طلبة جامعة العفرون يشيدون بتوجيهات الوصاية
مشاريع ابتكارية تعزّز ريادة الأعمال والاقتصاد الأخضر
- 128
رشيدة بلال
ثمّن طلبة جامعة البليدة 2 “لونيسي” بالعفرون بولاية البليدة، الزيارة التي قادت وزير التعليم العالي والبحث العلمي، السيد كمال بداري مؤخرا، إلى الجامعة، أين اطّلع بدار المقاولاتية، على جانب من الدورة التكوينية المنظمة لفائدة أصحاب المشاريع الابتكارية. والتي قدّم خلالها المسؤول، جملة من التوجيهات والنصائح لبلوغ الأهداف المسطرة، والمتمثلة في تحويل الطالب من باحث عن وظيفة إدارية إلى خالق للثروة ومساهم فعلي في التنمية الاقتصادية.
“المساء” سلطت الضوء على عدد من الملاحظات والتوجيهات الهامة لفائدة الطلبة من أجل بلوغ ريادة الأعمال وترسيخ الفكر المقاولاتي، وعلى الدور المحوري لوكالة “ناسدا” في احتضان المشاريع ودعمها، ونقلت بعض النماذج الناجحة لطلبة برعوا في طرح أفكار ابتكارية خلاقة للثروة.
لفت وزير التعليم العالي والبحث العلمي كمال بداري، عقب الزيارة التي قادته مؤخراً إلى ولاية البليدة، وتحديداً إلى جامعة البليدة 2 لونيسي بالعفرون، انتباه المشرفين على تكوين الطلبة على مستوى حاضنة الأعمال، إلى أهمية أن يكون عدد الطلبة المكوَّنين هو نفسه عدد الملفات المودَعة للاستفادة من الدعم لدى وكالة ناسدا.
موضحا أن وزارة التعليم العالي، ومن خلال تشجيع الطلبة على ولوج عالم الإبداع والابتكار وتقديم مشاريع مبتكرة، والتقرب من الحاضنة للاستفادة من التكوينات، تتطلع إلى رفع عدد المستفيدين من الدعم. وكشف في هذا الإطار أنه على مستوى جامعة البليدة 2 تم تكوين 336 طالب، غير أن عدد المستفيدين من التمويل لم يتجاوز 13 طالباً، في حين يفترض أن يكون العدد متقارباً.
وفي السياق، أشار الوزير إلى أن الملاحظ من خلال زيارته لجامعة البليدة 2، ورغم كونها جامعة للعلوم الإنسانية، إلا أن طلبتها، خاصة الطالبات، وبالنظر إلى حضورهن المكثف في عرض المشاريع، يتمتعن بروح الفكر المقاولاتي، وهو مؤشر إيجابي يعكس الوعي المتزايد بأهمية التوجه نحو ريادة الأعمال.
وذكّر بضرورة أن تكون الأفكار المطروحة قابلة للتسويق وتحتضنها السوق، خاصة على مستوى حاضنة الأعمال، بما يعني إنشاء مؤسسة قائمة على الابتكار، تلبي احتياجات المواطن وتساهم في التنمية المحلية. كما دعا الطلبة والمكوّنين إلى التركيز، عند عرض المشاريع، على نوعية الأفكار المقدمة، التي ينبغي ألا تكون جيدة من وجهة نظر صاحب المشروع فقط، بل أن تتمحور حول المواطن المستفيد منها ومدى حاجته إليها مع مراعاة عامل الزمن والتطور السريع للتكنولوجيا التي قد تقتل الفكرة قبل تجسيدها.
100 طالب تقربوا بحثاً عن التمويل
من جهتها، أكدت حنان بوحفص، المديرة الولائية لوكالة “ناسدا” بولاية البليدة، أن عدد الملفات التي تقدّم أصحابها بمشاريع مبتكرة واستفادوا من التكوين بلغ 80 ملفاً، فيما تجاوزت أكثر من 60 مشروعاً مرحلة اللجنة وحازت على الموافقة، بينما تم تمويل نحو 24 ملفاً استفاد أصحابها من المبالغ المطلوبة للشروع في العمل، مع توقع بلوغ أكثر من 30 ملفاً ممولاً مع نهاية السنة.
وأضافت المتحدثة أن أكثر من 100 طالب تقربوا من الوكالة من أصل 336 طالب تلقوا التكوين على مستوى الحاضنة، مؤكدة أن المساعي متواصلة من أجل تذليل كل العراقيل، ومرافقة وتوجيه الطلبة أصحاب المشاريع
الإبداعية والابتكارية، بما يضمن تقديم قيمة مضافة حقيقية للمجتمع.
