يُعدّ أقدم مسجد ببلدية أولاد أعطية

مسجد "لغزاغزة" شاهد على عراقة سكيكدة

مسجد "لغزاغزة" شاهد على عراقة سكيكدة
  • 71
بوجمعة ذيب بوجمعة ذيب

تزخر ولاية سكيكدة بالعديد من المعالم التاريخية والآثار التي تؤرّخ لعراقة المنطقة الضاربة جذورها في عمق التاريخ القديم والحديث. ومن بين تلك المعالم التي نادرا ما سُلّطت عليها الأضواء، مسجد منطقة "لغزاغزة" بقرية "لمقاتل الجمعة" ببلدية أولاد أعطية أقصى غرب سكيكدة، الذي يُعدّ حسب الأهالي، من بين أقدم وأعرق المساجد بالمنطقة بعد مسجد "تيزغبان" الذي شُيّد سنة 1942، وكان أوّل مسجد تُقام فيه صلاة الجمعة بإمامة الشيخ المرحوم ابن عبادة، أحد خريجي جمعية العلماء المسلمين الجزائريين، وهو مايزال قائماً إلى اليوم، بعد أن جُدد ترميمه.

حسب بعض المصادر التي جمعتها "المساء"، فمسجد "لغزاغزة" شُيّد سنة 1915. ويُعد أوّل مسجد تُقام فيه صلاة الجمعة بأولاد عطية بعد مسجد "تيزغبان"، فيما تشير روايات أخرى متطابقة، إلى أنّ أوّل إمام صلّى بالناس فيه، كان من عائلة مومن. وخلال الحقبة الاستعمارية تعرّض المسجد للقصف؛ ما أدّى إلى تهدّمه بالكامل، ليبقى محرابه إلى يومنا هذا، يحافظ على هيئته الأصلية. ولعب مسجد "لغزاغزة" دورا كبيرا في تعليم سكان كلّ المنطقة، وتحفيظهم القرآن الكريم، وكذا الحفاظ على الهوية الوطنية، لا سيما اللغة، والدين، اللذان حاولت فرنسا طمسهما. كما لعب دورا كبيرا إبّان الثورة التحريرية الكبرى؛ حيث كان يلجأ إليه الثوار؛ ما دفع بالعدو الفرنسي الغاشم، إلى قصفه.

دور ريادي في مواجهة طمس الهوية 

للإشارة، تزخر منطقة أولاد أعطية أقصى غرب سكيكدة، بالعديد من المساجد العتيقة قبل 1944، من بين أهمّها حسب العديد من مصادر "المساء"، الجامع الكبير بلعوينات بطريق "الخطرية" ، الذي شُيّد قبل سنة 1930، وكان يُعرف باسم جامع المائة لوحة؛ نظرا لكثرة ألواح القرآن التي كانت تُدرّس داخله. كما ارتبط اسمه بعائلة "كريم" التي اشتهرت، عبر الأجيال، بتحفيظ القرآن، ونشر علومه، لكنّ مع مرور الوقت والزمن وعوامل الطبيعة، اندثر أثره، وزالت معالمه. 

كما عرفت المنطقة خلال الفترة الممتدة ما بين 1930 و1944، بناء العديد من المساجد التي تحوّلت إلى جانب أداء فرائض الصلاة، إلى مراكز للتعليم الديني، ومقاومة الطمس الثقافي الذي اعتمده الاستعمار في المنطقة. ومن بين أهم تلك المساجد مسجد "تادن" بمنطقة "آخرطون" بإقليم بلدية وادي الزهور، ومسجد "بولعتب" بالولجة بوالبلوط، والمسجد العتيق بوادي الجبل، ومسجد "مجالد" بخناق مايون، إلى جانب مسجد الجامع بأولاد "عومر"بالشط الولجة بوالبلوط.

الحاجة إلى اهتمام الجهات المعنية

وتبقى تلك المعالم الدينية العتيقة بالمنطقة، بحاجة ماسّة إلى اهتمام الجهات المعنية، مجتمعة في مديريات الشؤون الدينية والأوقاف، والثقافة، والسياحة، بما يليق بمكانها؛ لأنّها تمثّل إحدى الشواهد الحيّة على الدور الذي لعبته المؤسّسة المسجدية في الحفاظ على الدين خلال التواجد الاستعماري ببلادنا، بل أكثر من ذلك، لم تكن مكانا للعبادة فحسب، بل امتدّت إلى التعليم والحفاظ على اللغة، وكذا ونشر الوعي، وملجأ الثوار. وبإمكانها أن تساهم في إنعاش السياحة الدينية أو التثقيفية، وأن تتحوّل، أيضا، إلى مقصد للباحثين؛ ما يزيد حركية أكثر على المنطقة، التي تُعدّ جنّة الله في الأرض.