عاشوراء مناسبة لا يستغنى عنها

محلات وأسواق قسنطينة الشعبية تتفنن في عرض «القشقشة»

محلات وأسواق قسنطينة الشعبية تتفنن في عرض «القشقشة»
  • القراءات: 2300
ح.شبيلة ح.شبيلة

تفنّنت الأسواق الشعبية بعاصمة الشرق وحتى المراكز التجارية، في طريقة عرضها لمختلف أنواع المكسرات والحلوى والتمور، إلى جانب التين المجفف، يتم اقتناؤها كإشارة ودلالة على الاحتفال بيوم عاشوراء، حيث تتشارك العائلات القسنطينية في طريقة وكيفية الاحتفال بهذه المناسبة التي لازالت تحافظ عليها وتكتسي مكانة مميزة في المجتمع، لما لها من دلالات هامة.

تعودت العائلات القسنطينية على إحياء المناسبات الدينية بممارسة بعض العادات والتقاليد المتوارثة عن الأجداد، ولعلّ عاشوراء من أهمها، فبين التمسّك بالصيام والاقتداء بسنة المصطفى، والعمل ببعض العادات والممارسات الأخرى، يحيي القسنطينيون هذه الذكرى في جو بهيج ومشترك، باعتبار أن الكل في المدينة يحتفل بنفس الطريقة. فعاشوراء بقسنطينة لا تفرق بين الغني والفقير، فالكلّ يقصد الأسواق الشعبية والطاولات التي تعرض كل أنواع المكسرات بطرق جمالية تجذب الزبون إليها رغم غلاء أسعارها، لأن هذه المكسرات التي تعرف باسم «القشقشة» من بين أهم ما يميّز الاحتفال بيوم عاشوراء في قسنطينة، ولعل المتجوّل في أسواق ومحلات الولاية يلاحظ ذلك الإقبال الكبير من قبل المواطنين، وتلك الحركة غير العادية أمام المحلات التجارية وعلى الأرصفة، يتخذها الباعة المتجولون فضاء لعرض منتجاتهم، وعلى رأسها «قشقشة عاشوراء» التي تكون مزيجا بين الحلوى وكلّ أنواع المكسرات، يضاف إليها التين والتمر، حيث عمد التجار في السنوات الأخيرة وبسبب الارتفاع الكبير في الأسعار، إلى عرضها بطرق مختلفة تتماشى والقدرة الشرائية لكل مواطن.

يوم هام للمّ شمل العائلات

أكدت العديد من ربات البيوت اللائي التقتهم «المساء» في العديد من الأسواق الخاصة بعرض «القشقشة»، أن هذه المناسبة تعتبر فرصة للمّ شمل العائلة، لذلك فإنّ ارتفاع أسعار المكسرات لا يثنيهم عن الاحتفال، حيث أكدت السيدة حنيفة أن القسنطينيين يفضلون التقشف وتقليص مشترياتهم دون إلغائها نهائيا، كما أنّ المناسبة فرصة لتحضير عشاء المناسبة وسط لمة عائلية كبيرة، إذ تقوم ربات البيوت بإعداد وليمة عشاء ما يسمى بـ»عشاء عاشوراء»، من خلال الاجتهاد في إعداد أنواع خاصة من الأطباق المشهورة، على غرار الشواط (نوع من العجين يطبخ كالمحجوبة ولكن دون صلصة، حيث يقطع إلى قطع صغيرة قبل طهيه مع المرق) والشخشوخة التي تعد بلحم الخروف والدجاج أو لحم الديك الرومي، قبل أن تنتهي السهرة بتقسيم القشقشة على كل أفراد الأسرة خلال السهرة، في جو بهيج وفرحة كبيرة عند الأطفال.

آخرون يتبركون بهذا اليوم

لا يقتصر الاحتفال بيوم عاشوراء في قسنطينة على العشاء والمكسّرات فقط، بل  الكثير من القسنطينيين يحتفظون بمعتقداتهم، كإحياء العديد من العادات المتوارثة عن الأجداد المصاحبة لهذا اليوم، مثل التمسّك بالصيام والاقتداء بسنة المصطفى من خلال صيام يومي التاسع والعاشر من شهر محرم، وإخراج زكاة عاشوراء بالنسبة للعائلات ميسورة الحال والمعروفة بالعامية باسم «العشور»، إذ يفضل أرباب العائلات إخراج زكاتهم السنوية في هذا اليوم الذي يعتبرونه مباركا تتضاعف فيه الأموال بعد مرور حول كامل على مبلغ معين من المال، وكذا عادة قص أو تقصير الشعر التي تقوم بها النسوة اعتقادا منهن أنه تعشير أو زكاة من الشعر، حيث تقوم الفتيات والنساء بقص جزء من شعورهن ودفنه تحت شجرة «اللواي» (نوع من نباتات الزينة المتسلقة)، حتى يزداد طولا وكثافة، وتعمد اأخريات إلى تزيين عيونهن بالكحل العربي كي يقوى نظرهن، ناهيك عن الحناء التي تعد من علامات الفرح، إذ تقوم النساء بالتفنن في وضع أشكال رائعة على أيدي بناتهن في هذا اليوم، كما اعتاد القسنطينيون صبيحة كل ذكرى عاشوراء التوجه صوب المقابر للزيارة والترحم على ذويهم.

علماء الدين يدعون إلى التركيز على الشق الديني خلال المناسبة

علماء الدين والأئمة أجازوا اقتناء «القشقشة»، شرط عدم ربطها بالاحتفالات بيوم عاشوراء، خاصة لما فيه من تشبه باحتفالات اليهود، الأمر الذي ينهى عنه الدين الإسلامي، حيث طالب الأئمة اغتنام الفرصة وإحياء مناسبة عاشوراء من خلال التقرب إلى الله عز وجل بصيام التاسع والعاشر من محرم، تيمنا بالرسول الذي صام عاشوراء والذي وعد الله تعالى صيام التاسع والعاشر من عاشوراء إذا أحياه السنة التي بعدها، والتركيز على دراسة سيرة الأنبياء وقصة موسى مع فرعون وتلقين الأطفال الصغار أن الحكمة من عاشوراء هو إبراز قدرة الله، وأن الحق دوما سينتصر مهما كانت قوة الظالم.