الحرفية حسيبة تيغار لـ "المساء":

لوحاتي تعكس ثقافتنا الفسيفسائية العريقة

لوحاتي تعكس ثقافتنا الفسيفسائية العريقة
  • القراءات: 1003
نور الهدى بوطيبة نور الهدى بوطيبة
لم تكتف السيدة حسيبة تيغار بشهادتها كمهندسة في الإعلام الآلي، الأمر الذي دفعها إلى البحث عن عالم تبدع فيه وتطلق العنان لفنها، فتفرغت للرسم على الزجاج والفسيفساء ورسمت لنفسها هدفا كان عليها بلوغه، وهو عرض ما أنتجته أناملها رفقة كبار الفنانين في الرسم التشكيلي ومنافسة هؤلاء، مع البحث الدائم والمستمر عن مواهبها وتحرير الطاقة الإبداعية من خلالها، لتجمع بذلك بين العلم والفن. "المساء’’ اقتربت من السيدة حسيبة خلال مشاركتها في معرض الصناعة التقليدية بمركز فنون وثقافة، مصطفى كاتب وعادت بهذا الحوار.
❊ بداية حدثينا عن انطلاقتك في هذا الفن؟
^ كانت بدايتي في فن الرسم على الزجاج غريبة نوعا ما، فلقد تحصلت على شهادة في الإعلام الآلي، الأمر الذي فتح أمامي أبوابا عديدة للعمل في مجال تخصصي في الإدارة، وبحكم صغر سن أطفالي في تلك المرحلة لم أكن قادرة على تركهم والذهاب يوميا للالتحاق بعملي، وعليه قررت المكوث بالبيت وفضلت تربية أطفالي الذين كانوا في مرحلة يحتاجون فيها إلى والدتهم لرعايتهم. وفي تلك الفترة، وفقت بين عالمين بشكل عفوي، ثم أصبحت أبحث في وقت فراغي بالبيت عن وسيلة لاستغلال الوقت حتى لا أشعر بالملل بعد يوم كامل أقضيه في أشغال البيت، فتمكنت من رصد موهبتي في الرسم على الزجاج، وبعد محاولات قليلة أحببت هذا العمل وقررت تطويره.
❊ كم دامت تجربتك في عالم الرسم والإبداع؟
^ مباشرة بعد بلوغ أبنائي مرحلة التعليم المتوسط وبات لديهم نوع من الاستقلالية، تمكنت من الانطلاق في عالمي الخاص، لأشغل وقت فراغي أثناء تواجدهم بالمتوسطة، وذلك بالتوجه إلى أقرب مركز للتكوين لأتلقى دروسا خاصة في الرسم على الزجاج، وسجلت رفقة مجموعة من ربات البيوت في تربص دام ستة أشهر.. وحينها تحصلت على شهادة الكفاءة المهنية ومنذ ذلك الحين إلى يومنا هذا وأنا أبدع في هذا العالم وذلك لأكثر من عشر سنوات.
❊ رغم شهادتك العليا إلا أنك فضلت العمل في هذه الحرفة، لماذا؟
^ بحكم تجربتي البسيطة في الحياة، عرفت أن المرأة ينبغي ألاّ تكتفي بالشهادة الجامعية بل ينبغي أن تتعلم العديد من الحرف لاستغلالها فيما منحها الله من مواهب لتطويرها، لأننا لا نعرف ما تخبئه لنا الحياة، هذا إلى جانب أن شخصية الإنسان قد تخفي لنا مفاجآت قد نستغرب منها وقد يستغرب الفرد من تصرفاته أحيانا، فالحياة محملة بالعديد من الخيارات وما علينا إلا حسن اختيار ما يريحنا، ولا يمكن أن نجعل الأشياء المادية تطغى على تفكيرنا، وعني شخصيا أفضل العمل في مجال يريح تفكيري ويجعل الشعور بالقناعة ينتابني عند تلمس جمال ما نصنعه وروعة القطعة بعد الانتهاء من صنعها وهو شعور لا يمكن وصفه.
