إلياس الصغير منسق النشاطات الطبية بعيادة باستور للمحروقين:

لأن الترهيب لم يأت بنتيجة... فرقعوا ولكن بحذر

لأن الترهيب لم يأت بنتيجة... فرقعوا ولكن بحذر
  • 776
رشيدة بلال رشيدة بلال

بلهجة تحمل الكثير من الأسف، حدثنا الياس الصغير، منسق النشاطات الطبية بالعيادة المركزية للمحروقين باستور بالعاصمة، وأمين عام الجمعية الوطنية للوقاية ضد الحروق قائلا: "بعدما استنفدنا كل الطرق في التحسيس والتوعية من مخاطر هذه الآفة، بما في ذلك التخويف والترهيب بعرض حالات لأطفال في عمر الزهور، بترت بعض أعضائهم أو فقدوا حواسهم، نشير اليوم إلى الدعوة إلى أخد الحيطة والحذر عند استعمال المفرقعات، مادام تشجيع الناس على ترك المفرقعات لم يجد نفعا".

تردد على العيادة المركزية للمحروقين بالعاصمة، حسب الياس، قبيل حلول موعد الاحتفال بالمولد النبوي الشريف، بعض المتمدرسين الذين تعرضوا لحروق خفيفة نتيجة التراشق العشوائي بالمفرقعات، ولعل أكثر ما لفت انتباهه؛ إصرارهم على اقتناء مثل هذه المواد الخطيرة لأن الاحتفال في نظرهم لا يكون إلا بفرقعة مختلف ما تجود به الأسواق الفوضوية. استعمال المفرقعات حسب الياس، للأسف الشديد، لم يعد مقتصرا على الاحتفال بالمولد النبوي الشريف الذي يبلغ خلاله تفجير المفرقعات ذروته، لكن تحولت هذه الظاهرة ـ للأسف ـ إلى تقليد يصاحب كل أنواع الاحتفالات التي تقيمها العائلات، مثل الأعراس، مما يعني أن القضاء على هذه الظاهرة أصبح مستحيلا، لذا آن الأوان للتكيف مع الظاهرة من خلال التوعية، ولفت الانتباه إلى ضرورة التحلي بالحيطة والحذر عند استعمال مثل هذه المواد الخطيرة من البالغين فقط، لوضع حد أمام ارتفاع الحوادث.

يقول الياس الصغير: "خطورة المفرقعات، رغم أنها بلغت حد بتر الأعضاء على غرار ما تم تسجيله سنة 2013 على مستوى معهد باستور، حيث تم إسعاف طفل بترت أطرافه بعد أن انفجرت بين يديه، وحالات لأطفال انفجرت المفرقعات على وجوههم وتسببت في فقئ عيونهم. للأسف، نسجل نفس الشيء سنويا، لا نشعر أننا نحرز تقدما، حقيقة عدد المصابين تقلص، حيث سجلنا خلال السنة الفارطة 25 حالة على مستوى المركز والحصيلة تخص العاصمة فقط، لكن ما ينبغي أن أشير إليه أن التراجع لا يعكس الصورة الحقيقية، لأن ما يجري إحصاؤه فقط هو ما عرض على المصلحة وما لم يلتحق بالمصالح الاستشفائية، "أنا على يقين بأنه أكثر، ونحن نتحدث فقط على مستوى العاصمة، ما يعني أن الأرقام قد تكون أكبر، لأن الكثير من الحالات لا تتردد على المصالح الاستشفائية إلا إذا بلغ الألم حد إحداث جرح عميق أو أدى إلى بتر الأعضاء" ويضيف: "وجدنا أنفسنا في حيرة كجمعية ومصلحة تسعف هذه الحالات، ما هو المطلوب اليوم بعد أن فشل أسلوب الترهيب التوعية والتحسيس؟ وتحضرني واقعة حدثت معي قبيل المولد، جعلتني أتيقن أنه من غير الممكن تغيير العقليات، حيث سألت طفلا لا يتجاوز عمره 13 سنة قصد المصلحة رفقة والده، وردا عن سؤالي حول ما إذا كان يقرر اقتناء هذه المفرقعات من عدمه، كان رده بالجزم قائلا: أكيد؟ وما كان مني إلا أن أطلعته على صور بعض حالات الأطفال الأكثر بشاعة عسى يغير رأيه، وبعد أن تفحص صور أطفال فقدوا أعينهم وأيديهم، أعدت السؤال فكان رده مفاجئا بالقول: (لازم نشري) في هذه اللحظة تيقنت أنه لا مجال مطلقا لتغيير الذهنيات وإنما ينبغي لفت الانتباه إلى طريقة فرقعتها باتخاذ الاحتياطات اللازمة لتجنب الأذى فقط، لأن عدم الاحتفال بها يعد مستحيلا".

من جهة أخرى، حمّل إلياس الصغير مسؤولية إقبال الأطفال على اقتناء هذه المفرقعات للأولياء الذين يشجعون أبناءهم، بمنحهم المال من منطلق أن متعة الاحتفال لا تكتمل إلا بهذه الطريقة الفلكلورية الفوضوية، ضاربين عرض الحائط الحوادث التي قد تقع وتكون كارثية، لذا أعتقد أن الأولياء اليوم بحاجة إلى توعيتهم بالاعتماد على الوازع الديني، وقد سبق لنا أن عملنا كجمعية مع وزارة الشؤون الدينية للفت الانتباه إلى الابتعاد عن الاحتفال بمثل هذه الطريقة التي لا تعكس المعنى الحقيقي من الاحتفال بسيرة خير البرية، مشيرا إلى أن خطابهم موجه للأولياء بالدرجة الأولى، لأنهم مسؤولون عما يقتنيه الأبناء ويواصل قائلا: "نحن في حيرة إلى من نوجه الخطاب؛ للأولياء أو الأبناء؟ وبحكم أن تغيير عادة الاحتفال غير ممكنة، نقولها ونحن مسؤولون؛ احتفلوا لكن خذوا كل الاحتياطات، لا تفرقعوا داخل المنزل ولا ترموها على بعضكم البعض ولا على المنازل لتجنب الحرائق، وحبذا لو يتم تجنيب الأطفال حمل أي نوع من أنواع المفرقعات لسلامتهم، وتظل العبرة في الاحتفال بالرجوع إلى سيرة المصطفى واسترجاع مآثره".