ساحة الثورة

مصدر حيوية الصيف العنابي

مصدر حيوية الصيف العنابي
ساحة الثورة ”الكور العنابي”
  • القراءات: 2063
سميرة عوام سميرة عوام

تُعدّ ساحة الثورة الكور العنابي من بين النقاط السياحية التي لها حضور؛ فهي قبلة السياح من كل حدب وصوب خلال فصل الصيف رغم توفر بونة على أجمل مناطق الجذب السياحي، على غرار مدينة شطايبي والشواطئ وسرايدي والحدائق والساحات المطلة على البحر، إلا أن ذلك لم يشفع لهذه المنتجعات بأخذ مكانة ساحة الثورة التي تُعتبر محج ومقصد عشرات العائلات.

قد يصل عدد الوافدين على الساحة في الشهر الواحد إلى 39 ألف زائر، يفضّلون كلّهم شاي برابح والكريبوني والمثلجات وعصير الليمون الذي له نكهة خاصة.

وخلال نزول المساء بساحة الثورة الكور العنابي لاحظنا أنّ الوافدين من مختلف الفئات الاجتماعية والعمرية، يجمعهم حب الراحة والبقاء لساعات تحت ظلال الأشجار التي تحيط بالكور، والتمتع بالنسيم القادم من ميناء عنابة، الذي يقع هو الآخر في الجانب الأيمن منه، فموقع ساحة الثورة مهم جدا في صناعة شهرته؛ لأنه يتوسط قلب عنابة؛ فهو الرئة السياحية التي تتنفس بها.

ما يميز قعدة الكور هو ازدياد الطلب على المثلجات، منها الكريبوني المستخلص من روح الليمون، والوحيد الذي يصنعه بتميز هو برابح، الذي ترك سر المهنة لأبنائه، فمحله مقصد الكثير من الناس، وقد يعرفه كل من يزور بونة، فأوّل ما يحط رحاله بها يقصد محله ويتلذذ بالشاي والكريبوني وحتى العصائر الطبيعية المعبّقة بنكهات مختلفة.

وتختلف أسعار الخدمات المقدّمة من محل لآخر بعد استفادة أصحابها من التوسعة وعملية التهيئة التي تليق بهذه النقاط المفتوحة على تقديم كل ما طاب ولذ للزبون. ولتشجيع السياحة وتنويع الخدمات بعنابة تدخّل الوالي السابق يوسف شرفة لتسوية وضعية المحلات ووضع حد للنزاع الذي كان قائما في وقت سابق؛ حيث كان أصحاب هذه الأكشاك عرضة للطرد، لكن سويت وضعيتهم واستفادوا من برامج التهيئة، وهو ما سمح لهم بتعزيز نشاطهم وتحقيق الربح السريع.

وعلى صعيد آخر، تتميز ساحة الثورة بالهدوء، وقد نجحت مصالح الأمن في توفير الأمن للوافدين وتأمينهم من السرقات والاعتداءات من طرف مجهولين، وهو ما زاد من شهرة وسمعة المكان الذي ذاع صيته. وتم تنصيب أكثر من ألفي شرطي وكاميرات للمراقبة بساحة الثورة وما جاورها لتأمين الكور العنابي، علما أن الجهات المعنية كانت برمجت مشروع ترامواي الذي يعبر ساحة الثورة، إلا أن الدراسة الأولية التي أشرف عليها مكتب أجنبي توصلت إلى أن الترامواي سيضيق الخناق على الكور ويفسد هندسته المعمارية، ولهذا تم توقيف المشروع لأجل آخر.

وأمام وفرة المقومات السياحية بعنابة يبقى الكور شامخا يغطي الجوانب الأربعة للمدينة؛ كيف لا وجامع أبو مروان الشريف يُستأنس به عند كل صلاة، حيث تصدح المآذن بصوت الأذان، خاصة عند الفجر؛ حيث تهرول العائلات بعد هذه السهرات نحو الجامع. كما يوجد في الخلف جامع الباي، وهو مسجد عتيق له عمران إسلامي مستوحى من الحضارة العثمانية. وفي الجهة اليمنى نجد الميناء؛ حيث ترسو السفن والبواخر الحاملة لوفود المغتربين والسياح، وأول ما يشمونه رائحة شاي برابح المعبقة بالنعناع الأخضر، الذي تمتد جذوره من أعالي جبال الإيدوغ الشامخ حارس بونة منذ عهد قديم.