يوم دراسي احتضنته جامعة الجزائر "2"
مختصون في علم النفس الاجتماعي يشرحون واقع المسنين

- 3009

شكل موضوع مشاكل المسنين في الجزائر واقع وآفاق محور يوم دراسي احتضنته جامعة الجزائر "2"، سلط فيه مختصون في علم النفس الاجتماعي الضوء على أهم المتاعب النفسية والحياتية التي تعانيها هذه الشريحة من حيث العناية والتكفل لضمان حياة أفضل، حمل شعار "ضمان تكفل نفسي اجتماعي... واقع أفضل لحياتهم".
أشارت الأستاذة لويزة فرشان، مديرة اليوم الدراسي في كلمتها الافتتاحية، إلى أن السبب في اختيار موضوع المسن للنقاش والبحث عن حلول لمختلف مشاكلهم النفسو اجتماعية، هو تواجد عدد كبير من المسنين في المجتمع الجزائري يعيشون حياة التهميش واللامبالاة، في ظل قلة المراكز التي لا تحوي هي الأخرى مختصين للتكفل بهذه الشريحة، انطلاقا من هذا تقول: "كان لابد من لفت الانتباه إلى ما تعانيه هذه الفئة سواء الموجودة داخل المراكز أو خارجها من التي لا تجد نواد تذهب إليها وتظل قابعة في المقاهي، الأمر الذي عمق من شعورهم بالإقصاء في ظل وجود ما يسمى بصراع الأجيال الذي افقدهم القدرة على التواصل وساهم في عزلتهم وعزز انتشار بعض الأمراض، مثل الزهايمر.
مراكز المسنين هياكل للأكل والشرب والنوم
اختار المختص النفساني جمال عفرون لدى تدخله، محاضرة تحت عنوان "المظاهر السلوكية للتعصب لدى المسنين"، والتي انطلق فيها من دراسة ميدانية بمراكز الشيخوخة الموجودة في كل من باب الزوار، دالي إبراهيم وسيدي موسى، حيث أكد أن المعاينة الأولية أفادت أن أغلب المسنين يختارون زوايا معزولة بالمركز للجلوس في عزلة رغم أنهم يعيشون مع فئات تقاربهم في السن وتحمل تقريبا نفس انشغالاتهم، مما يعني أن المسنين من الجنسيين يفضلون داخل المراكز الانعزال، الأمر الذي يقودنا ـ يقول ـ إلى طرح السؤال، لماذا؟
يجيب المختص جمال بأن السبب في اختيار العزلة هو ضعف التكفل النفسي الاجتماعي بالمسن داخل المركز، حيث يجري التركيز على ضمان مأكله ومشربه وحصوله على نوم هادئ، بينما يغيب التواصل، الأمر الذي يقودهم إلى اكتساب سلوكات عدوانية تعصبية، انطلاقا من هذا، يضيف: "تم طرح إشكالية التكفل والعناية الاجتماعية، حيث تبين لنا أن هناك غياب للبرامج التي يفترض أن تخلق جوا تواصليا بين المسنين، خاصة أن أغلبهم من المثقفين، باستثناء بعض النشاطات المحصورة في بعض المناسبات كالأعياد، من أجل هذا اقترحنا إعادة النظر في البرامج التي يجري شغل وقت المسنين بها على مستوى المراكز، من خلال توظيف مختص النفس الاجتماعيين الذين لديهم دور كبير في إخراج المسنين من حالة العزلة من خلال برامج تعتمد على النوعية، وتجعل هذه الشريحة بمثابة مرجع يستفاد من خبراتهم الحياتية، إلى جانب الدعوة إلى تفعيل برامج مشتركة بين المراكز".
المسن يكافح للحفاظ على مكانته الاجتماعية
من جهتها، اختارت طالبة الماستر ليلى مقراني أن تقدم مداخلة حول المكانة الاجتماعية للمسن في المجتمع الجزائري، حيث كشفت من خلال دراسة ميدانية لعدة حالات، عن أن المكانة الاجتماعية للمسن في المجتمع المعاصر تراجعت بعدما انتقلنا من الأسرة الكبيرة إلى الأسرة النووية، الأمر الذي أثر على دور المسن، فبعدما كان هو المسؤول الأول بالأسرة يرجع إليه لاستشارته في كل الأمور، أصبح دوره اليوم جد مقلص، إن لم نقل أصبح مهمشا.
من جهة أخرى، أكدت الطالبة في ورقتها البحثية أنه على الرغم من تقلص دور المسن، غير أن العادات والتقاليد التي تحكم المجتمع لا تزال تحفظ له بشيء من القدسية، حيث تقول: "تبين لنا من خلال الحالات التي تمت معاينتها أن الأبناء رغم أنهم مستقيلون ويعيشون في منازل منفردة، غير أنهم يرجعون في كثير من الأحيان لطلب النصيحة من الآباء، وهو ما يعني أن دورهم رغم تراجعه لا يزال موجودا، وهو مؤشر إيجابي".
قدمت الطالبة ليلى، عينة لسيدة عجوز تجاوزت عتبة الثمانين، غير أنها رفضت التخلي عن مكانتها الاجتماعية وظلت محافظة عليها، حيث يرجع لها أفراد الأسرة في كل كبيرة وصغيرة، وهذا يدل ـ تقول المختصة ـ "أن المسن يشعر بما حوله ومدرك بكل المتغيرات التي تحيط به، ويأبى أن يتم التخلي عنه ببساطة ويكافح ليظل دائما حاضرا".
الجهل بالقوانين رفع معدلات الاعتداء على المسنين
ربطت المختصة في علم النفس الاجتماعي صورية قاسمي، للتأكيد على ضرورة حماية فئة المسنين من مختلف الاعتداءات بين الشرطة والمسن في محاضرتها، على اعتبار أن مصالح الأمن دائما هي التي تتدخل لحماية هذه الشريحة ضد مختلف الاعتداءات التي تطالها سواء داخل الأسرة أو في الشارع، حيث أكدت أن للشرطة دور كبير في معاينة مختلف الاعتداءات التي غالبا ما تقود إلى أروقة المحاكم ويزج بالمعتدي في السجن سواء كان من أقارب المسن أو أجنبي عنه. وأرجعت المختصة تفاقم الاعتداءات على المسنين إلى الجهل بالقوانين التي تحمي هذه الشريحة، حيث يجهل الأغلبية أن هناك قوانين صارمة تعاقب بسجن المعتدي، حتى وإن كان من أفراد العائلة، الأمر الذي يجعلهم بعد تقديم الشكوى تفاجئ المعتدين بزجهم في السجون، مؤكدة أنه من خلال الدراسة الميدانية على مستوى بعض مراكز الشرطة، تبين أن عدد الشكاوى المقدمة من المسنين على مستوى العاصمة تفوق بكثير تلك الموجودة على مستوى المراكز خارج العاصمة، مما يعني أن حالات الاعتداء على المسنين كبيرة على مستوى المدن الكبرى وتكشف أيضا عن وعي المسنين بحقوقهم في الحماية، على خلاف الولايات الداخلية التي لا يزال فيها المسن محافظا على مكانته الاجتماعية ويحضا بالاحترام والتقدير.
وعلى صعيد آخر، دعت المختصة النفسانية إلى ضرورة توعية المسنين بحقوقهم التي يكفلها القانون في مجال الحماية، لتفادي الإساءة أو تعرضهم للإهانة في هذه المرحلة الحساسة من العمر التي يحتاج فيها المسن إلى عناية خاصة.