الحقوقية فاطمة الزهراء بن براهم لـ ’’المساء":

قانون تجريم العنف ضد المرأة يفتقر لآليات الإثبات

قانون تجريم العنف ضد المرأة يفتقر لآليات الإثبات
  • القراءات: 2845
رشيدة بلال رشيدة بلال

شككت الحقوقية فاطمة الزهراء بن براهم في إمكانية تطبيق قانون تجريم العنف ضد المرأة الذي أفرج عنه مؤخرا ، شأنه شأن صندوق النفقة الذي لم تحدد إلى حد الآن طريقة الاستفادة منه، وقالت في حديث خاص لـ«المساء"، أن قانون تجريم العنف ضد المرأة لم يأخذ فيه برأي المختصيين الذين يفترض أنهم يملكون نظرة عن واقع المجتمع ولا يحبذون فكرة تفكك الأسرة وقالت أن  هذا القانون لم يأت بطريقة ديمقراطية، لأن النقاش الذي يمس الأسرة والمرأة مشروع مجتمع لابد من الإجماع عليه، لذا لا مجال لتطبيقه مطلقا، خاصة أنه يفتقر لآليات الإثبات".

❊ ما هي قراءاتك لقانون تجريم العنف ضد المرأة بعد صدوره؟

— أشير فقط في بداية الأمر إلى أننا كمجتمع كنا ولا زلنا نجهل كيف ندافع عن حقوقنا ونحتاج دائما إلى الوسيط، هذا الوسيط هو المجتمع الأوروبي الذي يعتبر الداعم الرئيسي لقانون تجريم العنف ضد المرأة، والسبب واضح لأن المرأة الجزائرية وضعها بالمقارنة مع النساء الأوروبيات أحسن بكثير على الصعيد السياسي والاجتماعي، فإذا عدنا إلى التقارير التي صدرت عنهم، تفيد أنه كل ثلاث ساعات تموت امرأة بسبب الضرب والجرح العمدي الناجم عن زوجها أو صديقها، وكل 13 يوما، يموت رجل من عنف زوجته أو صديقته، وإذا عدنا إلى الجزائر نجد حالتي وفاة في السنة عبر كامل التراب الوطني، وهو رقم قليل جدا، مما يعني أن الجزائر ليس بلدا عنيفا، لذا الأولى بمثل هذه القوانين هي الدول الغربية وليس الجزائر، لذا أقول بأننا لسنا بحاجة إلى مثل هذا القانون الذي لا يخدم مطلقا المرأة، بل يؤذيها أكثر مما ينفعها.

❊ في رأيك، هل سيكون من السهل تطبيقه؟

— أذكر أنني كنت إلى وقت قريب، عضوا في المجلس الذي نصبته وزارة التضامن لدراسة الإستراتيجية الخاصة بمكافحة العنف ضد المرأة، غير أنني انسحبت منه بعد أن تبين لي أن هذه اللقاءات كانت من غير أهمية، إذ لم أذكر أننا خرجنا بأية نتيجة فعلية في كل اجتماعاته، ومن ثمة، اتضح لي أن قضايا المرأة لا تهم عضوات المجلس، لأن الحوار لم يخرج عن دائرة؛ ما هو العنف؟ وما هي أسبابه؟ وأن المشروع الذي كان يجري العمل عليه مخطط له مسبقا ويتعلق بتنفيذ ما جاء في اللائحة التي تتعلق بالمجلس الأوروبي والمقدمة من البرلمان الأوروبي الذي حدد حالات العنف ضد المرأة واستهدف الدول العربية المغاربية والإفريقية، وبالرجوع إلى سنة 2012، كان لابد أن يتم تنفيذ التوصيات على المستوى الدولي، بمعنى أن المجلس يأمر ونحن ننفذ، غير أننا لا نقبل هذا الطرح  كجزائريين، لأن الجزائر بلد حر ومستقل، غير أن ما حدث كان لإرضاء المجلس الأوروبي بعد أن تم طرح القانون في 8 مارس، على الرغم من أنه لم يحصل على إجماع كلي، ومع هذا تم تبنيه بعد أن ثمنته الطبقة التي تحمست له من نساء صاحبات جمعيات لا يمثلن إلا أنفسهن.

