خوفا من ندرة توفر المواد الأساسية

كورونا تعيد الاعتبار لتقليد "العولة" بالبيوت

كورونا تعيد الاعتبار لتقليد "العولة" بالبيوت
  • القراءات: 568
نور الهدى بوطيبة نور الهدى بوطيبة

أعادت جائحة كورونا الاعتبار للعديد من التقاليد والعادات التي كانت تمارسها الأسر قديما والتي تلاشت مع الزمن ومع تطور الانسان وتقدمه في تسهيل حياته اليومية ومن تلك العادات التي عادت وبقوة خلال الأشهر القليلة الماضية عادة تخزين المواد الغذائية الأساسية، أو ما يعرف في الجزائر وكثير من الدول العربية الاخرى بـ"العولة"، خوفا من كارثة تدفع الفرد الى عدم خروجه من المنزل لأيام عديدة، إذ باتت الأسر تهتم أكثر بتخزين كل ما هو أساسي لاستهلاكه في وقت "الشدة".

اعتمدت الأسر قديما على نظام "العولة"، لمواجهة قلة المواد الأساسية الاستهلاكية، وكانت حاجة الفرد تدفعه إلى تخزين كمية من المأكولات، تحسبا لأيام الندرة، بسبب الأجواء الصعبة، كعدم القدرة على الخروج من البيت بسبب الأحوال الجوية، لاسيما خلال فصل الشتاء، أو بكل بساطة، مواجهة ضعف الميزانية في مرحلة ما من الزمن، كما كان يلجأ إليها آخرون بسبب انتشار أمراض، دفعت الفرد إلى ملازمة بيته إجباريا، خوفا من انتقال العدوى والإصابة بالمرض.

الدليل على أن عادة التخزين من التقاليد التي مارستها الحضارات القديمة؛ الآثار المعمارية التي ظلت شاهدة على بعض الغرف التي خصصها هؤلاء لتخزين المأكولات، ولأشهر عديدة قد تصل إلى سنوات، وتتميز تلك الغرف بتواجدها في عمق معين تحت الأرض، وغالبا ما تكون غرفا صغيرة وشديدة البرودة، تتميز بالرطوبة المثالية لحفظ بعض المأكولات، تكون دائرية المساحة أو مربعة ومصنوعة من الصخور، تضمن البرودة وتحفظ المواد لأيام وأسابيع وأشهر عديدة.

تراجعت هذه العادة تدريجيا مع الزمن، بعدما ُوفرت للإنسان آليات جديدة لحفظ المأكولات، وبات التخلي عن تلك العادة يعوضه اقتناء المواد الأساسية مباشرة من المحلات المنتشرة هنا وهناك عبر الأحياء.

ظلت بعض النسوة على عاداتهن تلك، يعملن على تحضير القمح لتحضير الكسكسي، أو تجفيف اللحم لتحضير "القديد أو الخليع"، الذي يستعمل في الشتاء بديلا للحم، أو بعض مصبرات الخضر والفواكه لاستعمالها خارج مواسمها، وضمان توفرها في البيت دون اقتنائها من المحلات بأسعار مرتفعة، لكن يبدو أن الخوف من وباء "كورونا" أعاد الاعتبار لها، حيث عادت الكثير من الأسر للعادات القديمة لمجابهة الندرة، تخوفا من تأزم الوضعية أكثر فأكثر، لاسيما أن بعض المؤسسات المصنعة أوقفت نشاطها وإنتاجها بسبب الحجر الصحي، مما خلق ندرة في بعض المنتجات، الأمر الذي خلق نوعا من الهلع في المرحلة الأولى من انتشار الفيروس، ودفع إلى التهاتف على المحلات لاقتناء مادة الدقيق مثلا، ثم خميرة الحلويات، ومواد أخرى، وهو ما دفع بمنظمات حماية المستهلك إلى التحرك من أجل توعية المستهلك بعدم التهافت على المحلات، بسبب نقص بعض المواد الاستهلاكية، الأمر الذي زاد من الممارسات غير المهنية لبعض التجار.

في هذا الصدد، تحدثت "المساء" لبعض ربات البيوت اللواتي تبنين فكرة التخزين، تحسبا لأزمة صحية أكثر خطورة، على غرار سهام البالغة من العمر 40 سنة، أشارت قائلة "لقد قمت بتحضير العديد من مصبرات الفواكه وخزنتها، وهو الأمر الذي لم أقم به أبدا من قبل، لاسيما أن المربى في الأسواق اليوم متوفر بمختلف الأذواق، إلا أن عدم إمكانية الخروج من البيت بحرية، دفع بالأسر إلى التفكير في طريقة مختلفة وتقليدية ـ إن صح التعبير ـ لمواجهة هذه الأزمة".

من جهتها سميرة قالت؛ إن عدم عمل زوجها، وهو سائق أجرة، لفترة أكثر من ثلاثة أشهر، دفع إلى ادخار بعض المال وعدم الإسراف، وهو الأمر الذي بات أكثر من ضروري لمجابهة الأزمة المالية التي تعيشها الأسرة، ووجدت المتحدثة أول سبيل لذلك، يتمثل في تخزين المواد الأساسية وتحضير بعض المصبرات في البيت وتخزينها، بدلا من اقتنائها بأسعار مرتفعة من الأسواق، التي حسبها، تعد أقل جودة، إلا أن ارتفاع قيمتها راجع إلى تصنيعها وتغليفها.

على صعيد آخر، قال محمد، بائع بمحل البقالة، إن العولة تقليد مارسته الجدات، وهو اليوم يعود بسبب انتشار فيروس "كوفيد 19"، الذي دفع العالم إلى التزام بيته، مشيرا إلى أن محله شهد ذروة النشاط خلال هذه الفترة، حيث تقوم العائلات باقتناء مواد بالجملة، مثلا أكياس عديدة من الدقيق الأبيض، السكر،  الزيت والملح وغيرها، لتخزينها في البيت وتفادي الوقوع في مشكل عدم توفرها، إذا ما فرض حجر صحي كامل وحظر للتجوال لأيام متتالية.