بالرغم من تكاليفها المرتفعة

عمرة رمضان تلقى رواجا متزايدا لدى الجزائريين

عمرة رمضان تلقى رواجا متزايدا لدى الجزائريين
  • القراءات: 1522
حنان. س حنان. س

تلقى عمرة رمضان الكريم مكانة خاصة لدى الجزائريين لعدة اعتبارات، لعل أهمها فضل الاعتمار مع الرسول عليه الصلاة والسلام لحديثه الشريف: ”عمرة رمضان تعدل حجة معي”. هذا الأمر جعل المئات من المواطنين يتوافدون على وكالات السياحة والأسفار في الصالون الدولي للسياحة والأسفار المنعقد مؤخرا بالعاصمة، ولمست ”المساء” الاهتمام الكبير بعمرة الشهر الفضيل، حتى وإن كان مبلغها يفوق مداخيل الكثيرين.

تعرض مختلف الوكالات السياحية خدمات عمرة رمضان 2014 بأسعار أقل ما يمكن القول عنها بأنها تفوق مداخيل المواطنين، فهي تتراوح بين 280 ألف إلى 350 ألف دينار لمدة لا تزيد عن 15 يوما إلى البقاع المقدسة، رغم ذلك لمست ”المساء” إصرارا كبيرا من طرف بعض زوار صالون السياحة من المهتمين وهم يؤكدون على أن فضل الحج مع الرسول الكريم لا يقدر بثمن، متجاوزين ما يروجه الإعلام حول مخاطر العدوى بفيروس ”كورونا” الذي ترجح بعض المصادر أمر تأثيره على موسم الحج والعمرة للسنة الهجرية 1435. كما لم تكن ”المساء” لتغفل أمر الحديث عن التكوين بالنسبة للقائمين والمشرفين على الوكالات السياحية، ليس فقط في مجال الحج والعمرة، إنما إلى باقي وجهات العالم..

 

عمرة رمضان.. تجارة مع الله

اعترف كل المشرفين على وكالات السياحة ممن تحدثت ”المساء” إليهم بالأسعار المبالغ فيها والخاصة بعمرة رمضان الفضيل، لكنهم برروها بأشغال التوسعة الجارية في العاصمة المقدسة. كما وجد آخرون حجة لهم بالقول بأن عمرة شهر الصيام ذات أفضال كثيرة لا تحصى، لعل أهمها الحج مع الرسول (صل الله عليه وسلم) استنادا لقوله الشريف، يقول السيد حكيم سباش صاحب وكالة سياحية بأعالي العاصمة، ويضيف بقوله؛ ”صحيح أن سعر عمرة رمضان تعادل سعر الحج لأنها تعادل فضله وحسناته، إضافة إلى جمع المعتمر أفضال الصيام والقيام والتهجد وتلاوة القرآن وبركة وفضل ليلة القدر وحتى الطواف، كلها بجوار بيت الله الحرام دون إغفال فضل الدعاء واستجابته، وهي أعمال بحسنات وأفضال لا يحصيها إلا الله، فكيف للفرد ألا يفكر في اكتساب كل تلك الحسنات في مكان واحد مثل الكعبة وفي زمن واحد مثل رمضان”.

ويوضح حكيم أن وكالته أغلقت التسجيلات بالنسبة لعمرة رمضان شهرين قبل حلوله، بسبب تهافت المواطنين الكبير للتوجه نحو البقاع المقدسة. كما أنه أصر على أن تشرح ”المساء” تكاليف هذه العمرة لرفع اللبس ويفهم المواطن أسباب هذه التكاليف الكبيرة، إذ يقول بأن سعر غرفة رباعية في الأيام الـ15 الأولى من شهر رمضان خلال الموسم العادي محددة بـ175 ألف دينار، ينزع من هذا المبلغ ثمن التأشيرة إلى المملكة السعودية، حيث تبلغ قيمتها 100 ألف دينار والمبلغ المتبقي يقسم على مصاريف النقل نحو الفنادق والتوجه إلى المزارات، أي زيارة بعض المعالم الدينية التي اشتهر اسمها في التاريخ الإسلامي، مثل مسجد قباء وجبل أحد ومقبرة شهداء غزوة أحد ومقبرة البقيع وغيرها من المعالم، هذه الخدمة مبلغها في حدود 3 ملايين سنتيم، والمتبقي منه وهو 4.5 ملايين سنتيم، سعر إقامة شخص واحد في فندق قرب الحرم المكي لمدة 15 يوما. يعلق حكيم بقوله؛ ”هذا سعر زهيد جدا مقارنة بسعر قضاء ليلة واحدة في فندق ”5” نجوم مثلا، وطبعا مبلغ عمولة الوكالة السياحية مقسوم بدوره ضمن المبلغ المتبقي بعد دفع حقوق التأشيرة”.