❊ هل تعتقدين أن المواد التي تم استحداثها وتعديلها تخدم المرأة ؟ 

— للوقوف على نوعية التعديلات إن كانت تخدم المرأة وتحميها من عدمه، لابد من الرجوع إلى النص الأصلي ونأخذ المادة 266 مكرر من قانون العقوبات التي جرمت العنف الزوجي كعينة، فبالرجوع إلى النص الذي عدل سنة 2006، يذكر فيه أنه يعاقب كل إنسان ارتكب فعل العنف بغض النظر عمن صدر عنه هذا الفعل، والجديد الذي جاء به التعديل هو نقل النص من العام إلى الخاص باستهداف الزوجة، بالمقارنة أيضا، نجد أن العقوبة كانت الإعدام، لكن في التعديل، المؤبد، لأن كل عنف يؤدي إلى الوفاة من المفروض أن يقود إلى عقوبة الإعدام، لكن الجديد هو المؤبد، بمعنى أن هناك تخفيف، والسؤال الذي نطرحه كقانونين؛ أين هي حماية المرأة في هذا الإطار؟ بمعنى أن الزوج إذا ضرب زوجته وقتها يحكم عليه بالمؤبد عوض الإعدام، وإن قتلها جارها أو شخص أجبي يعاقب بالإعدام، إذن أين هي الحماية؟، رغم أن  ديننا يحث في حال القتل على القصاص وهو ما كان معمول به قبل التعديل، هذا من جهة، وبالرجوع أيضا إلى المادة 266 مكرر1 الخاصة بتجريم العنف الزوجي بالعقوبة المقررة من سنة إلى ثلاث سنوات. بينما في النص الأصلي، كان معاقب عليها بين سنتين إلى 10 سنوات، بمعنى، إذا كان الزوج الفاعل، العقوبة من سنة إلى ثلاث سنوات وتبقى السلطة التقديرية للقاضي، وإن كان الفعل من قبل أجنبي من سنتين إلى 10سنوات ونسأل هنا: أين الدفاع عن حقوق المرأة؟ وأيضا المادة 330 من قانون العقوبات المتعلقة بالعنف الاقتصادي، وفي هذا الإطار، أقول بأننا إذا كنا مسلمين نعرف أن المادة أساسها القرآن الكريم الذي منح المرأة الإستقلالية المالية وعلى الزوج أن يتكفل بكل نفقاتها، لكن المشكل هو أن المرأة هي التي تعطي أموالها لزوجها حتى لا يغادرها، وبعد الطلاق أو دخولها في صراع معه تطلب منه إعادة مالها، أين الجديد في هذا النص؟ هذا بالنسبة لنا كقانونين مهزلة، فإذا ادعت المرأة بأنها قدمت له المال لا تستطيع الإثبات، وهو الشق الغائب في كل هذه التعديلات، الذي يجعل تطبيق هذا القانون صعبا.

❊ ما الذي تقصدينه بإشكالية الإثبات ؟

- كل التعديلات والنصوص التي تم استحداثها تغيب فيها طرق الإثبات،  فالتحرش الجنسي في الشارع، نحن اليوم لسنا في إطار المعاقبة على التحرش الجنسي لأنه معاقب عليه بنص صريح، لكن في كيفية إثبات الفعل في حد ذاتها، فمثلا تستطيع أية امرأة أن تدعي بأن أباها أو أخاها تحرش بها للتخلص منه، لكن ما هي وسائل الإثبات التي يبني عليها القاضي حكمه، وهو الأمر الذي نعمل عليه ليساعد على تطبيق القانون وتستفيد منه المرأة ويؤمن لها الحماية المطلوبة، ومن ثمة كل هذه النصوص جاءت لترضي المجتمع الغربي وليس لحماية المرأة ولا الأسرة، وكان الأحرى في حمايتها؛ البدء بتأمين وسائل تساعدها على الإثبات عندما تجر زوجها إلى المحكمة، ومن ثمة يقوم بإجراء بسيط، وهو الطلاق ردا على شكواها، المرأة في هذه الحالة تحتاج إلى مشروع حماية بعد أن طلقها: أين تذهب هذه الزوجة في ظل غياب مراكز يتم التكفل فيها بهذه الفئة حتى لا ترمى؟ أو أكثر من هذا، المرأة التي يتوفى زوجها ويترك لها طفلين وهي صغيرة في السن، القانون لا يسمج لها بإعادة الزواج حتى لا تفقد أبناءها، هذه العينة لما لا يجري حمايتها، بالتالي هذه التعديلات لا تخدم مطلقا المرأة ولم تكن هي التغيرات المنتظرة.

❊ ما الذي تقترحينه؟ 

— كان لابد من قراءة القوانين الموجهة لحماية المرأة بمنظور عام، لذا لا مجال مطلقا لتطبيقه، لأن أبعاده غير واضحة ولا أخفي عنكم بأن قانون الأسرة مستهدف، وهناك أفكار غربية تتطلع إلى نشر فكرة التخلي عن الخلع، وتمكين المرأة من الميراث بالتساوي مع الرجل وجعل العصمة الزوجية في يد المرأة وهذه القوانين تستهدف تحطيم الأسرة، وما دمنا اليوم نتحدث عن إسلاميين رافضين للقانون، وغيرهم، فما هو المقصود بغير الإسلاميين بمعنى أن التوجه يسير إلى التخلي عن القرآن كمصدر في التشريع، علما أن الشريعة من أهم مصادر التشريع في كل ما يخص الأسرة.

❊ كلمة أخيرة؟

— أنا على يقين أن المجتمع غير راض عن هذا القانون الذي لم يأتي بإضافة، بل وأكثر من هذا، حمل الكثير من أوجه التخفيف لفائدة الزوج، وعلى يقين أيضا أن هذا القانون شأنه شأن صندوق النفقة لن يجد مطلقا مجالا للتطبيق بسبب غياب آليات الإثبات، وبالرجوع إلى صندوق النفقة، أشير فقط إلى أنه يوم وضع حمل في طياته مادة جعلته لا ينفذ مطلقا، وهي بجعل القرار الذي يأخذه القاضي غير قابل للنقاش من أول جلسة، مما يعني أن الحكم بعدم جواز النفقة غير قابل للمراجعة، والمشرف على أموال الصندوق هي وزارة التضامن العاجزة حتى عن التكفل بقطاعها، وأكثر من هذا،  الصندوق يمول من عائدات المحسنين، بمعنى؛ حتى وإن حازت على قرار الموافقة قد تنتظر طويلا للحصول على هذه الأموال.