رغم تسببها في 50 بالمائة من حالات التسمم

محلات بيع الأعشاب تعرض "أم الجلاجم" للعقم بعنابة

محلات بيع الأعشاب تعرض "أم الجلاجم" للعقم بعنابة
  • القراءات: 2842
هبة أيوب هبة أيوب

تعرف محلات بيع الأعشاب بعنابة إقبالا واسعا للمواطنين من مختلف الأعمار، حيث باتت هذه الفضاءات تدر أرباحا طائلة بعد استغلال وضع المرضى ووصف تشكيلة أعشاب لهم للتداوي بها بدل الذهاب إلى الطبيب. وخلال زيارتنا لبعض العشابين، لاحظنا أنهم يتقنون لعبة السين والجيم مع الزبون لدرجة إقناعه باقتناء  المنتوجات التي يروجون لها في المحلات، خاصة تلك المتعلقة بأمراض الربو والأنفلونزا، بالإضافة إلى الزنجبيل، نظرا لفوائده الصحية خاصة خلال فصل الشتاء، باعتبارها مضادة للأنفلونزا. إلى جانب ذلك، يتم تصفيف أنواع مختلفة من العسل مع وضع نوعيته ومصدر إنتاجه، وما لفت انتبهنا؛ تنوع الطلبات بين عسل السدر، البرقوش والكاليتوس وهي كلها عناصر أساسية يستعملها المريض لمحاربة عدة أمراض باطنية، حسب وصفات العشابين، على غرار المصابين بالأنيميا والمسنين الذين يتناولون هذا النوع من العسل لتقوية أجسامهم ومقاومة المرض.

غيرنا الوجهة إلى زاوية أخرى، نحو محل مركزي يروج لمختلف أنواع الكريمات والأعشاب الطبية  للمرضى، حيث وجدنا طابورا للنساء اللواتي يبحثن عن عشبة "أم الجلاجم" لمحاربة العقم بعد أن فشلن في الإنجاب بواسطة عشبة ‘كف مريم’. وحسب السيدة خديجة، فإنها قدمت من ولاية قالمة إلى عنابة من أجل البحث عن هذه العشبة التي يجلبها التجار من الجارة تونس، وهي فعالة في الإنجاب، سألنا السيدة عن الآثار الجانبية لهذه العشبة، فلم تكن تعلم شيئا عنها، غير أن جارتها جربتها، وهي الآن حامل، وهي تريد ذلك أيضا بعد 10 سنوات من الانتظار. كما كان من بين السيدات أستاذة جامعية تعاني من نفس المشكل، ولم تنجب رغم ترددها على العديد من المختصين في طب النساء، فوجدت محلات بيع الأعشاب كمتنفس لها بعد أن سمعت من جيرانها عن عشبة ‘أم الجلاجم’، تقول المتحدثة بأنها جربت مغلى ‘كف مريم’ و’البردقوش’، لكن ذلك لم يأت بنتيجة، وهي الآن بصدد تجريب ‘أم الجلاجم’ ولم تغفل السيدة في الإشارة إلى أن بعض الأعشاب التي تروج في الأسواق السوداء عند العشابين تسبب الآلام والنزيف الحاد أيضا، مما يستوجب أخذ الحيطة والحذر من المضاعفات السلبية التي بإمكانها أن تشكل خطرا على رحم المرأة. وأمام الخلطات العشوائية التي توصف لعدة أمراض منها؛ البواسير وتكيس المبايض، تبقى المرأة بين مطرقة جهل العشابين وسندان المخاطر التي تهدد حياتها بالموت. 

تحدتنا إلى طبيبة مختصة في أمراض النساء بساحة الثورة في عنابة، فأكدت لنا أن هناك أعشاب طبية تمر على مخبر التحليل، لها فعالية في محاربة بعض الأمراض، خاصة منها تكيس المبايض وغيرها من المشاكل التي تسبب تأخر الحمل عند المرأة،  لكن قبل أخذ هذه الأعشاب، يجب مراجعة مختص لتفادي الأضرار. وعن عشبة ‘كف مريم و’أم الجلاجم’، قالت لنا إحدى المختصات في التوليد وأمراض النساء بمستشفى ابن رشد في عنابة، بأنها تسمع في الشارع عن هذه الخلطات، لكن لا تعرف مصدرها وفعاليتها، لأنه لا يوجد مصدر موثوق منه يؤكد نجاعة الطب التقليدي في مثل هذه الحالات، لتضيف أن هناك 20 بالمائة من الأعشاب التي تتسبب في تسمم جسم الإنسان، هذا ما تم تسجيله بمستشفى ابن سينا، حيث تم إحصاء خلال سنة 2015 نحو 50 إصابة تسمم عن طريقها، منها ‘الحرمل’ التي تعتبر من الأعشاب القاتلة، وقد حذرت المختصة من تناول أية عشبة موجودة في السوق قبل معرفة مصدرها ونتائجها لأن أغلب العشابين يبحثون عن الربح السريع ولا يهتمون بصحة المريض، والسواد الأعظم منهم غير مختصين في هذا المجال، فهم يحملون شهادات المتوسط على أدنى تقدير. وقد طالب المختصون والأطباء بضرورة محاربة ظاهرة بيع الأعشاب في المحلات لاحتواء مخاطرها خاصة بالمدن الكبرى منها عنابة والعاصمة ووهران.