فيما تحصد الطرقات الكثير من الأرواح

مدارس السياقة تعزو الظاهرة إلى عدم احترام القانون

مدارس السياقة تعزو الظاهرة إلى عدم احترام القانون
  • القراءات: 1294
رشيدة بلال رشيدة بلال
تشير مختلف الإحصائيات المسجلة لدى مصالح الدرك الوطني  والشرطة إلى أن إرهاب الطرقات الذي أصبح يحصد يوميا أعدادا كبيرة من الأرواح، يعود بالدرجة الأولى إلى العنصر البشري، الأمر الذي يقودنا إلى التساؤل، هل العيب في مدارس تعليم السياقة التي لم تعد تقدم تكوينا نوعيا، أم يكمن في عوامل أخرى؟
أجمع المواطنون الذين تحدثت إليهم "المساء" على أن السبب الرئيسي الذي يقف وراء تنامي حوادث السير هو افتقار السواق من فئة الشباب تحديدا، إلى تكوين حقيقي يسمح لهم بالتحكم في المركبة، بدليل أن عددا كبيرا منهم يجهل أبجديات قانون المرور الذي يعتبر الخطوة الأولى لفهم ماهية السياقة، فيما حمل البعض الآخر من المستجوبين، مدارس تعليم السياقة المسؤولية من منطلق أن تسليم شهادة النجاح في مختلف امتحانات القيادة تحول إلى عملية تجارية، يكفي فيها أن يدفع المتعلم مبلغا معينا ليحصل على رخصة القيادة دون الحاجة إلى قراءة القانون.
غير أن الجولة التي قادت "المساء" إلى بعض مدارس السياقة كشفت عن بعض الحقائق التي تجعل المتعلم وحده  يتحمّل المسؤولية، وهذا ما حدثنا به جمال لعراب، معلم سياقة بالقول "حقيقة هنالك بعض مدارس تعليم السياقة لا تقوم بدورها كما يجب، حيث يكفي أن يدفع المتعلم المبلغ المطلوب ليكون النجاح في الامتحانات مضمونا، لكن المطلوب غير ذلك، فالمفترض أن معلم السياقة عند اللقاء الأول مع المتعلم يجري معه دردشة بسيطة ومنذ اللحظة الأولى يكتشف ما إن كان المتعلم يرغب فقط في الحصول على الرخصة، أم أنه جاء لتعلم قانون المرور، ومن هنا على المعلم أن يحدد الإستراتيجية التي ينبغي أن يعمل بها لتغيير عقلية المتعلم، وجعله يقتنع بأن الحصول على شهادة السياقة يتطلب منه بذل جهد لفهم قانون المرور أولا والتحلي بالكثير من القواعد الأخلاقية التي تمكنه من احترام غيره، لأن احترام الغير يعد السبيل الأول لاحترام القانون، فمثلا على مستوى مدرستي يمنع على المتعلم ارتداء قبعة أو لباس رياضي أو انتعال "بلغة" للتعلم، حيث أطلب منه أن يكون في هيئة مقبولة لتلقي دروس يحتاجها في حياته اليومية".
السياقة تربية قبل أن تكون شهادة ـ حسب محدثنا - وبالتالي، فإن "المطلوب من المتعلم أن يندفع للسؤال عن نوعية الدروس، وكل ما يجب أن يعرفه عن قانون المرور، وعن المركبة قبل تجريبها، وتعتبر آخر مرحلة، ولكن ما نلاحظه لدى البعض هو العكس، بدليل أنهم يتطلعون من الحصة الأولى للحصول على الرخصة فقط، وهذه الفئة بالذات هي المسؤولة بالدرجة الأولى عن الحوادث التي تقع اليوم.
ما أريد أن أؤكد عليه ـ يقول محدثنا ـ"أن بعض مدارس السياقة تتحمل مسؤولية الحوادث التي تقع، كونها تتاجر بأرواح سواق المركبات ببيع الرخص إن صح التعبير، ومن جهة أخرى، أعتقد أن افتقار بعض الشباب للقيم الأخلاقية يجعلهم ينسون ما تعلموه بمجرد الحصول على الرخصة لأنهم منذ اليوم الأول يكشفون عن نيتهم في الحصول على الرخصة ولا يهمهم إن طبق قانون المرور أم لا".

تباين الأثمان وراء تدهور التعليم بمدارس السياقة
أرجع البعض الآخر من معلمي مدارس السياقة تنامي حوادث السير إلى تباين الأسعار بين مدارس السياقة التي لا تخضع للرقابة، ففي الوقت الذي تحدد فيه بعض المدارس المبلغ بـ150٠0دج، تحدد أخرى مبالغ الاشتراك بـ20 ألف دج، فيما تعتمد أخرى على ما يمكن للمتعلم دفعه من دون تسقيف. وأمام فوضى الأسعار، يقول وليد، معلم سياقة "نجد أن المتعلم لا يهتم بالتعلم بقدر ما يهمه البحث عن الثمن الأقل، ما يعني الحصول على رخصة سياقة بأقل ثمن، دون الاهتمام بقانون المرور الذي يعتبر القاعدة الأولى التي ينبغي للمتعلم السعي وراءها، وهو الأمر الذي يفسر تحول رخصة السياقة إلى عملية تجارية، ومنه تدهور الأمور وتنامي حوادث السير التي أصبحت تحصد الكثير من الأرواح لأن السائق لم يحترم السرعة المطلوب الالتزام بها، أو أنه لم يتقيد بقاعدة الأولوية أو مارس التجاوز الخطير".

المدارس تلقن قانون المرور وليست مسؤولة عن التربية
من جهته، يحمل يزيد رقيقي مسؤولية تنامي حوادث المرور للمتعلم بحد ذاته فيقول "مدارس تعليم السياقة تلتزم ببرنامج تعليمي معتمد من وزارة النقل من حيث ضبط ساعات التعلم ومواعيد الامتحانات، ونراعي كمدرسة، التأكيد على قانون المرور كدروس نظرية، وكيفية تجسيدها على أرض الواقع، وفي كل هذا وذاك يخضع المتعلم إختبار لا يحصل فيه على الرخصة إلا بعد تحقيق النجاح في مختلف المراحل، وبعد حصوله على الرخصة، تنتهي مهمة المدرسة التي من المفترض أنها قدمت له ما يجب، وعليه " فالمسؤولية اليوم عن تنامي حوادث السير برأيي كمعلم يملك خبرة تزيد عن 13سنة تعود إلى التربية، فعلى الرغم من أننا ننبه المتعلمين إلى أن السياقة تربية قبل كل شيء، لكن بعض الشباب لا يملكون أدنى قواعد التربية، وبالتالي المطلوب اليوم أن يتحلى كل من يملك رخصة سياقة بأخلاق عالية وأن يحترم القانون.