مشاريع رسكلة مبتكرة… من النفايات إلى الثروة
لا يزال عالم الرسكلة يثير اهتمام العديد من الطلبة الجامعيين، الذين اختاروا الإبداع في هذا المجال والشروع في تأسيس مؤسسات ناشئة تساهم في تقديم خدمة للاقتصاد الوطني، والحد من البطالة وخلق مناصب شغل.
ومن بين هذه المشاريع، المشروع الذي قدّمه الطالب محمد لمين يسري، ماستر 2، متخرج من حاضنة الأعمال بجامعة البليدة 2، والمتمثل في فكرة مبتكرة غير موجودة في الجزائر، تقوم على دمج مخلفات الخشب والبلاستيك لتحويلها إلى مادة صديقة للبيئة، تُعرف بحبر الخشب الذكي المخصص للطباعة ثلاثية الأبعاد.
وأوضح الطالب أن المخلفات الخشبية غير المستغلة، سواء لدى الفلاحين أو ورشات النجارة أو المؤسسات الصناعية، والتي غالباً ما تُرمى وتُصنّف كنفايات، يمكن تحويلها إلى ثروة حقيقية من خلال إعادة تدويرها ودمجها بالبلاستيك، وهو من المواد صعبة التحلل والتي تمثل أحد أكبر التحديات البيئية. وتُستعمل المادة المنتَجة في مجالات التجميل، البناء والتعمير، وتزيين الواجهات والمنازل.
ويمتاز هذا المشروع، حسب صاحبه، بتقديم مادة أقل تكلفة من البلاستيك التقليدي، وأكثر أماناً عند الاستعمال، خاصة على الأطفال، وصديقة للبيئة، كما أنها قابلة لإعادة الرسكلة بعد نهاية مدة استعمالها. ويمكن، يضيف المتحدث، إدراج مواد عطرية وألوان ذكية تتغير حسب الحرارة أو الطاقة، ما يزيد من قيمتها التسويقية.
وأكد الطالب أنه تمكن في المرحلة الحالية من تصميم نماذج أولية ناجحة أثبتت قابلية الدمج بين مخلفات الخشب والبلاستيك، وتوفر معايير السلامة الصحية.
وعن طموحه المستقبلي، أوضح يسري، أنه لا يفكر في بيع فكرة مشروعه، بل يطمح إلى تجسيد المشروع ميدانياً من خلال فتح ورشة خاصة، وتوظيف عدد من العمال، والاعتماد على الطباعة ثلاثية الأبعاد لإنتاج صفائح صديقة للبيئة تساهم في تحسين المظهر الخارجي للمدن وداخل المنازل.
مشروع تطبيق ذكي لربط الورشة الثابتة والمتنقلة
كما حظي مشروع الطالبين لقمان خضراوي وعبد الرحمان حمادي، تخصص محاسبة وجباية، باهتمام وزير التعليم العالي، لكونه يستجيب لحاجة مجتمعية ملحّة، تتمثل في صيانة السيارات بطريقة ذكية.
وأوضح الطالب لقمان خضراوي، في معرض حديثه مع “المساء”، بأن المشروع يقوم على تطبيق ذكي يربط بين الزبون والورشة الثابتة والورشة المتنقلة، حيث يتيح لصاحب المركبة، في حال تعطلها، طلب الخدمة بسرعة دون عناء البحث عن ميكانيكي أو انتظار موعد. وتتكفل الورشة المتنقلة بالتدخل في الحالات البسيطة، بينما يتم توجيه الزبون إلى الورشة الثابتة في حال الأعطال التي تتطلب وقتاً أطول.
ويتيح التطبيق للزبون إمكانية متابعة كل ما يخص مركبته من صيانة وإصلاحات، دون الحاجة إلى تسجيل المعلومات يدوياً، ما يوفر الوقت والجهد، ويضمن خدمة أكثر تنظيماً وشفافية. وأكد الطالب أن المشروع، رغم بساطته الظاهرية، يعالج مشاكل يومية يعاني منها المواطنون، خاصة النساء، اللواتي يواجهن صعوبات في التعامل مع أعطال السيارات، ما يجعل من هذا الابتكار حلاً عملياً يخدم المجتمع، وهو الهدف الأساسي من المشاريع الابتكارية.