عائشة زكراوري حرفية في صناعة الزرابي من ولاية خنشلة

مزجت بين الإرث الشاوي وطبيعة تمنراست

مزجت بين الإرث الشاوي وطبيعة تمنراست
  • القراءات: 1462
 رشيدة بلال رشيدة بلال
خوف السيدة عائشة زكراوري، حرفية في صناعة الزرابي من ولاية خنشلة، من زوال بعض المصنوعات اليدوية التقليدية، دفعها إلى البحث عن سبل إنعاشها وإعادة الاعتبار لها من خلال التمسك بها، والمشاركة بقوة في كل المعارض التي تقام على المستوى المحلي والوطني، حيث تقول؛ «إن من لا تقاليد له لا ماضي له يفخر به».
لم تتخصص الحرفية عائشة في صناعة الزرابي فحسب، بل اجتهدت لتتعلم منذ نعومة أظافرها العديد من الحرف التقليدية التي تميز الولاية، على غرار صناعة البرنوس والقشابية والأواني الفخارية، تقول؛ «كانت المرأة الريفية فيما مضى هي المسؤولة عن  تعمير منزلها بما تعده أيديها، فلا يخفى عليكم أن الزرابي التي كنا ننسجها لمدة أشهر نعدها لموسم البرد حتى نتدفأ بها، بعضها يستعمل للغطاء والآخر تفترشه  في المنازل، وكانت عروس خنشلة لا تدخل بيت زوجها إلا وهي مجهزة بالزرابي مختلفة الأحجام والألوان، كما كنا نعد ‘البرانيس’ للرجال لمواجهة قساوة برد فصل الشتاء، وكانت لدينا مقولة مشهورة مفادها «أن المرأة التي لا تتمكن من نسج ‘برنوس’ لزوجها ليست أصيلة».
التنوع الكبير في الموروث التقليدي الخاص بصناعة الزرابي في الجزائر يجعل  التمييز بينها صعبا، غير أن محدثتنا تكشف عن بعض الخصوصيات التي يمكن من خلالها التعرف على الزربية الخنشلية، حيث تقول: «المرأة الخنشلية تستلهم الأشكال والرسوم من الطبيعة التي تنتمي إليها، والرموز من الأشجار أو الأحجار أو الحيوانات، أما بالنسبة للألوان فكانت من اختصاص الصباغ الذي يتولى تغيير لون الخيوط المعدة من الصوف تبعا للطلب، وهي عموما ألوان طبيعية تستخرج من ثمرة الرمان أو التفاح والمسواك».
تعذر على الحرفية عائشة البقاء في مسقط رأسها بولاية خنشلة، حيث تنقلت إلى ولاية تمنراست، وبعد أن مكثت مدة من الزمن واطلعت على ما تزخر به الولاية من تنوع في الصناعات التقليدية، دفعها إلى تعلم بعضها، غير أن غياب الصناعات المعدة من مادة الصوف في الولاية دفعها إلى التفكير في تعليم النساء والفتيات الراغبات ما تعرفه، وأبدعت في نفس الوقت بعرض الزرابي بوجه جديد بعدما مزجت بين الأشكال التي ترمز إلى تقاليد تمنراست على الصوفية منها التي تنسجها.
شغف الحرفية عائشة بكل ما هو تقليدي تفوح منه رائحة العراقة والأصالة، جعلها ترمي بثقل ما تعلمته على ابنتها التي كانت بدورها مهتمة بالصناعة التقليدية، وفي النتيجة، حصلت الحرفية عائشة على محل من غرفة الحرف قصد ممارسة النشاط لتتعمق بذلك رسالتها.
ومن أكثر الإشكالات التي تواجه الزربية التقليدية المصنوعة من مادة الصوف، حسب محدثتنا؛ العزوف عن اقتنائها بسبب غلائها، إذ يصل سعرها في بعض الأحيان إلى 20 مليون سنتيم، بسبب الجهد الذي يبذل في إعدادها لأنها تعتمد في مراحل إنجازها على العمل اليدوي، الأمر الذي يتطلب مدة تجاوز السنتين للانتهاء منها.