رفضت الاندثار

قشابية الوبر.. رمز الهمّة والفخر

قشابية الوبر.. رمز الهمّة والفخر
  • القراءات: 2164
❊نور الهدى بوطيبة ❊نور الهدى بوطيبة

تُعد قشابية الوبر من الألبسة التقليدية العريقة للجزائريين، لاسيما سكان المدن الشرقية التي يعتبرونها جزءا من ثقافتهم التي لا يمكن التخلي عنها. ويرتفع الإقبال عليها خلال أيام البرد؛ حيث تُعتبر من القطع التي يستعين بها الرجال لتدفئة أجسامهم، في مناطق تعرف درجات حرارة منخفضة جدا وبردا قارسا، لا يحمي أجسامهم إلا الوبر الخالص أو الصوف.

تخطت تلك القطع اللباسية حدود مناطق شرق الوطن، ووصلت إلى العاصمة بفضل معارض الصناعة التقليدية التي كثر تنظيمها في السنوات الأخيرة، والتي عملت على ترويج الحرف اليدوية والقطع التقليدية من ربوع الوطن، وعُرفت بثقافة كل منطقة تختلف باختلاف طبيعتها والبيئة التي تعيش فيها.

نورهان بوعراوة من مدينة ام البواقي، حرفية مختصة في حياكة قشابية الصوف، وواحدة من الحرفيات التي عملت على التعريف بهذه القطعة اللباسية الشهيرة لدى الشاوية، حدثتنا على هامش مشاركتها في معرض الصناعة التقليدية الذي نُظم مؤخرا ببلدية باب الزوار، قائلة: "إن القشابية قطعة لا يتخلى عنها بتاتا سكان منطقة الشاوية والعديد من الولايات المجاورة لها، ويلبسها كذلك الأطفال الصغار؛ لفعاليتها في تدفئة الجسم وإبقائه في درجة حرارة ملائمة. واليوم هناك قطع خاصة بالنساء، أبدع بعض الحرفيين والحرفيات في حياكتها بموديلات عصرية أكثر أنوثة تتميز بقصر الطول. ويتم إدخال عليها بعض الألوان التي تعطيها تلك اللمسة الخاصة مع الإبقاء على لونها البني الكلاسيكي".

وتُعد القشابية الجزائرية، تقول الحرفية، موروثا تقليديا تاريخيا "رفض الاندثار" بعوامل "الموضة"، توارثته الأجيال منذ عشرات السنين، وبقي ذلك التقليد الراسخ أحد أهم مقومات شخصية الرجل الجزائري، الذي لا يمكن الاستغناء عنه. وارتبط لباسه بالثورة التحريرية الجزائرية، وكانت "اللباس الرسمي" لثوار الجزائر، ساعدهم على تحمل قساوة الطبيعة؛ ما زاد هذا اللباس الشعبي قيمة كبرى عند الجزائريين، وجعله يتربع على عرش اللباس التقليدي للرجل، وهذا ما حوّله من مجرد لباس محصن من البرد، إلى رمز للهمّة والرجولة والافتخار بتاريخ عريق.

وعن سعرها تقول نورهان هي من أغلى الألبسة العربية الموجهة للرجال؛ كونه مصنوعا من الوبر الخالص؛ إذ يتراوح سعره ما بين 40 ألف دينار و130 ألف دينار.