عادة قديمة تعزز أواصر المحبة والتضامن

قرية "زوبقة" تحيي عادة "اسنسي نوازرو نطهور"

قرية "زوبقة" تحيي عادة "اسنسي نوازرو نطهور"
  • القراءات: 929
 س.زميحي س.زميحي

لم تعد السياحة بولاية تيزي وزو تقتصر على الشواطئ كما كانت عليه خلال السنوات الماضية، حيث حمل مسؤولو القطاع على عاتقهم مسؤولية تطوير السياحة الجبلية خاصة أنها تستقطب السياح والزوار الذين تستهويهم المناظر الطبيعية الخلابة لجرجرة، كما ساهمت تضاريس الولاية في فتح أبواب السياحة على مدار العام دون انقطاع، حقيقة يدركها سكان المنطقة ومسؤوليها الذين يسعون لإعادة الاعتبار للسياحة الجبلية بعيدا عن الشواطئ.

منطقة إفرحونان، الواقعة على بعد 70 كلم جنوب ولاية تيزي وزو والمعروفة بمناظرها الخلابة، تستهوي الزوار والسياح الذين يقصدونها لاكتشاف جمالها وكذا الاطلاع على العادات والتقاليد التي حرص أهل المنطقة على إحيائها وتنظميها كل سنة على غرار وعدة "اسنسي نوازرو نطهور" التي تبرمج سنويا خلال الأسبوع الأول من شهر أوت بالجبل الذي يتوسط قرى إفرحونان، وترتبط به عدة أساطير جعلت منه وجهة سياحية بامتياز، بالنسبة لسكان المنطقة والسياح على مدار السنة خاصة أثناء إحياء الوعدة. ويقصد هذا الجبل أعداد هائلة من السياح والمواطنين الذين يأتون من مختلف قرى الولاية ليقوموا بالدعاء في قمته وشكر الخالق سبحانه وتعالى ليزيد من نعمه عليهم ما يدفعهم لتقديم الأضحية بعد أن تتحقق أمانيهم.

ويتم إحياء عادة "ازرو نطهور" وفقا لبرنامج سطرته لجان القرى، حيث تجتمع ثلاث قرى للتحضير لهذه الوعدة، إذ وقع الاختيار هذه السنة على قرية "زوبقة" التي فازت بجائزة أنظف قرية، حتى تتكفل بتنظيم هذا الاحتفال المميز وذلك باقتناء الأضاحي وغيرها من المستلزمات التي تحتاجها العائلات لتحضير "الوعدة" التي تجلب في كل مرة أعدادا كبيرة من الزوار لتناول الكسكسي باللحم. والمميز في الأمر أن زوار منطقة إفرحونان يتنافسون على الصعود فوق صخرة "أزرو نطهور"، التي يبلغ ارتفاعها 1883م عن سطح البحر، إذ يتنافس الجميع على بلوغ القمة حيث يوجد مقام صغير لوالي صالح شاهد على حكاية هذه القمة العجيبة الذي رفض السكان التخلي عنه، حيث يقام ومنذ سنوات خلت وعدة تكريما وتخليدا لذكرى هذا الوالي الذي أفنى حياته في خدمة السكان وحل مشاكلهم بطريقة حكيمة جعلت الخلافات بين الناس تنتهي عند بدايتها لتسود المحبة والأخوة فيما بينهم.

وقد كثرت الأساطير والقصص حول هذا الجبل، حيث يقال إنه في يوم من الأيام وبينما كانت النساء يحضرن الكسكسي،  سقط "الكسكاس" المصنوع من الفخار من أعالي الجبل نحو الأسفل ولم ينكسر أو يتصدع، كما أنه لم يسقط منه الكسكسي ومن ثمة اعتبر السكان أن هذا المكان له شأن عظيم وأخذوا يحيون الوعدة به كل سنة.

ورغم اختلاف القصص والأساطير، إلا أن السكان أجمعوا على الاعتناء بالجبل وذلك بتهيئة القمة التي تعتبر قبلة للسياح لاكتشاف التراث والعادات وغيرها مع الاستمتاع بالجمال الذي يحيط بهذا الجبل الذي يتوسط السلسلة الجبلية المخضرة التي تبعث السكينة والراحة في نفوس قاصديها.