“وادي الغنم" وجهة مفضلة للعائلات والسياح
قرية الحلم بين الغابة والبحر في قلب شطايبي بعنابة

- 188

تنفست شطايبي بعنابة، الجمال من جديد، حين وُلدت على أطرافها قرية وادي الغنم السياحية، تلك اللؤلؤة المخفية التي كانت تنتظر من يكتشفها بعين العاشق، ويحمل إليها روح المستثمر الحالم، ليس البحر وحده ما يمنح هذا المكان سحره، ولا الغابة وحدها ما تزرع فيه الصفاء... بل هو ذلك التزاوج الفريد بين الأزرق والأخضر، بين الموج الراقص وسكون الأشجار، بين رائحة الصنوبر وملوحة الهواء، وهو ما جعل من وادي الغنم، قطعة من جنة تتربع على مشارف الخليج الغربي، وتفتح ذراعيها لكل من ضاق صدره بالزحام وضجيج المدن.
أبى أحد المستثمرين في هذا المكان، الذي كان لسنوات طويلة محطة للنزهات العابرة، إلا أن يغير النظرة، ويرى في هذا الفضاء العذري، فرصة لصناعة منتج سياحي متكامل، يراعي جمال الطبيعة دون أن يشوهها، ويوفر الراحة والخدمة، دون أن يفقد الزائر إحساسه بالانتماء إلى الأرض، هكذا وُلدت فكرة القرية السياحية "وادي الغنم"، وهكذا بدأت مرحلة التشييد على مساحة شاسعة قدرها أربعة هكتارات، هي اليوم فضاء نابض بالحياة والضيافة والهدوء.
وقد تم تشييد 120 شاليه بإتقان كبير، ليس فقط من حيث البنية، بل من حيث التفاصيل التي تُشعر الزائر بأنه في بيته، ولكن على شاطئ أجمل، وتحت ظل غابة أهدأ، حيث صمم كل شاليه ليحاكي الطبيعة المحيطة، دون تكلف أو مبالغة، مع تجهيزات عصرية تلبي حاجات العائلة، من مطبخ عملي، غرف نوم مريحة، وجلسات خارجية تُطل على البحر أو على الغابة، حسب موقع الشاليه، فالبناء هنا لم يكن مجرد إسمنت وحديد، بل هندسة تفاعلت مع الأرض، ومع ذوق الإنسان الباحث عن البساطة والأناقة في آن واحد.
لا تقل المرافق التي أُنشئت داخل القرية، عن مستوى الشاليهات، منها مسبح عصري بمقاييس دولية، تتوسطه جلسات مريحة ومظلات طبيعية، يطل مباشرة على البحر، ما يمنح المستحم إحساسًا نادرًا بالحرية والانفتاح على الأفق، بجواره مطعم عائلي دافئ، بديكور خشبي بسيط ينسجم مع البيئة، يقدم أطباقًا تقليدية جزائرية من كل ربوع الوطن، إلى جانب أطباق متوسطية وعالمية تلبي الأذواق المختلفة، مع الاعتماد على مواد محلية طازجة، يُعدها طهاة جزائريون محترفون بروح الإبداع والحب.
ولأن الحياة اليومية تستدعي توفر كل الوسائل، تم إنشاء مركز تجاري صغير، يضم محلات تبيع مختلف الحاجيات من مواد غذائية، أدوات بحرية، مستلزمات النظافة، وأخرى تقليدية تحمل بصمة المنطقة، هذا التكامل في الخدمات، جعل من القرية نموذجا مصغرًا لحياة هادئة ومريحة، يعيشها الزائر دون أن يغادر حدود المكان.
نظام أمني كامل لراحة النزلاء
على صعيد التنظيم والخدمات، جُهزت القرية بنظام أمني متكامل، يعمل على مدار الساعة، لضمان راحة وسلامة النزلاء، خصوصًا العائلات التي تبحث عن بيئة آمنة لأطفالها، كما تم ربط المشروع بشبكات الكهرباء والماء والأنترنت، لضمان استمرارية الحياة العصرية دون أي انقطاع، في ظل بيئة طبيعية غير ملوثة، وهو ما يعزز تجربة الزائر ويجعلها فريدة واستثنائية.
تحولت "وادي الغنم"، خلال موسم الاصطياف الحالي، إلى وجهة مفضلة لمئات العائلات من مختلف ولايات الوطن، وأيضًا للعديد من السياح الأجانب، الذين بدأوا يكتشفون هذا الوجه الجديد للسياحة الجزائرية، حيث تلتقي البساطة بالجودة، والطبيعة تُحتضن بالحب لا بالجرافات. كما وصف الكثير من الزوار إقامتهم هنا بأنها "تجربة علاجية"، لما فيها من صفاء ذهني، وراحة جسدية، وانفصال كامل عن ضغوط الحياة اليومية.
تنوع نباتي وحيواني
لا تقل المنطقة المحيطة بالقرية سحرًا عن داخلها، فبين الغابة الممتدة والجبال التي تُحيط بها، يمكن لعشاق المشي أن يخوضوا مغامرات صغيرة عبر المسالك الطبيعية، لاكتشاف التنوع النباتي والحيواني الذي تزخر به المنطقة، أما البحر، فهو حكاية أخرى.. مياه صافية كالكريستال، رمال ناعمة ذهبية، وأمواج هادئة تصلح للسباحة والأنشطة البحرية. كما تشاهد في بعض الزوايا، العائلات تستمتع بالشواء، بينما يركض الأطفال في أمان، يتعلمون لغة الطبيعة، ويصادقون الموج.
لكن، ما يُميز مشروع وادي الغنم السياحي، ليس فقط منشآته ولا طبيعته الخلابة، بل هو رسالته العميقة، بأن السياحة في الجزائر ليست حلمًا بعيدًا، بل واقعا يمكن تحقيقه بإرادة صادقة واستثمار ذكي، فهذا المشروع شهادة حية على أن الجزائري حين يثق في بلاده، ويستثمر في خيراتها، يستطيع أن يخلق معجزات، ويصنع أماكن تنافس كبريات المنتجعات في المنطقة المتوسطية، دون أن يفقد أصالته.
ليست وادي الغنم اليوم مجرد قرية، بل قصيدة مكتوبة بماء البحر وحبر الصنوبر، وأغنية يتردد صداها بين الجبال، وموعد دائم لمن يريد أن يصافح الجمال دون وساطة، ويعيش دفء الضيافة الجزائرية على أصولها. إنها وعد جديد للسياحة الداخلية، ورسالة مفتوحة إلى كل من يبحث عن الهدوء، عن التوازن، عن لحظة صفاء... في حضن البحر، وتحت ظل الغابة، في قلب شطايبي، في وادي الغنم.