من أجل تكفّل ومرافقة فعّالة للمرضى وأوليائهم

مختصون يدعون إلى مستشفى خاص بالأطفال

مختصون يدعون  إلى مستشفى خاص بالأطفال
  • 1596
نور الهدى بوطيبة نور الهدى بوطيبة

شدد الدكتور محمد حملاوي، مختص في طب الأطفال، على ضرورة إنجاز مستشفى خاص بالأطفال يحوز على مختلف التخصصات، مشيرا إلى أن أقسام طب الأطفال المتواجدة على مستوى المستشفيات غير كافية، لاسيما أن الأولياء باتوا يعانون مع أطفالهم شقاء التنقل من قسم إلى آخر بين المستشفيات لعلاج فلذة أكبادهم. ودعا الدكتور خلال مداخلته في اليوم التحسيسي الذي نظم مؤخرا، بمناسبة اليوم العالمي للأمراض النادرة، السلطات المعنية إلى ضرورة جمع مختلف المصالح الطبية المتعلقة بالأطفال داخل هيئة استشفائية واحدة، وهذا في إطار إيمائة إنسانية من أجل التخفيف من معاناة الأولياء في البحث بين مستشفى وآخر عن كل التخصصات المرتبطة بصحة أطفالهم، حيث قال: "نحن البلد العربي المسلم الوحيد الذي لا يحوز على مستشفى خاص بأمراض الأطفال".

وشدد المتحدث أن وحدة خاصة بالأطفال داخل مستشفى تعد غير كافية لتكفل أمثل بالأطفال ومرافقة فعالة لأوليائهم، حيث قال إن إنشاء مستشفى الأطفال كمؤسسة تعليمية وبحثية ومجتمعية تنشد إلى تحقيق التميز والريادة في مجال البحوث الطبية والتعليم وخدمة المجتمع من خلال تفاعلها الديناميكي والمرن مع المرضى وأوليائهم، جد ضرورية، وعليها أن تعتمد على تبني عملية التخطيط الإستراتيجي المنظم الذي يضمن لها تكامل الجهود للعمل على التنسيق بين مختلف الوحدات العلاجية في مختلف التخصصات، تدعيما للوحدات المختصة في أمراض الأطفال المتواجدة عبر المستشفيات والتي لم تعد قادرة على التكفل بكل المرضى من مختلف مناطق الوطن. وأشار المختص في طب الأطفال إلى أن العيادات الخاصة على المستوى الوطني التي زارها تستقبل مرضى من كل القطر الوطني من فئة حديثي الولادة إلى 16 سنة الذين يعانون من الأمراض بأنواعها، مبرزا أن تلك الهياكل الصحية أضحت "غير قادرة" على استيعاب العدد الهام من هذه الشريحة من المجتمع ما يستوجب - حسبه - إنجاز مستشفى كبير للتكفل بهم.

الدعوة لرسكلة الرصيد العلمي للأطباء المرتبط بالأمراض النادرة

وقد شدد المتحدث على انه لا تزال الأمراض النادرة المرتبطة بالأطفال تفتقد للاهتمام والتشخيص الكافيين" في الجزائر، ويعد من الصعب على الأولياء أن يجهلوا ما هو المرض الذي يعاني منه أطفالهم، واسم ذلك الداء وطريقة الوقاية منه، التكفل به وعلاجه، مشيرا إلى أنه ليس من المعقول أن يسأل الولي طبيب طفله ليرد عليه بمصطلح "لا نعرف"، أو لا يمكن تحديد ذلك، حيث قال: "نحن واعون أن تلك الأمراض النادرة لا يصادفها الطبيب يوميا وإنما تكون حالة من 2000 حالة أحيانا، إلا أن الندرة لا تعني الجهل، وعلى هذا يتطلب من كل مختص التكوين لمعرفة أعراض مختلف الأمراض النادرة، طرق تشخيصها، الوقاية منها، ومن ثم علاجها. وأضاف قائلا: "على السلطات المعنية، وعلى رأسها وزارة الصحة، وضع إستراتيجية فعّالة لتنظيم أيام تحسيسية للمهنيين في مجال الصحة بالأمراض النادرة وأثرها على حياة المرضى في الجزائر والمشاكل المرتبطة بهذه الأمراض التي لا تحظى بالاهتمام والتشخيص الكافيين إلى حد الساعة. وأشار الدكتور محمد حملاوي إلى أن الجزائر تضم ما بين مليونين ونصف مليون شخص يعانون من الأمراض النادرة، وتمت الإشارة إلى أن 75 بالمائة من هذه الأمراض تصيب الأطفال، وعادة ما تكون هذه الإصابات مزمنة وتؤدي إلى إعاقة إذا لم يتم التكفل بها في الآجال المحددة، وبالطريقة الصحيحة.

أهمية مرافقة أولياء المرضى..

ودعا المختص إلى ضرورة إيلاء أهمية للتكفل النفسي بأولياء الأطفال الذين يعانون من مرض مزمن، لاسيما تلك التي تسبب إعاقات وتستدعي اهتمام ورعاية مدى الحياة، حيث قال المختص: "لا غرابة في أن تكون إعاقة الابن صفعة عنيفة لكيان الوالدين والأسرة ككل إذ تنسف آمالهما وتشكل مأساة حقيقية لهما، فإذا كانت تربية الأطفال مهمة صعبة وشاقة، فإن تربية الطفل المعاق أكثر صعوبة ومشقة، وبالتالي نتوقع تعرض الوالدين لردود فعل عصبية تعرضهم للانشغال المستمر، التوتر، القلق، الحزن والأسى، فضلا عن تعرضهم للمشكلات المادية والأسرية. وشدد على أهمية المرافقة النفسية من أجل التخفيف من الانعكاسات السلبية التي تنجم عن ذلك وتفادي إصابة أهالي الضحايا بانهيارات عصبية وأمراض نفسية عديدة. من جهة أخرى، أوضح الدكتور أن الأولياء الذين يعاني أطفالهم من مرض يستدعي نقلهم بين مستشفى وآخر ليست لهم تغطية من قبل الضمان الاجتماعي فيما يتعلق بالغيابات المستمرة عن العمل، ما يجعلهم يضطرون إلى الاستقالة أو يطردون من وظيفتهم، الأمر الذي يسبب لهم من جهة أخرى العجز عن تغطية تكاليف العلاج في ظل غياب المدخول، وكل ذلك مجموعة من المشاكل التي لابد من التدقيق فيها والبحث عن حلول لها.

الأمل قائم وسط الحركات الجمعوية..

وفي الأخير قال الدكتور إن التهميش الذي يعاني منه المرضى وأهاليهم، دفع بعضهم إلى تأسيس جمعيات خاصة بأولياء الأطفال المصابين بمختلف تلك الأمراض النادرة، بهدف التواصل وطرح المشاكل التي يعانون منها كأولياء وتبادل الخبرات في التعامل مع هذه الفئة من الأطفال والمعاناة التي تواجهها العائلات في حالة اكتشاف إصابة ابن لها بأحد هذه  الأمراض الغامضة،  رافضين الاستسلام ويبحثون دوما عن الأمل لعلاج أطفالهم.