهت إليها وزارة الصحة مؤخرا ما بين مستشفيات الشمال والجنوب، ولكنه اعتبر أن إعادة تثمين دور الطبيب العام مع إخضاعه إلى رسكلة تقييمية دورين، يحسن من الخدمات أكثر، مؤكدا أن مستشفيات الجنوب لا تعاني نقصا في الأطباء العامين، وإنما في الأطباء المتخصصين، وعليه فإن الطبيب العام يمكنه تأدية المهام الطبية بتغطية كل الاختصاصات، ذلك لأن كل السياسات الصحية في العالم تتمحور كلية حول العلاج القاعدي الذي محوره بالأساس الطبيب العام وقد نجحت في هذا، ونسعى لأن ننجح نحن في وطننا والغاية دائما تحسين الخدمات الصحية والعلاج القاعدي»، يوضح الدكتور تفات بوزيد عبد الكريم.