محمد أشرف زكي صاحب أكاديمية ويحلم بتأسيس جامعة

مبتكر ربوت للتعليم يأمل في تعميمه على كل المدارس

مبتكر ربوت للتعليم يأمل في تعميمه على كل المدارس
  • القراءات: 842
حاوره: زبير زهاني حاوره: زبير زهاني

هو مثال للإرادة والتحدي، لم تمنعه إعاقته من التألق وتحقيق نصف حلمه في انتظار تحقيق الحلم كله. هو شاب من ولاية قسنطينة، كله نشاط وحيوية، حقق ما لم يتمكن حتى الأصحاء من تحقيقه. يرى أنه ليس من ذوي الاحتياجات الخاصة، وإنما من أصحاب التحديات الخاصة، فرغم أنه لا يفارق الكرسي المتحرك إلا أن ما يقوم به عجز عنه حتى من هم في صحة جيدة. هو الشاب محمد أشرف زكي، صاحب 33 سنة، الذي يعمل بمقولة المثل الشعبي "أتعلم وأترك". متحصل على شهادة ليسانس في العلوم التجارية، تخصص تسويق من جامعة قسنطينة سنة 2010. وله العديد من الشهادات في التكوين في مجالات الإلكترونيك، والآليات، والإعلام الآلي وإصلاح الهواتف النقالة، كما هو صاحب أكاديمية "رواد المستقبل"، ومخترع "روبوت" تعليمي لفائدة أطفال التحضيري والابتدائي. "المساء" التقته على هامش اختتام الموسم الدراسي وتخرج براعم أكاديميته، فكانت معه هذه الدردشة.

❊المساء: بعد ست سنوات من انطلاق أكاديمية رواد المستقبل، كيف تقيّمون هذه التجربة؟

❊❊ محمد أشرف زكي: نحمد الله على تمكيننا من بناء سمعة حسنة للأكاديمية في ظل التنافس الكبير الذي شهده التعليم التحضيري بقسنطينة، بعدما تم فتحه على الخواص. كان لنا عمل جبار، سهر عليه الطاقم التربوي والإداري. وأشرفنا على تخرج المئات من الأطفال الذين باتوا متمرسين في لغات أجنبية والحساب والرياضيات، وغيرها من الأمور التربوية التي تم تدريسها بطرق حديثة مستمدة من البرامج العالمية والأوروبية. تجربتنا في مجال نشر المعرفة لم تقتصر على فئة الأطفال الصغار فقط، بل تعدتها إلى شريحة الكبار؛ من خلال الغوص في تعليم الشباب تقنيات الجيل الجديد من التكنولوجيات في البرمجيات وإصلاح الهواتف الذكية والحواسيب، بما يتماشى وتطورات العصر؛ مما سمح لهم بولوج عالم الشغل بأريحية.

❊ قلتم إنكم تهتمون بالتقنيات والبرامج الحديثة في تعليم الأطفال، هل لكم أن تطلعونا على تفاصيل أكثر؟

❊❊  ربما أكثر الأمور التي يمكن التركيز عليها، الاعتماد على طريقة "المنتسوري" في تعليم الأطفال في السنوات الأولى من الدراسة. وهي طريقة تعنى بالأطفال المعاقين. وطوّرتها الدكتورة الإيطالية ماريا منتسوري. وتعتمد على اتباع الطريقة التعليمية للمراقبة الفردية لنظام نمو الطفل البيولوجي، وبناء منهج التعليم وفقا للإمكانيات الفردية للطفل، على أن تكون وسائل التعليم طبيعية، وقادرة على إثارة اهتمام الطفل، مع ملاحظة تطور سلوك الطفل؛ باعتبار أن الحواس منفذ طبيعي إلى التنمية العقلية، والتركيز على أهمية البيئة في تكوين شخصية الطفل. هي طريقة لا تعتمد على الأمور الكلاسيكية في التعليم، مثل وجود السبورة والكراريس وغيرها، بل تترك العنان للطفل بكل حرية، لتلقّي ما يريد تلقيه من معلومات بدون قيود في فضاء أكثر انفتاحا.

