لكبح سلوكيات قاتلة
"لا تسقني سما" تعود للواجهة

- 167

تجدد المنظمة الوطنية لحماية وإرشاد المستهلك ومحيطه، حملتها السنوية "لا تسقيني سما"، التي تحرص على تنظيمها كل موسم صيف، قصد كبح السلوكيات السلبية التي يمارسها بعض التجار، والمتمثلة في عرض القارورات البلاستيكية لأشعة الشمس، سواء المخصصة للمياه أو المشروبات بأنواعها، بحجة أنها غير قابلة للتلف، إلا أن تلك السلوكيات، في حقيقة الأمر، قد تحول السائل الذي داخل القارورات البلاستيكية إلى "سموم" تهدد صحة المستهلك، وتعرض حياته للخطر، بسبب ما يتم طرحه من جزيئات بلاستيكية، بفعل الحرارة المرتفعة وتفاعل البلاستيك مع السوائل.
في مشاهد تتكرر كل يوم على الأرصفة، وفي واجهات المحلات، وعلى طاولات البيع المنتقلة، أو حتى على شاحنات التوزيع، تعرض قارورات المياه والعصائر والمشروبات الغازية تحت أشعة الشمس مباشرة، في تجاهل تام لمخاطر صحية، موثقة تلك الأفعال، التي وصفتها المنظمة بغير المقبولة، ما دفعها إلى إطلاق الحملة قبل سنوات، وتتكرر كل سنة، تحت شعار "لا تسقيني سما".
الحملة لا تستهدف علامات تجارية محددة، أو تجار جملة أو تجزئة بوجه التحديد، وإنما موجهة كذلك للمواطنين، لتبني ثقافة قطع ما قد يشكل خطرا على الصحة، أو التبليغ في حالة ملاحظة أحد التجاوزات الممارسة من طرف التجار في حق المستهلك، فكل تاجر هو أيضا مستهلك، وعلى الجميع تحمل مسؤولية المراقبة، وحتى المراقبة الذاتية، حيث شددت المنظمة من خلال حملتها التي أطلقتها مؤخرا، على أن المواطن له حق اختيار ما هو آمن، وعليه تبني الوعي الاستهلاكي، ومعرفة أن الحرارة قد تحول محتوى القارورة إلى خطر صامت، حتى وإن تم تبريد تلك المشروبات، فالسم أحيانا يباع باردا، يضيف منظمو الحملة.
في هذا الصدد، أوضحت الخبيرة في علوم التغذية الطبيبة، حفيظة بن ملوك، أنه عند تعريض القارورة البلاستيكية أو أي علبة بلاستيكية، لأشعة الشمس أو حرارة الجو فقط، خاصة لفترات طويلة، تبدأ بعض المواد الكيماوية المتواجدة في البلاستيك المصنع، مثل "البيسفينول أ«، بالتسرب إلى السائل داخل القارورة، وهو أمر بالغ الخطورة، وتضيف أن كل تلك المواد تسبب خللا في توازن الجسم، بالتالي تؤدي إلى مشاكل هرمونية، من جهة، وأمراض مزمنة، كما قد تهدد الفرد بإصابته بالسرطان من جهة أخرى، خصوصا التعرض المستمر لتلك الحالات.
ودعت المنظمة من خلال حملتها، الجهات الرقابية، إلى تكثيف حملات مراقبة الأسواق خلال هذه الفترة، خاصة وأن درجة الحرارة تبلغ الذروة وتصل في بعض المناطق إلى مستويات قياسية، بينما تستمر بعض المحلات وبعض التجار في تخزين، أو عرض أو نقل تلك المشروبات في الهواء الطلق، وتحت أشعة الشمس دون أي حفظ ملائم.
ويبقى وعي المستهلك، حسب مصطفى زبدي، رئيس المنظمة، هو السلاح الأقوى للتصدي للظاهرة، وهو ما تسعى إليه المنظمة من خلال تكثيف الجهود لتوعية المستهلك، ونشر حملات توعية وتحسيس في كل مرة، وقيادتها سواء داخل الأسواق أو حتى عبر منصات التواصل، تسعى أيضا إلى تحميل التاجر المسؤولية وحثه على التحلي بروح الصدق مع المواطن، وحتى مع نفسه، من خلال شرح القوانين المرتبطة بحفظ المواد الغذائية، وبيانات الغرامات والعواقب في حال الإهمال.