‘’المساء” حملت السؤال إلى الشباب

لماذا لا تريدون الزواج وتكوين أسرة؟

لماذا لا تريدون الزواج وتكوين أسرة؟
الأخصائية في علم النفس حفيظة بن عودة
  • القراءات: 1623
❊ فريال فنيش ❊ فريال فنيش

يشهد المجتمع الجزائري في الآونة الأخيرة، ظاهرة جديدة تتمثّل في عزوف الشباب عن الزواج بنسبة كبيرة، سواء من طرف الإناث أو الذكور، بعدما كان حلم كل فتاة أو شاب في الماضي الاستقرار وبناء أسرة يملأها الحب والسعادة، غير أن هذا المفهوم تغير بشكل ملحوظ، لاختلاف الدوافع والآراء، فهناك من يبحث عن الكمال وآخر عن المال والشهرة والجمال غيرها، مما يؤثر سلبا على الجانب النفسي للأشخاص، وعلى المجتمع الذي يعرف انحرافات، حسبما أكده لـ«المساء؛ الأخصائيون.

لمعرفة وجهة نظر الشباب في الموضوع، طرحت عليهم المساء السؤال التالي؛ لماذا لا ترغبون في الزواج وتكوين أسرة؟، وكانت الأجوبة صادمة، فمنها ما حمل خوفا من المستقبل واختلاف العقليات، وأخرى عكست الجانب الاقتصادي والرغبة في الارتباط بشريك غني، حيث قالت الآنسة دينا (23 سنة) بأنها تبحث عن زوج مرتاح ماديا يتجاوز مرتبه الشهري 150 ألف دج، وأضافت نحن في زمن أصبحت فيه المادة أساس كل شيء في الحياة، فبالمال نصنع المستحيل. أنا شخصيا تلقيت الكثير من عروض الزواج، إلا أنني لم أقبل بها لأن أصحاب الطلبات في نظري فقراء، أولا لا يملكون بيتا مستقرا، كما أن مرتبهم الشهري قليل لا يكفيني”. أشارت الآنسة شهرزاد في تحليل للظاهرة من وجهة نظرها، إلى أن السبب الأساسي للعزوف أو التردد هو البطالة. كما أن الشخص الذي لا يملك عملا مستقرا لا يمكنه الزواج، وتقول لا يستطيع أي شاب الزواج إذا لم يكن يعمل، ولا تستطيع أية فتاة المغامرة، فهذه حياة سيتقسمانها مع بعضهما”.

من جهة أخرى، أوضح حسان (معلم في مؤسسة تربوية) أنه مستعد للزواج من كل النواحي، وشرطه الوحيد أن تبقى زوجته ماكثة في البيت ولا تعمل، حتى تهتم بإدارة شؤون البيت وتربية الأبناء، قائلا الحمد لله، أتمتع بمنصب رسمي ولدي منزل، ما ينقصني بنت الحلال التي تقبل المكوث في البيت وأنا فقط من يعمل”.

البحث عن الكمال وراء ظاهرة العنوسة والعزوف 

في هذا السياق، أكدت الأخصائية في علم النفس حفيظة بن عودة، على ضرورة الزواج لأنه استمرار للنسل وحماية من الانحراف، وتقول لاحظنا خلال السنوات السابقة ارتفاع نسبة التعدي على الأطفال والانحرافات والتحرشات التي تعود أسبابها إلى العزوف عن الزواج، الذي تختلف أسبابه أيضا، على غرار غلاء المعيشة، انعدام فرص العمل وانتشار البطالة، أضف إلى ذلك الصعوبات التي يواجهها الشاب، كاشتراط الخطيبة العيش في منزل بمفردها”. أضافت محدثتنا قائلة أما من الجانب التعليمي، فهناك عائلات  تفضل أن يتمتع زوج ابنتها بمستوى٬٫ تعليمي معين يتماشى معها، أو لديه منصب عمل عال، فكل هذه الشروط تعتبر عوائق للشاب الذي يريد بناء عائلة، مما يدفعه إلى العزوف، وحتما سينتج عنها نتائج سلبية مثلا، فعندما تتجاوز الفتاة سن الأربعين يصفها الناس بـ«العانس، مما يؤدي بها إلى اختناق نفسي والدخول في حالة اكتئاب، تنفر على إثرها من المجتمع، لتفضل البقاء وحدها حتى لا يتم سؤالها عن سبب تأخرها عن الزواج، نفس الأمر بالنسبة للرجل الذي يفضّل الجانب المادي ويبحث عن فتاة غنية كي تشبع رغباته المادية”.   

العوائق المادية والاجتماعية..مشاكل أخرى 

من جهته، أكد الأخصائي في علم الاجتماع، الدكتور أحمد بوخاري، على وجود قصور في الزواج عند الشباب، أولا بسبب المشاكل المادية والعوامل الثقافية التي يتمتع بها الطرفان، وطبيعة العيش في بيئتهم الخاصة، مشيرا إلى أن العامل الأساسي هو غلاء مهر الفتاة. ففي بعض الأحيان، يصل إلى أكثر من أربعين مليون سنتيم، بالإضافة إلى المجوهرات باهظة الثمن، ووجود العديد من المتغيرات كطلب الفتاة العيش في بيت منفرد، بالإضافة إلى الظروف الاجتماعية وغلاء المعيشة الذي يوجب العمل على الطرفين، وأضاف ومن آثار العزوف الغضب السريع والضغوطات النفسية والاجتماعية؛ العنف وممارسات غير أخلاقية، كالزنا الذي يعود بأضرار الجسيمة على الفرد والمجتمع”.

الزواج سنة كونية

أكد الإمام موسى في حديثه لـ«المساء، بخصوص موضوع عزوف الشباب عن الزواج، أن هذا الأمر يعتبر شائعا عند الذكور والإناث، إلا أنه أكد أن الزواج سنّة كونية وشرعية يجب اتباعها، حث عليها الله عز وجل والرسول صلى الله عليه وسلم، إذ قام بها الأنبياء ودعوا إليها، وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال الرسول عليه الصلاة والسلام يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه غض للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء، فهو طريقة لبقاء الإنسان على مرور القرون، و من لم يستطع فعليه بالصيام أي على حسب قدرة الإنسان، ليس شرطا أن يكون متتاليا، مثلا، كصيام يومي الإثنين والخميس وحتى أيام البيض، لأسباب مختلفة يجب اجتنابها، فديننا الحنيف يدعو إلى تبسيط شروط الزواج لتسهيله.

في الأخير، وجه الشيخ موسى رسالة لذوي الحكمة والأئمة أن يقدموا نصائح للشباب حيال الزواج، لما له من أهمية كبيرة، مع تسليط الضوء على هذه الظاهرة من قبل وسائل الإعلام.