❊لو نعود قليلا إلى الوراء وقبل ست سنوات بالضبط، كيف جاءتكم فكرة تأسيس أكاديمية للتربية والتعليم؟

❊❊ في الحقيقة بعد دراسة شاملة للوضع ومتابعة أداء عدد من المدارس، وقفنا على أن المنظومة التربوية ونظرا للكم الهائل من التلاميذ، بات ينقصها نوع من الاحترافية، وتعاني من بعض النقائص. ومن هنا جاءت الفكرة لتكميل هذه النقائص، وسد الثغرة في الحياة الدراسية للمتلقي؛ من خلال برمجة نشاطات يمكنها مساعدة الطفل، وتنمية قدراته الذهنية والعقلية، مع الاعتماد على الطرق الحديثة والعصرية. ونأمل أن تعمم هذه الطريق على كافة ولايات الوطن نظرا لأهميتها الكبيرة في تحسين التعليم.

❊تقدمون تعليما للكبار؛ فلماذا التركيز على فئة الأطفال الصغار؟

❊❊ الاهتمام بفئة الأطفال الصغار هو استثمار في الجيل القادم. ونحن نأمل في جزائر جديدة. ونعمل على إعداد لها شبابها وإطاراتها، الذين سيكون على عاتقهم قيادة البلاد، ومسؤولية تسيير مختلف القطاعات، والنهوض بهذا الوطن الذي ضحى عليه ملايين الشهداء. نعمل على إعداد جيل من الشباب الذي يشرّف الجزائر سواء داخل الوطن أو حتى خارجه.

❊ تعددت نشاطاتكم رغم الإعاقة الجسدية التي تعانون منها؛ فهل هذا يُعد تحديا ضمن تحدياتكم التي رفعتموها؟

❊❊ أحبّذ أن أطلق على هذه الفئة اسم أصحاب التحديات الصعبة، وأنا واحد منهم. هذه الفئة تتحدى الصعاب المجتمعية، وتتحدى المرض وجهل بعض الناس. الحمد لله استطعت تحقيق العديد من أحلامي من خلال الإرادة والعزيمة والصبر، وهي نصيحة إلى كل الشباب سواء من أصحاب الاحتياجات الخاصة أو من الشباب العاديين، أقول لهم استمروا في تحقيق أحلامكم ولا تتوقفوا أبدا؛ بعد كل سقوط سيكون نجاح، وبعد كل كبوة سيكون تألق. ما وصلت إليه من نجاح كان بعد العديد من العثرات. وأتمنى أن أكون قدوة لمختلف الشباب، خاصة الذين يقبلون على المجازفة وركوب البحر في قوارب الموت. أقول إن الجزائر فيها خيرات كثيرة. وأوجه نداء إلى المسؤولين من كافة المستويات، اهتموا بالشباب أكثر؛ فهم مستقبل البلاد وذخرها.

❊تحدثتم عن السقطات والعثرات، فهل لنا أن نعرف العراقيل التي واجهتكم في مسيرتكم المهنية؟

❊❊ ربما هي نفس العراقيل التي يواجهها أي شاب، وهي عراقيل روتينية، خاصة منها عراقيل على مستوى الإدارة أو ما يعرف بالبيروقراطية، التي ماتزال تقاوم رغم وجود إرادة بالقضاء عليها. الحمد لله، كلما كانت تواجهنا عراقيل يسخّر الله لنا أشخاصا يذلّلونها لنا، ويفتحون في وجوهنا الأبواب، وهو الأمر الذي جعنا نكمل في هذا الطريق لتحقيق أحلامنا وطموحاتنا.

❊ وما هي هذه الطموحات؟

❊❊ أظن أنني ـ وبتقييم بسيط ـ وصلت إلى تحقيق نصف أحلامي. أنا إنسان أميل إلى التخطيط، ووضعت برنامجا لطموحاتي على المدى القريب، والمتوسط والبعيد. وقد وُفقت في تحقيق الطموح على المستوى القريب؛ من خلال التمكن من فتح أكاديمية رواد المستقبل.

