يواصلون حياتهم بشكل عادي

مسنون يتحدون الزمن ولا يتخلون عن العمل

مسنون يتحدون الزمن ولا يتخلون عن العمل
  • القراءات: 404
ق. م ق. م

اختار العديد من الأشخاص المسنين في ولاية البليدة، مواصلة العمل، بالرغم من تقدمهم في السن، لإعالة أنفسهم، أو تمضية الوقت بدل البقاء طيلة اليوم دون القيام بأي نشاط، فعلى عكس المسنين الذين أقعدتهم ظروفهم الصحية، أو اختاروا المكوث في البيت طيلة اليوم، فضل آخرون من الجنسين مواصلة حياتهم بشكل عادي، بمحاولة ملء فراغهم، وحقيقة تم الوقوف عليها عشية إحياء اليوم الوطني للمسنين المصادف ليوم 27 أفريل الماضي من كل سنة. ومن بين هؤلاء؛ عمي أحمد، صاحب سيارة أجرة، الذي اختار مواصلة العمل عقب إحالته على التقاعد، بالرغم من تجاوز سنه الـ 70 عاما، مؤكدا أنه لم يتقبل رتابة الحياة اليومية التي فرضت عليه، بعد وصوله إلى آخر محطة من مشواره المهني، وقرر الخروج للعمل.

قال عمي أحمد؛ إنه بعد مشوار طويل بإحدى المؤسسات العمومية، أحيل على التقاعد، الأمر الذي غير برنامجه اليومي بالكامل، وأضحى يقضي يومه الطويل ما بين المنزل والسوق والمسجد، وهو الروتين الذي لم يستطع مواصلته وأثر على حالته النفسية. أضاف المتحدث، أن صديقا له نصحه بالعمل، كونه الحل الوحيد للخروج من الدائرة التي وجد نفسه عالقا فيها، ليختار ممارسة مهنة سائق سيارة أجرة باعتباره نشاط لا يحتاج إلى جهد كبير، فإلى جانب ملء وقت فراغه، ساعده هذا العمل على تحسين أوضاعه المادية، بالإضافة إلى ربط صداقات جديدة، كما أشار إليه، ناصحا المتقاعدين بالبحث عن عمل جديد للخروج من دوامة الفراغ التي يجد كل شخص نفسه عالقا فيها بعد التقاعد. وإذا كان الدافع وراء مواصلة السيد أحمد العمل، بالرغم من تقدمه في السن، هو ملء أوقات فراغه، فإن خروج خالتي باية للعمل، كان بدافع الحاجة لإعالة نفسها وأبناء وحيدها المتوفي.

قالت هذه السيدة التي تتخذ حيزا صغيرا من سوق "بلاصة العرب"، الواقع وسط المدينة لبيع "العجار" (قطعة قماش تغطي نصف الوجه)، بالإضافة إلى بيع الشعير والكسكس المفتول يدويا، إنها وجدت نفسها مجبرة على العمل عقب وفاة ابنها الذي كان معيلها الوحيد. قالت خالتي باية المحبوبة من طرف الجميع، كما وقفت عليه بهذا السوق، بأن لديها زبائنها الأوفياء، لاسيما النساء اللواتي يقصدنها حتى من الولايات المجاورة، على غرار تيبازة والجزائر العاصمة، مشيرة إلى أنه رغم تقدمها في السن، حيث قاربت 80 سنة، إلا أنها مجبرة على العمل لإعالة نفسها وعائلتها.

بدورها، لاتزال إحدى المسنات البالغة من العمر 75 سنة، والمعروفة في المدينة بتخصصها في تحضير "الرشتة" ومختلف أنواع المعجنات التقليدية، تزاول هذا النشاط الذي ورثته عن جدتها ووالدتها، لمساعدة عائلتها ودعم حالتها المادية لها. فرغم إصابتها بمرض السكري الذي أنهك جسدها، إلا أنها لاتزال متمسكة بمزاولة هذا النشاط، وتؤكد على أنها لم تتجاوب مع طلب أبنائها الأربعة، الذين نصحوها بالتوقف عن العمل، حفاظا على صحتها، لأن أوضاعهم المادية لا تسمح لها بذلك. بالنسبة لهذه الأرملة التي تعيش رفقة ابنيها المتزوجين وأحفادها، فإن أفضل أوقات يومها ـ كما تقول ـ هي الفترة التي تقوم فيها بتحضير "الرشتة" التي يكثر عليها الطلب في الأعياد والمناسبات الدينية خاصة، وكذا "المعارك" و"الكسكس"، مشيرة إلى أنها تشعر بالتعب في حالة عدم القيام بأي عمل وليس العكس.