يمضون وقتهم بين المقاهي والمساجد والحدائق العمومية

فضاءات الترفيه بالمدن لا تلائم المسنّين

فضاءات الترفيه بالمدن لا تلائم المسنّين
فضاءات الترفيه بالمدن والمسنّون
  • القراءات: 1748
❊رشيدة بلال ❊رشيدة بلال

يجد المسن بحلول موسم الصيف صعوبة كبيرة في التكيف مع الجو العام، لعدم وجود مرافق تتكفل بهذه الفئة في ظل غياب شبه كلي للجمعيات التي تعتني بهم، حيث يمضون طيلة يومهم بين المقاهي أو الحدائق العمومية، وبالنظر إلى وقت الفراغ الكبير الذي يعيشونه يفرون إلى المنازل للنوم؛ علّهم بذلك يقلّصون من ساعات أيام الصيف الطويلة.

مع كل صائفة يكون المسن ملزما بإيجاد إجابة عن السؤال التالي: أين يذهب؟ وما هو المكان الذي يمكنه تمضية الوقت فيه خاصة أن أغلب الأماكن الترفيهية لا تناسب هذه الفئة، إما لارتفاع درجات الحرارة فيها مثل الشواطئ، أو لكثرة الضجيج كالحدائق العمومية، أو لبعدها بالنظر إلى أن عددا كبيرا منهم لا يتحملون مشاق السفر، لاسيما أن أغلبهم يعانون من أمراض مزمنة؛ كارتفاع الضغط الدموي والسكري وأمراض القلب.

ولدى احتكاك "المساء" بعدد منهم أفادوا بأن فترة العطلة الصيفية من أصعب الأوقات على المسن، لأنه لا يجد مكانا يذهب إليه لعدم وجود هياكل تبرمج نشاطات تناسب هذه الشريحة، كالنوادي أو فضاءات التنزه لفائدة كبار السن، على غرار ما يحدث في الدول الغربية بتخصيص أماكن خاصة فقط لكبار السن، تحوي جملة من الشروط التي تستجيب لوضعهم النفسي والصحي، ما يحتّم عليهم التواجد في أماكن رغما عنهم فقط لتمضية الوقت كالمقاهي والحدائق العمومية، التي في كثير من الأحيان تتحول إلى أماكن مزعجة عندما يتواجد فيها الأطفال أو بالهروب إلى المساجد، مؤكدين أنه آن الأوان للتفكير في خلق فضاءات أو مرافق خاصة بهم على الأقل، ليشعروا بأهميتهم وأن حياتهم لم تعد من دون قيمة بعدما أنهوا مهمتهم العائلية والمهنية.

المرافق العمومية طاردة للمسن

وحول إشكالية العطلة والمسن تحدثت "المساء" إلى المختص في علم الاجتماع الأستاذ حسين آيت عيسي، الذي أشار في بداية حديثه إلى أن أول إشكال يواجه المسن بمجرد أن يبدأ موسم الصيف والحر هو الفراغ، فعادة ما يواجه المسن الذي يعيش في المدينة أكثر من المسن الذي يعش في الريف، كون هذا الأخير غالبا ما لديه ارتباط بالأرض، وبالتالي لا يعاني مطلقا من الفراغ على خلاف "المسن الذي يعيش في المدينة والذي عادة ما يسكن في عمارة، وبالتالي صعوبة الخروج والدخول إلى المنزل في حد ذاتها، تجعله يشعر بالانزعاج؛ كونه يحتاج إلى بذل جهد، وتخلق له الكثير من المشاكل الاجتماعية والنفسية، فتجعله شخصا عصبيا"، مشيرا إلى أن هذا المسن إن كان مثقفا فمن السهل عليه ملء وقت فراغه بالمطالعة، غير أن الإشكال الكبير يُطرح بالنسبة للفئة التي لا تقرأ، الأمر الذي يجعله يعيش صراعات نفسية تزيد من حدة مزاجه.

من جهة أخرى، أشار المختص في علم الاجتماع إلى أن  جل المرافق الموجودة في المدن عادة لا تناسب المسنين، ويمكن القول بأنها مرافق طاردة للمسنين، لكونها "لا تستجيب للحالة الصحية والنفسية والجسدية له بالنظر إلى أنها غير مكيفة  لتستجيب لحالتهم، ناهيك عن كونها تعج بالشباب والأطفال؛ الأمر الذي يجعله يفر منها"، مشيرا إلى أن الحل لمواجهة هذا الإشكال يتمثل في  إعادة النظر في التهيئة العمرانية للمدينة؛ من خلال نقل تجارب الدول المتقدمة. وكما يتم التفكير في فضاءات ومساحات ترفيهية خاصة بالأطفال، لا بد أيضا من التفكير في مساحات خاصة بالمسنين، خاصة أن نمط الحياة اليوم تغير وأصبح المسن يعيش مطولا، الأمر الذي أصبح يفرض  التفكير بصورة جدية، في  تهيئة أماكن خاصة بالمسنين يمضون فيها أوقات فراغهم.

مبادرات محتشمة من الجمعيات

من جهتها، أوضحت سعاد شيخي رئيسة جمعية إحسان للتكفل بالأشخاص المسنين ردا على سؤالنا حول غياب المرافق التي تتكفل بهذه الشريحة خلال الصيف، أوضحت أن المسنين الذين يتواجدون على مستوى المراكز التابعة لوزارة التضامن الوطني، تم التكفل بهم، حيث يستفيدون سنويا من برامج ترفيهية تتناسب وسنهم، ولا يقتصر الأمر على العطل الصيفية وإنما هناك برنامج يجري العمل به على مدار السنة.

أما على مستوى الجمعية فتقول رئيسة جمعية إحسان: "حقيقة ليس هنالك مرافق خاصة  للترويح عن المسنين الموجودين بين عائلاتهم، من أجل هذا تقوم الجمعية التي تعنى بهذه الشريحة ببعض المبادرات؛ من أجل إشعار هذه الفئة بنوع من الاهتمام، من خلال تسطير برنامج يناسبهم، حيث قمنا (تضيف) مؤخرا بترتيب رحلات لفائدة المسنين من الجنوب إلى الشمال، وتحديدا من  تمنراست والنعامة وغرداية إلى منطقة دلس لاكتشاف جمالها وشواطئها الساحرة"، مشيرة إلى أن البحر عادة لا يستهوي كبار السن بقدر ما يحبون النزهات السياحية إلى الغابات، وهو ما سعت الجمعية إلى تحقيقه نزولا عند رغبتهم.