طموحي يبقى في إنشاء جامعة خاصة على المعايير الأوروبية أو حتى العالمية، لتكون الجزائر نقطة استقطاب في عدة مجالات للطبلة من مختلف جهات العالم. وفي انتظار ذلك أعمل على إطلاق مؤسستي الناشئة تحت اسم "إيبوت"، والخاصة بالروبوت التعليمي، والتي ستكون، عما قريب، على أرض الميدان.

❊ بالحديث عن هذا الروبوت، كيف جاءتكم فكرة ولوج عالم الابتكار والاختراع؟

❊❊  يقول المثل "رُب ضارة نافعة"؛ الفكرة جاءت أثناء الحجر الذي فرضه وباء كورنا في بدايته، حيث كان لدينا متسع من الوقت بسبب توقف مختلف النشاطات، ومن هنا بدأنا العمل مستغلين التجربة والخبرة في مجال التعليم، بعدما وقفنا على عدد من النقائص في المجال التربوي مع الأطفال العاديين أو الأطفال المعاقين في ظل غياب مراكز مختصة في التعليم المبكر لهذه الفئة الأخيرة التي تضم الصم والبكم والمصابين بمتلازمة داون، والتوحد، وأمراض التلفزة وغيرها. جاءت فكرة هذا الربوت لتسهل على هذه الفئات العودة إلى الاندماج في المجتمع، والدخول في التعليم المبكر. هو روبوت بسيط على شكل مكعب صغير، يمكن حمله باليد. ويقوم على مجموعة من البطاقات التعليمية وعلى النشاط الحركي للمتلقي. كما يضم البرنامج العالمي منتيسوري، وكذا الدرس الثلاثي. وجاء اسمه من الكلمة الأجنبية "إيديكاشيون روبوت"، وقد اختصرناها في كلمة "إيبوت". خلال كل سؤال يكون الطفل أمام مجموعة من الاختيارات عبر البطاقات، وبإدخالها داخل المكعب يحدد الربوتات الإجابة الصحيحة من الخاطئة. لدينا مشاريع واختراعات أخرى سنطرحها في القريب، للنهوض بالمنظومة التربوية وحتى التكوين المهني، خاصة أن بعض الشُعب لم يتم تحديثها مند عقود من الزمن، وتبقى تقدم برامج أكل عليها الدهر وشرب ولا فائدة منها. نتمنى فقط أن تكون آذان صاغية في وزارة التربية والتعليم وكذا التعليم المهني؛ من أجل إدخال هذه البرامج الحديثة في التعليم.

❊ هل حصلتم على براءة اختراع مشروع الروبوت؟

❊❊ تفاجأنا بوجود برنامج مماثل في الولايات المتحدة الأمريكية تأسس سنة 2015، وهو الأمر الذي صعب علينا الحصول على براءة الاختراع. لكن، بالمقابل، تحصلنا على تسجيل المنتج، وحصلنا على حقوق التأليف. وسيكون التسويق الرسمي لهذا الروبوت عبر مختلف ولايات الوطن بالتنسيق مع وزارة المؤسسات الناشئة التي احتضنت المشروع ورحبت بالفكرة. سيكون توزيع خاص عبر موزعين. ونستهدف دُور الحضانة، ومؤسسات التعليم الخاصة والأكاديميات في انتظار موافقة وزارة التربية والتعليم، حتى يكون ضمن المنهج الدراسي المعتمد بالمؤسسات العمومية.

❊هل من كلمة أخيرة؟

❊❊ الجزائر بلد الخيرات. وعلى الشباب عدم اليأس؛ الحياة فيها صعوبات ونجاحات، أحرص فقط في كلمتي إلى الشباب، على التكوين، وأن لا يكتفوا بتكوين في تخصص واحد، فكلما كانت مجالات التكوين واسعة كلما كانت فرص العمل متاحة. الإرادة والعزيمة تصنع الفارق، ويجب على الشباب عدم الاستسلام أمام العراقيل والمثبطات، وطريق النجاح محفوف بدعاة الفشل. وعلى الإنسان الاقتداء بمن نحج لا بمن فشل، ومحاولة الوصول إلى الناجحين بأي طريقة للاستلهام من تجاربهم، والاستفادة من خبرتهم.