❊ متى كان أول معرض شاركت فيه؟
^ بعد تخرجي من مركز التكوين الذي تربصت فيه مدة ستة أشهر، اقترحت عليّ مديرة المركز تنظيم معرض يضم لوحاتي التي كثيرا ما أثارت إعجابها، وهنا لم أتردد في القبول وسرعان ما تم تنظيم ذلك المعرض الذي كان بالنسبة لي أول تجربة أخوضها بشكل رسمي ومحترف في عالم الرسم على الزجاج، ولقد منحتني هذه التجربة توسيع آفاق عالمي، فبعد المعرض اقترحت عليّ المؤسسة أن ألتحق بمنصب شغل في المركز كمعلمة في الرسم على الزجاج، لأشغل المنصب الوحيد الذي كانت تعمل به إحدى معلماتي والتي خرجت لتتقاعد، وبعدها بدأت العمل بدوام كامل منذ الساعة الثامنة صباحا الي غاية الرابعة والنصف بعد الزوال.
❊ هل أحببت التعليم في ذلك المركز؟
^ نعم بطبيعة الحال، إلا أنه وبعد فترة قصيرة انتابني شعور أن حريتي التي طالما كنت أبحث عنها ووجدتها بصعوبة كدت أخسرها بسبب أوقات عملي، وذلك لم يسمح لي بتطوير أعمالي وأفكاري والبحث عن أساليب تساعدني في التقدم في إبداعي، فقررت الاستقالة والعمل من جديد بمفردي حتى أتمكن من تنظيم معارضي الخاصة.
❊ حدثينا عن تجربتك مع الأسابيع الثقافية الجزائرية؟
^ بعد النجاح الذي حققته خلال معارضي واستحسان الجمهور لأعمالي، قررت مديرية الثقافة أن تصطحبني معها في جولة عبر كافة أنحاء الجزائر بمناسبة الأسابيع الثقافة الجزائرية، الأمر الذي جعلني أخوض تجربة فريدة من نوعها وكنت من المحظوظين الذين تمكنوا من زيارة ربوع الجزائر واكتشاف حضارتنا وعاداتنا وتقاليدنا الفسيفسائية الجميلة.
❊ ما هو أكبر انجاز قمت بتحقيقه من خلال هذه التجربة؟
^ لقد تم تعييني رئيسة لجنة التحكيم على المستوى الوطني عند تنظيم المسابقات الوطنية في الفنون التشكيلية وهذا شرف كبير بالنسبة لي، فعندما تتخذ مديرية الثقافة قرارا مثل هذا، فذلك يعني بالنسبة لي أن أعمالي استحوذت على ثقتهم وجعلوا من تجربتي مرجعا لبعض الأعمال الفنية.
❊ وهل رسمت لوحات تعكس الطبيعة الجزائرية لمختلف الولايات التي قمت بزيارتها؟
^ في الواقع شغفي الكبير بالرسم جعلني أبدع حرفة جديدة تحول اللوحات الفنية من مجسمات جامدة إلى لوحات حية تعكس تراث منطقة معينة أو تصور جمال الطبيعة، وبحكم تجربتي مع مديرية الثقافة، أحاول دائما التركيز على مختلف العادات والتقاليد التي تزخر بها البلاد من الشرق، الغرب، الشمال والجنوب لأجعل من اللوحة قطعة أثرية تأسر قلب الناظر، ولا أكتفي بهذا بل اعتمد أيضا في عملي على تقنية الفسيفساء وذلك حتى أوفر المادة الأولية.
❊ تتحدثين هنا عن حرفة جديدة، ما هي تحديدا؟
^ في الواقع انطلاقتي الأولى كانت رسم لوحات فنية على الزجاج وبعد أن تفرغت للرسم، انفجرت موهبتي ولم أعد اكتفي بالرسم فقط، بل أصبحت أبحث عن طريقة أجعل فيها عملي مميزا، ففكرت في إلحاق لوحاتي بتقنيات جديدة ما جعلني أتبنى الفسيفساء، إلا أن هذه التقنية أزاولها حين تتوفر لي المادة الأولية التي لا تزال تشكو بعض الندرة في الجزائر.
❊ أين تنجز الحرفية حسيبة لوحاتها التزيينية؟
^ على غرار بعض حرفيي الجزائر، لا أملك محلا لأمارس فيه نشاطي، ما جعلني أحول منزلي إلى ورشة لإنجاز أعمالي الفنية وآمل في المستقبل القريب أن تكون لي ورشة خاصة أجعلها عالمي الذي لا اكتفي منه.