المحامية سهام حماش تؤكد:

قانون تزويج القاصر من مغتصبها يحتاج لإعادة نظر

قانون تزويج القاصر من مغتصبها يحتاج لإعادة نظر
  • القراءات: 5719
نور الهدى بوطيبة نور الهدى بوطيبة

دعت المحامية سهام حماش، وعضو في شبكة «سهيلة» للتنديد بالعنف ضد المرأة، إلى ضرورة إلغاء المادة المتعلقة بتزويج القاصر من مغتصبها، مشيرة إلى أن هذه المادة إجحاف في حق الضحية، وتشجيع لهذا الفعل، لاسيما أن المغتصب يمكنه أن يتملص من جريمته فور توقيع عقد الزواج من الفتاة.

أضافت المختصة أن القاصر في ظل هذا القانون  ضحية حتى بعد محاكمة الجاني، فالمشرع الجزائري يسمح بزواج الجاني مع ضحيته القاصر أو البالغة المتضررة نفسيا وجسديا، حتى ولو لم يكن بينهما سابق معرفة، وترضخ الفتاة تحت ضغط من عائلتها وتحايلِ من المتهم الطامع في تخفيف عقوبته بعد زواجه، لتجد الفتاة نفسها بين خيار الزواج بذريعة «التستر» أو بين محاكة المجتمع الذي ينظر إليها نظرة الفتاة المغتصبة..    

قالت المحامية بأن القانون الذي يتيح تزويج القاصر من مغتصبيها يعد هضما لحق الفتاة التي تتخبط بين واقع مجتمعها الذي لا يرحمها كضحية اغتصاب وبين إكراه قبول الزواج بمغتصبها، حيث أكدت أن هذا القانون يمكنه أن يكون سببا في الإساءة للضحية مرة أخرى، وهذا بإعادة فسخ المجرم للعقد بعد نفاذه من عقوبة السجن.

وقالت المتحدثة بأن هذا القانون المعمول به وتكرسه الأعراف، فهو الوسيلة المثالية التي ارتآها المشرع لستر الفضيحة، وبهذا الفعل يتم تجاوز حق الفتاة في حرية اختيارها بين القبول أو الرفض.

وأشارت المحامية إلى أن المحاكم تسجل يوميا تزايدا في قضايا تزويج القاصرات بمغتصبيهن، إلا أن هذا القانون لا يزال موضوع جدل كبير بين رجال القانون، والهيئات المختصة في حماية حقوق المرأة. وأن المشرع هنا يمنح للرجل حرية «التهرب» من العقوبة، فالتعدي على حق الفتاة يبدأ من جريمة الاعتداء والاغتصاب، مرورا بأخذ الفتاة عند مغتصبها داخل السجن، ليتم عقد القران بينهما، وصولا إلى إرغام الفتاة على مشاطرة حياتها مع ذلك المجرم.

وهنا تقول المحامية؛ من الضروري إعادة صياغة القانون المتعلق بحماية الفتاه في هذا الباب، فالقاصر التي تعد الضحية لا يعطى لها أي حق وسط التقاليد والأعراف وسط عائلتها ومجتمعها،  حيث ينظر إليها بعد الحادثة نظرة قاسية، في حين أن المتورط يخير بين الزواج أو عقوبة السجن، وهو ما تختاره أغلب العائلات لستر الفضيحة.

قالت المحامية سهام بأن ارتباط هذه القضية بالشرف والعرض هو ما يجعل هذا القانون يطبق وسط العديد من الدول العربية، والدليل على ذلك النص القانوني في المشرع الجزائري الذي لم يعط صيغة أخرى للمادة، كبديل على مصطلح «هتك عرض فتاة قاصر»، وهذا المفهوم هو الآخر يجعلنا ضحايا المعتقدات والأعراف لنحول في مفهومنا الضحية إلى متورطة ونعاقبها بدل المجرم الحقيقي.

كما تؤكد المتحدثة أن أغلبية، إذا لم نقل كل هذه الزيجات، يكون مصيرها الفشل، وهذا يعود لعدة أسباب أهمها نفور الزوجة من زوجها والنظر إليه كمجرم تعدى عليها بالإكراه، إلى جانب صغر سن الفتاة، وكذا عدم وجود متابعة لهذا الزواج من القضاء، مما يدفع في الكثير من الأحيان الزوج المتورط إلى تطليق الفتاة بعد سقوط حكم العقوبة بالسجن.

تشهد ظاهرة الاعتداء الجنسي على النساء إجمالا والقاصرات خصوصا، تزايدا رهيبا في المجتمع، بفعل تعاطي المخدرات، والانحلال الخلقي والخوض في العلاقات المشبوهة، وعلى هذا دعت المتحدثة إلى تعزيز هذا الباب من القانون لضمان حماية أكبر للفتاة وفرض عقوبة رادعة للجاني والمتورط حتى يتم الحد من هذه الجريمة.

وأشارت المتحدثة إلى أن عقوبة السجن في حالة عدم الزواج تتراوح بين 5 إلى 15 سنة، حسب الظروف المصاحبة للجريمة، لكن في حالة قرار الزواج لمحو «وصمة العار»، على حد تعبير بعض الأعراف، تضيف المتحدثة، يرخص القاضي للقاصر الزواج بالمتورط، وهنا ينجو المجرم من العقوبة بطريقة قانونية.

من جهة أخرى، أكدت المتحدثة أنه بحكم السلطة التقديرية التي يتمتع بها القاضي، له الحق في إصدار قرار عدم تزويج المتورط بضحيته ويدين الفاعل بما تتوفر لديه من أدلة، فالقضاة في هذه الحالات لابد أن يتجردون كاملا من العاطفة أثناء معالجة هذا النوع من القضايا.