الخوف من "الدفتيريا" يعيد إلى الأذهان شبح الكورونا، الدكتور ملهاق لـ"المساء":

لا داعي للهلع.. والوعي الصحي هو الحل

لا داعي للهلع.. والوعي الصحي هو الحل
الدكتور محمد ملهاق
  • 154
رشيدة بلال رشيدة بلال

الخوف من عدوى جرثومة الدفتيريا أو كما تُعرف بـ"الخناق"، دفع بالمختصين في الصحة إلى التدخّل لتقديم جملة من المعلومات العلمية والصحية التي تساهم في رفع الوعي الصحي بدل الخوف وإطلاق الإشاعات، خاصة بعد أن تسبّبت هذه الجرثومة المعدية في وفاة مريضين بولاية سكيكدة.. في هذا الإطار تحدّثت "المساء" إلى الدكتور محمد ملهاق الباحث في علم الفيروسات والبيولوجي السابق في مخابر علم الجراثيم الطبية، حول كلّ ما يتعلق بهذا المرض المعدي، الذي أعاد إلى الذاكرة شبح جائحة كورونا.

* تسجيل حالتي وفاة بداء الدفتيريا.. هل يدعونا ذلك إلى الخوف؟

* تسجيل حالتي وفاة بسبب داء الدفتيريا لا يجب أن يدفعنا إلى الخوف. نحن، كمتخصّصين في الصحة، لا نحبّذ فكرة ترهيب الناس، بل نركّز على التوعية الصحية؛ لأنّ الخوف سرعان ما يزول بمجرد أن ينساه الفرد، بينما المطلوب هو ترسيخ الوعي الصحي، وتنمية ثقافة الوقاية التي تبدأ من احترام الرزنامة الوطنية للتلقيح.

* لكن كيف نفسر عودة هذا المرض رغم التزام الجزائر ببرنامج التلقيح الوطني؟

* أعتقد أنّ عودة الدفتيريا مرتبطة بجائحة كورونا التي مازلنا نعيش بعض آثارها السلبية. فقد تسبّبت الجائحة في خلق نوع من الشكّ لدى المواطنين حول فعالية ومصداقية اللقاحات. كما إنّ بعض الحكومات التي تفتقر إلى الإمكانيات، ركّزت جهودها أثناء الجائحة، على محاربة الفيروس، وأهملت برامج التلقيح الوقائي. وقد أشارت منظمة الصحة العالمية إلى هذا الأمر. وأعتقد أن توقّف بعض البرامج الوقائية خلال الجائحة، تَسبّب في تراجع معدلات التلقيح في عدد من الدول.

* هناك من دعا إلى اتخاذ احتياطات خاصة؛ خوفاً من العدوى. ما تعليقكم؟

* ما يخيف المواطن أكثر هو العدوى. وبعد تسجيل حالات إصابة في ولاية سكيكدة، عاد الحديث عن ارتداء الكمامات، وهو ما يثير الخوف لدى البعض. لكن يجب التأكيد على أنّ ارتداء الكمامة إجراء احتياطي فقط، ولا يلزم الجميع، بل يُنصح به فقط للفئة التي تكون على احتكاك مباشر بالمريض، أو قريبة منه؛ لحماية نفسها من العدوى؛ لذلك لا داعي للهلع. الإجراءات الوقائية مطلوبة دائماً سواء في حالة الدفتيريا أو حتى الأنفلونزا الموسمية؛ لأنّنا نتحدّث عن أمراض تنتقل عبر فيروسات أو جراثيم.

* ما الرسالة التي تودّون توجيهها للمجتمع بخصوص أهمية التلقيح؟

* الجزائر من الدول الملتزمة ببرنامج التلقيح الوطني. وتحرص دائماً على التذكير بضرورة التقيّد به. وعليه يجب أن يدرك المواطن أنّ التلقيح غاية في الأهمية لتعزيز الجهاز المناعي. والمطلوب من الأولياء تلقيح أبنائهم في المواعيد المحدّدة؛ لضمان الحماية اللازمة.

* كيف يمكن تبسيط المعلومات حول هذا المرض المعدي؟

* داء الدفتيريا أو "الخناق" هو مرض معدٍ، تسبّبه جرثومة اكتُشفت سنة 1884. ويُعدّ من أقدم الأمراض المعروفة. ومن خصائص هذه البكتيريا أنّها تفرز سُموماً دفتيرية، تشكّل غشاءً مخاطياً على مستوى الجهاز التنفسي العلوي. وتتراوح فترة حضانته إلى غاية ظهور الأعراض، بين 3 و5 أيام. وتتمثل أعراضه الشائعة في الحمى، والتهاب الحلق، وتورم الغدد اللمفاوية.  وفي حال غياب العلاج ـ وهو عادةً التلقيح ـ تظهر مضاعفات خطيرة؛ مثل التهاب القلب، والأعصاب؛ ما قد يؤدي إلى الوفاة؛ لأنّ السموم تنتشر في الدم، وتؤثّر على عضلة القلب. وغالباً ما يُصاب به الأشخاص غير الملقحين.

* نحن في موسم التلقيح ضد الأنفلونزا... هل هناك علاقة بين اللقاحين؟

* لا توجد أيّ علاقة بين لقاح الدفتيريا ولقاح الأنفلونزا العادية؛ لأنّنا نتحدّث عن عاملين مسببين مختلفين؛ الدفتيريا ناتجة عن جرثومة، بينما الأنفلونزا سببها فيروس. لكن ما يجمعهما هو أهمية التلقيح؛ لأنّ التلقيح يقوي الجهاز المناعي. وقد يُصاب الشخص الملقح بالعدوى، لكن الأعراض تكون خفيفة، وقد لا يشعر بها إطلاقا؛ لذا نؤكّد في كلّ مرة، على أهمية رفع الوعي الصحي بأهمية وفعالية التلقيح.