الدكتورة صباح عياشي لـ ’’المساء":

لابد من استراتيجية وطنية تحمي الطفل من الأمراض الاجتماعية

لابد من استراتيجية وطنية تحمي الطفل من الأمراض الاجتماعية
  • القراءات: 943
حنان. س حنان. س

دعت الدكتورة المختصة في علم الاجتماع  العائلي، الأستاذة صباح عياشي، رئيسة المجلس العلمي للمركز الوطني للأسرة والمرأة، ورئيسة مخبر الأسرة والتنمية والوقاية من الانحراف بجامعة الجزائر 2، وصاحبة العديد من البحوث المتخصصة في مجال الأسرة والمرأة والطفولة، إلى إعداد استراتيجية وطنية تعتني بالطفولة وحمايتها من كل الأمراض الاجتماعية، ومنها الاختطاف. وقالت في حوار لـ''المساء"؛ بأن من أهم الحلول الممكن تقديمها في المجال؛ تفعيل دور الأخصائي الاجتماعي العائلي في المؤسسات العقابية والتربوية. جاء ذلك على هامش ندوة متخصصة حول "اختطاف الأطفال"، نظمت بالمركز الثقافي الإسلامي لولاية الجزائر.

❊ قدمتم اليوم محاضرة قيمة بعنوان "الآليات العملية للوقاية من عملية اختطاف الأطفال"، فيم  تتمثل أهم تلك الآليات؟

— أولا، أود أن أشير إلى أنني قدمت الكثير من البحوث في مجال الأسرة والطفولة، وتوصلت إلى أن هناك عدة عوامل عملية يمكن لها وقاية الأطفال من كل أشكال الانحراف، أهمها تفعيل دور الأسرة في توجيه الأبناء خاصة من قبل الوالدين، وعملت على وضع مصطلحات جديدة اجتهدت فيها خلال بحوثي الكثيرة، ومنها مفهوم شمولية التربية وكيف أنه على الوالدين أن يفهموا معنى هذه التربية حتى يساهموا في وقاية أبنائهم من كل الأخطار والانحرافات وتقويم سلوكهم، إضافة إلى مصطلح الذكاء العاطفي الاجتماعي، كآلية جديدة نحن بحاجة إليها اليوم أكثر من ذي قبل.

❊ ماذا تقصدون بهذين المصطلحين تحديدا، وكيف لهما الوقاية من اختطاف الأطفال؟

— التربية الشمولية تربية شاملة متوازنة ومتكاملة، يتفاعل فيها طرفا التربية والبيئة الاجتماعية، بحيث يحقق النمو الاجتماعي والقيم المناسبة للأسرة والمجتمع ككل، كما أنها تربية مجتمعية الهدف الأساسي منها تقويم الفرد وصلاح المجتمع. أما الذكاء العاطفي فهو أساس النجاح في الحياة ومنه ينبثق الذكاء الاجتماعي الذي هو مقدرة الشخص على إدارة علاقته بالآخرين، بالتالي فإن تأسيس هذين المفهومين في الأسرة من شأنه التأسيس لأجيال متشبعة بالاستقرار والتعامل مع كل المواقف كيفما كانت لمواجهة الحياة بكل أوجهها ومشاكلها أيضا.

❊ وكيف يمكن تفعيل هذين المصطلحين في مجتمعنا؟

— طبعا من خلال تفعيل دور الأخصائي الاجتماعي العائلي والطفولة، هذا الاختصاص الجديد الذي أشرفت شخصيا على تأسيسه قبيل سنوات بمعهد علم الاجتماع في جامعة الجزائر2، وله دور كبير في ترشيد الأولياء وطرق تربيتهم لأولادهم في ظل كل المتغيرات التي عرفها مجتمعنا في العقود الأخيرة، بالتالي اجتناب كل الأمراض الاجتماعية. ومن خلال مخطط متكامل أشرفت على وضعه كباحثة متخصصة في شؤون الأسرة والطفولة، فإنني دعوت أيضا إلى تفعيل دور مؤسسات المجتمع المدني من الجمعيات المهتمة بالأسرة والطفولة، وتوصلت إلى أنه لا بد أن يكون هناك تنسيق وتكامل بين الجهات الرسمية والجمعيات ومجهودات متكاملة بين الطرفين لحماية الأطفال من كل أشكال الانحراف والحد من ظاهرة الاختطاف التي تفاقمت في الآونة الأخيرة.

❊ كيف تعلقون على تنامي هذه الظاهرة الخطيرة، وما هي أسباب تفاقمها؟

— أولا، لاحظت أن تعامل وسائل الإعلام مع ظاهرة اختطاف الأطفال يؤدي إلى التهويل الكبير، وهذه ظاهرة لاحظتها كباحثة وتوصلت إلى نتيجة أنه لا ينبغي التهويل الكبير لمثل هذه الجرائم، بل يجب أن نقدم بدلا عن ذلك نقاشات متخصصة وحلولا عملية عقلانية واقعية تنبع من خصوصية مجتمعنا الجزائري، حتى لا نزيد الطين بلة.

❊  ما هي الحلول التي تقترحونها؟

— أولا تفعيل دور الأخصائي الاجتماعي العائلي، كما ذكرت، ولا بد من تواجده داخل مختلف المؤسسات، خاصة المؤسسات العقابية، أي السجون، ونقصد بذلك أن  المسجون قد يخرج إلى مجتمعه غير مؤهل ليعيش حياة اجتماعية مستقرة، صحيح أنهم مؤهلين في المؤسسات العقابية، لكن لاحظنا عدم وجود أية متابعة لهم بعد خروجهم، مما يدعوهم إلى ارتكاب جرائم أخرى، بالتالي نقترح برنامجا متكاملا وخاصا يمثل أهم الآليات والمهارات التي يتعلمها هذا الأخصائي لتوجيه هؤلاء المؤهلين من السجون وباقي المسبوقين قضائيا وتوجيه الأسرة، في نفس الوقت، تفعيل دور الأخصائي الاجتماعي العائلي في المؤسسات التربوية إلى جانب الأخصائي النفساني، تماما مثلما هو معمول به في البلدان الأجنبية،  بالتالي نحن بحاجة اليوم أكثر من أي وقت مضى، إلى تفعيل دور هذا الأخصائي، والدور الآخر أن نكون عمليين ولا نعطي حلولا ترقيعية للأسرة من خلال المساعدة المادية لأن أغلب الجرائم لاحظنا أن لها علاقة بالظروف الأسرية والمعيشية عبر الوطن، بالتالي يجب أن نفعل الهيئات الرسمية والمحلية، أي إعداد برنامج وطني يهتم بالأسرة وأفرادها.

❊ هل تقصدون وضع استراتيجية وطنية تعنى بالاهتمام بالأسرة والطفولة؟

— نعم هذا بالضبط، كنت قد شاركت في الإستراتيجية الوطنية لمناهضة العنف ضد المرأة، والآن نحن أمام ظاهرة أخرى وعنف من نوع آخر، وهو عملية اختطاف الأطفال التي تقوم أساسا على كل هذه العوامل التي ذكرناها. بالتالي يجب تفعيل وسائل الإعلام وتكون موضوعية وتنتمي بالدرجة الأولى إلى مصلحة الوطن، مع تجنب إطالة الحديث من الا1300نحرافات الدخيلة على مجتمعنا وديننا.