غابة المريج بقسنطينة:

قبلة العائلات الباحثة عن الراحة وجمال الطبيعة

قبلة العائلات الباحثة عن الراحة وجمال الطبيعة
  • القراءات: 2186
زبير.ز زبير.ز

تستنجد العديد من العائلات القسنطينية خاصة في فصل الصيف، بغابة المريج التابعة إداريا لبلدية الخروب، للهروب من لفحات الشمس وارتفاع درجات الحرارة التي تتعدى في بعض أيام هذا الفصل عتبة الـ40 درجة مئوية خلال النهار، حيث تقصد العائلات القسنطينية التي لم تتح لها فرصة زيارة شواطئ المدن الساحلية، بسبب غياب الإمكانيات المادية والمالية أو عدم توفر الوقت الكافي. هذا المنتزه الذي يقصده القسنطينيون منذ أكثر من 30 سنة خلت ويشتهر بأنه منتجع للراحة النفسية والترفيه، استعاد بريقه بعد سنوات عجاف، عرفت فيها الغابة هجرانا كليا من طرف الزوار بسبب الحالية الأمينة التي شهدتها البلاد بين سنتي 1991 و2000.

الغابة تعرف ذروة الزيارات خلال العطل المدرسية والأسبوعية

تتربع غابة المريج على مساحة قدرها 30 هكتارا مخصصا للتنزه من بين 202 هكتارين من الأراضي الغابية، وتشهد إقبالا منقطع النظير في بعض فترات السنة، خاصة خلال العطل المدرسية، رغم عدم توفرها على مرافق كثيرة، حيث تصطحب الأسر القسنطينية أطفالها للتنزه والترفيه، بعد أسابيع شاقة من الاجتهاد والامتحانات، حيث تعرف الغابة توافدا كبيرا، وحركة دؤوبة تصل أحيانا إلى حالة الاكتظاظ، كما تغتنم بعض العائلات فرصة العطل الأسبوعية من أجل تغيير الجو والروتين اليومي، بقضاء بعض الساعات داخلها للاستراحة من متاعب الأسبوع وقضاء بعض الوقت رفقة الأطفال اللذين يستمتعون باللعب التقليدي بين الأشجار بعيدا عن ضغط ألعاب الفيديو وتكنولوجيا الأنترنت و«الفايسبوك".

كما يقصد المنتزه عددا من الرياضيين اللذين يمارسون مختلف الرياضات، مثل الجري وألعاب القوى، كرة القدم، كرة السلة، الدرجات الهوائية والفروسية، حيث يجدون هذا المرفق مكانا مناسبا للممارسة هوايتهم المفضلة.

وخصص القائمون على هذا المرفق مبلغا رمزيا من أجل دخول المنتزه للعائلات التي تملك سيارة، يقدر بـ100 دج، في حين تدخل العائلات الأخرى التي لا تملك سيارة المنتزه بالمجان دون دفع أي مبلغ. 

أكثر من 27 مليار لإعادة تهيئة المنتزه

خصصت ولاية قسنطينة من ميزانيتها الخاصة مبلغ 27.5 مليار سنتيم، من أجل إعادة الحياة لهذه الغابة التي تحولت إلى قبلة سياحية للعائلات القسنطينة وحتى العائلات التي أصبحت تتوافد من خارج قسنطينة، إلى جانب المغتربين الجزائريين، وقد تم إعادة تدشين هذا المنتزه سنة 2012 بمناسبة الاحتفالات بالذكرى المزدوجة لعيدي الشباب والاستقلال المصادفة للخامس من شهر جويلية، بعدما بلغت نسبة الإنجاز 95 %، وقد جهزت الغابة بشلال اصطناعي ينسكب فيه الماء من أعلى الهضبة إلى الأسفل، ليصب في بحيرتين اصطناعيتين خصصتا لتربية البط والإوز، لكن مع مرور الوقت اختفت هذه الحيوانات التي كانت تستقطب الزوار بشكل كبير، كما تم تجهيز المنتزه بجسر صغير يعبر بين البحيرتين، و10 مجموعات لتجهيزات ألعاب الترفيه والتسلية الخاصة بالأطفال الصغار وعلى رأسها المراجيح، ويضم المنتزه أيضا سلالم وشاليهات خشبية، مساحة لكرة القدم و3 أخرى لكرة السلة وكرة الطائرة، إلى جانب مسلك للدرجات الهوائية والفروسية بطول أكثر من 3400 متر، مسلك صحي بطول أكثر 1000 متر، كما يضم 40 طاولة، كل طاولة محاطة بكراس خشبية وتضم الغابة أيضا مجسمات لبعض الحيوانات، على غرار الذئب، الغزالة وأكبر المجسمات لحيوان الفيل الذي يعرف إقبالا كبيرا يسمح للزوار التقاط الصور أمامه.

