انتعاش في صناعة حلويات المواسم والأعراس

ماكثات بالبيوت يتحولن إلى رائدات أعمال

ماكثات بالبيوت يتحولن إلى رائدات أعمال
  • القراءات: 570
نور الهدى بوطيبة نور الهدى بوطيبة

يحيي الجزائريون عبر مختلف ولايات الوطن، أعراسهم وولائمهم بمجموعة من العادات والتقاليد التي توارثوها من جيل إلى جيل، والتي باتوا لا يفوّتونها بأي حال من الأحوال. ومن تلك العادات تقديم الحلويات خلال الولائم، والتي لا بد أن تكون من تشكيلة متنوعة قد تتجاوز خمسة أو ستة أنواع، تتنافس في المذاق، وتختلف في الأشكال ومكونات تحضيرها؛ بين جوز ولوز وفستق، وغيرها من المكسرات والشوكولاطة، لتكون زينة الأعراس، ورمزا لوجود الأفراح في مفهوم كل الجزائريين، إلا أن تكاليفها باتت ترهق جيوب العائلات والمقبلين على الزواج، وغدت، بذلك، بعض النسوة تتخصص في تحضيرها داخل البيوت، بعدما وجدن فيها تجارة رائجة تدرّ عليهن الملايين خلال هذا الموسم الخصب بالأفراح والأعراس والحفلات المتنوعة. 

وقد تحوّل عند البعض مفهوم الأعراس التي كانت مناسبة لزف الفرح وتخليد ذكراه ولمّ الشمل، لمشاركة فرحة العروسين وأهلهما في هذه المناسبة المباركة، بل تحوّل إلى فرصة للاستعراض والتباهي أمام المدعوين، من خلال التنافس في تقديم أحسن ما يمكن حتى وإن كان ذلك على حساب راحة أهل الوليمة وميزانيتهم. وغدت الحلويات من بين تلك العادات التي تكلف العائلات كثيرا. وجعلت بعض النسوة يوجهن اهتمامهن نحو هذا العالم، فتخصصن في تحضير الحلويات، وعرض خدماتهن عبر صفحات خاصة لعرض مختلف موديلاتهن وتشكيلاتهن الخاصة بالأعراس. وبعدما كانت في السابق تجتمع عائلة الزوجين لتحضير الحلويات بمختلف أنواعها، حيث يكلف الأمر المال والجهد، تحوّل الـأمر، اليوم، إلى البحث عن تقليل الأتعاب من خلال اقتناء حلويات جاهزة، كيف لا واليوم يعرض السوق أنواعا وأشكالا لا تُعد ولا تحصى، محضّرة تماما كما ترغب فيه العائلة.

وعلى هذا الأساس أصبح الإقبال على شراء الحلويات من عند المختصات في تحضيرها، أمرا ملفتا للانتباه، ودفع ذلك إلى تزايد ملحوظ لصانعي الحلوى أو "الحلاوجيات"، اللواتي حوّلن هذه المهنة إلى تجارة رائجة، تدر عليهن الملايين خلال مواسم الأعراس، وتَحولن بذلك إلى نساء أعمال ناجحات، ينافسن، وبشدة، أرباب المحلات الكبيرة المتخصصة في صناعة الحلويات. ولقد ساعدت مواقع التواصل الاجتماعي على الترويج لتلك الصانعات. وخلق لهن ذلك زبائن من ربوع الولاية، لا سيما لذوات السمعة الحسنة، كما خلق لهن ضغطا بسبب الطلب المتزايد، لاسيما خلال موسم الصيف الموافق لموسم الأعراس. وقد حاولت "المساء" التقرب من بعض تلك النسوة اللواتي كن ماكثات بالبيت، وتحولن إلى ربات عمل، للاطلاع على مختلف جوانب هذه الظاهرة التي نالت من جزء هام من تراث العائلات الجزائرية وعاداتها.

السيدة وفاء التي التقينا بها في أحد محلات بيع مستلزمات الحلويات والتي كانت تقتني مستلزمات بكميات كبيرة، تترجم كم الحلويات التي بصدد تحضيرها، قالت بأنها جاءت هنا قصد تلبية طلبية حلوى عرس إحدى زبوناتها التي تحضر زفاف ابنها الذي سيقام نهاية الشهر، مشيرة إلى أن الجميع، اليوم، يرغبون في تخفيف أتعاب تحضيرها في البيت؛ ما يدفع بهم إلى التوجه نحو المحلات لاقتنائها جاهزة أو من عند ربات بيوت تخصصن في تحضير الحلويات داخل منازلهن.

ومن جهتها قالت فرح مختصة كذلك في صناعة الحلوى ببيتها وصاحبة صفحة أنستغرام مختصة في عرض خدمة تحضير الحلوى للأعراس والأفراح، إن تكاليف تحضير تلك الحلويات زادت بشكل جنوني، وهذا ما أدى بدوره، إلى ارتفاع سعر الحلويات، كما أن ذلك يختلف باختلاف تكاليف مواد صنعها، وهي تتراوح بين 50 دينارا و200 دينار للحبة الواحدة، فاليوم تحضير "الغريبية" فقط والتي لا تتطلب الكثير من المقادير، على سبيل المثال، أصبح مكلفا ويتراوح سعرها من 30 إلى 50 دينارا جزائريا، فما بالك بالحلويات المحضرة من اللوز أو الجوز أو البندق والفستق! على حد تعبيرها. وأضافت المتحدثة أن الطلبات تتزايد خلال شهري جويلية وأوت، فبالكاد يمكن تلبية كل الطلبات؛ إذ كثيرا ما يتم الاعتذار لبعض الزبائن، مؤكدة أن فصل الصيف يدفعهم إلى العمل بوتيرة مضاعفة.