قلة الخدمات والإنارة العمومية لا تعمل ليلا

ما يعاب على منتزه المريج؛ قلة الخدمات والمرافق الموجودة، حيث كان من المفروض أن يتحول هذا المكان السياحي إلى قبلة للمستثمرين في مجال الخدمات، خاصة أن المنتزه يعرف إقبالا كبيرا من طرف الجمعيات الناشطة في المجال الثقافي والمهتمة بمرافقة الأطفال الصغار في النشاطات الرياضية والفنية، وتلجأ العائلات وزوار المنتزه إلى جلب كل احتياجاتها من ماء، أكل، عصائر، كعك وغيرها، في ظل افتقار المكان إلى مثل هذه السلع وإن وجدت تكون قليلة وبأثمان مرتفعة، كما يغيب التنشيط تماما في غابة المريج ولا يكون إلا من طرف بعض الجمعيات التي تزور الغابة في شكل رحلات مدرسية مبرمجة وتحولها إلى فضاء كبير للمرح والتسلية وتصنع جوا رائعا يستقطب الأطفال والعائلات من خلال البرامج التي تقدمها كالرقص ونشاطات الدمى العملاقة والمسابقات الرياضية والترفيهية.

مشكل آخر يعاني منه المنتزه، يتمثل في غياب الإنارة العمومية، فرغم وجود 179 وحدة بين عمود إنارة عمومية، مصابيح مغروسة في الأرض وأخرى على علو سنتيمترات، تستمد طاقتها من خزانة مركزية، إلا أن المنتزه يدخل في سبات عميق مع حلول أولى لحظات الليل، بسبب الظلام الدامس الذي يخيم عليه، في ظل عدم تشغيل الإنارة العمومية وهو ما يجعل العائلات تغادر المكان مع غروب الشمس وكان بالإمكان أن يكون المكان قبلة العائلات في الليل من أجل السهر وحتى تناول وجبة العشاء هناك.

الدرك يؤمن المكان وتواطؤ عمال الحظيرة في جلب المنحرفين

مع افتتاح منتزه المريج سنة 2012، أبت مصالح الدرك الوطني بقسنطينة  إلا أن تؤطر الأمن بالمكان، خاصة أن المنطقة تقع في مساحة غابية خارج المحيط العمراني، حيث وإضافة إلى الحاجز الأمني الذي نصبته مصالح الدرك الوطني بمدخل الغابة، يوجد مركز أمني ثابت داخلها يؤطره أفراد الدرك، كما يقوم أعوان مصالح مديرية الغابات التي تحوي هي الأخرى مركزا داخل الغابة، بدورات دائمة من أجل الوقوف على مدى احترام الزوار لشروط الأمن والنظافة وعدم تعريض الغابة لخطر الحريق أو التلوث.

وتشتكي بعض العائلات التي تزور غابة المريج بقسنطينة من تصرف بعض القائمين وحراس الحظيرة الذين يتواطأون مع منحرفين ويسمحون لهم بالتوغل داخل حظيرة المنتزه بين سيارات الزوار، ويسيئون لسمعة المنتزه بسبب تصرفاتهم اللاأخلاقية، حيث يلجأ البعض إلى الممارسة الرذيلة تحت تأمين حراس الحظيرة الذين لا يهمهم إلا التحصيل المالي، وهو الأمر الذي يخدش حياء زوار الغابة خاصة في ظل تواجد الأطفال ضمن الوافدين.

الغابة متنفس للعائلات والحفاظ عليها مهمة الجميع

تبقى غابة المريج بقسنطينة من الأماكن القليلة التي يمكن للمواطن القسنطيني زيارتها للترويح عن النفس والترفيه في ظل افتقار المدينة إلى مثل هذه الفضاءات، في انتظار مشاريع أخرى بعدما اقترحت مديرية الغابات على المصالح الولائية برمجة عدد من الغابات الأخرى لتكون منتزهات، على غرار غابة البعراوية بمساحة 48 هكتارا، غابة بكيرة  بمساحة 113 هكتارا، غابة عين بورنان بيعن أعبيد بمساحة 1487 هكتارا، غابة المنتزه بعين السمارة بمساحة 39 هكتارا وغابة حاج بابا بالخروب بمساحة 305 هكتارات.

كما تبقى مهمة المحافظة على هذه الغابة مسؤولية الجميع من السلطات المحلية التي يتوجب عليها متابعة كل كبيرة وضعية بشأن هذا المرفق السياحي والتدخل في الوقت اللازم، والمستأجرين لهذا المرفق، من خلال المحافظة على التجهيزات وصيانة كل عطب خاصة أن المرفق بدأ يعرف تدهورا مقارنة بالسنة الأولى التي دشن فيها، وحتى المواطن لديه دور في الحفاظ على هذا المكسب من خلال التحلي بروح المواطنة وعدم الإضرار بهذه الغابة.