ولم ينس حكيم الإشارة إلى أن أشغال التوسعة في الموسم الحالي للعمرة والحج أثر بشكل كبير على تحديد التسجيلات الخاصة بعمرة شهر رمضان تحديدا، وكان سببا مباشرا وراء الرفع الكبير من أسعارها، وقال المتحدث الذي له باع طويل في خدمة المعتمرين بأنه خلال الموسم العادي كانت تصل ‘كوطة’ الجزائر للمعتمرين إلى 160 ألف معتمر، وخلال الموسم الجاري تراجعت إلى 30 ألف معتمر فقط، ”مما يدل دلالة واضحة على تأثير أشغال التوسعة على قصد بيت الله الحرام، ليس فقط في شهر رمضان، لكن في كامل الأيام والأشهر”، يضيف حكيم سباش.

من جهته، يعترف السيد حيرش صاحب وكالة سياحية بالعاصمة، بأن المواطنين كثيرا ما يشتكون من أسعار عمرة رمضان التي يرون بأنها مبالغ فيها، ويتفق مهدي مع حكيم حول أسباب المبالغة في تلك الأسعار، لكنه يضيف سببا آخر وهو ‘جشع’ السماسرة ومسيري الفنادق في العاصمة المقدسة الذين يستغلون موسمي عمرة رمضان والحج للرفع من أسعار الخدمات الفندقية. ويقول مهدي بأن المواطن مخير في الاعتمار إما خلال شهر رمضان أو سائر الأيام العادية، كما لديه تشكيلة واسعة من الأسعار بين الغرف الرباعية والثلاثية والثنائية، إضافة إلى المسافات الفاصلة بين الفندق والحرم المكي، ”هنا يتقدم المواطن إلينا لنشرح له كل التفاصيل، وهو يختار السعر الذي يريحه”، يقول المتحدث الذي يعترف حقيقة بأن العديد من المواطنين يتهمون الوكالات السياحية بأنها تستغل شهر رمضان تحديدا للضغط على جيب المواطن الذي يتوق للسفر إلى الكعبة والإحساس بروحانية الصيام والقيام والطواف بها، لكنني أوضح له من مقامي هذا أنه مخطىء وعليه ألا يضع كل الوكالات السياحية في خانة واحدة، كما أنصحه بالاستعلام عن الأسعار المعمول بها في البقاع المقدسة ويقوم بعمليات حسابية ليتأكد بنفسه من أن هامش ربح الوكالة بسيط بالمقارنة”.

وبالمثل يقول مهدي طالب، مسير وكالة سياحية بولاية عنابة، ويعتبر أن المواطن الجزائري لا يعيب فقط أسعار عمرة رمضان تحديدا، إنما أسعار كل الوجهات السياحية إلى العالم، وينسى تقلب صرف أسعار العملات الدولية في البورصات وتدني قيمة العملة المحلية في المقابل، وهو ما يؤثر بشكل كبير جدا على الأسعار المعمول بها سواء بالنسبة للعمرة أو للاتجاه إلى عواصم سياحية أخرى.

 

...لأن ثواب الطاعة مضاعف

ويعترف بعض المواطنين ممن استطلعت ”‘المساء” آراءهم بصالون السياحة، بأن أسعار عمرة شهر رمضان 2014 مبالغ فيها إلى حد كبير، إلا أنهم يتفقون حول فضلها وثواب الطاعة المضاعف خلال الشهر الفضيل، إذ يقول أحدهم كان يستفسر عن أسعار عمرة رمضان من إحدى الوكالات السياحية، بأن الأسعار المطبقة هذه السنة مبالغ فيها كثيرا وتبقى بعيدة جدا عن مستوى مدخول آلاف المواطنين ممن يرغبون حقا في الاعتمار في رمضان، كون فضلها كبير وتعادل حجة مع الرسول عليه الصلاة والسلام. وأوضح المتحدث أنه استفسر عن الأسعار عند العديد من الوكالات السياحية ”التي يبدو أنها اتفقت على الأسعار نفسها، مما يحصر اختياراتنا”، يقول المواطن مضيفا: ”رغبتي كبيرة في الذهاب إلى الكعبة في شهر رمضان، لكن إمكانياتي المادية محدودة، أعتقد أن على المواطن أن يقتصد في عدة نفقات طيلة السنة وربما أكثر حتى يوفر ثمن عمرة رمضان”.

وهو بالضبط ما أشار إليه مواطن آخر، حيث يقول: ”أعلم جيدا أن أسعار عمرة رمضان مرتفعة، لكني أصررت على الاعتمار خلال شهر رمضان القادم، وعليه، قمت بالادخار منذ الموسم الماضي لأحقق رغبتي، بل أكثر من ذلك، سأصطحب والدتي وأختي، ولحسن حظي أن أختي عاملة، بالتالي نصحتها بالادخار ووالدتي بالاقتصاد في النفقات قدر المستطاع لتغطية مصاريف العمرة في رمضان القادم إن شاء الله”.

فيما دعا مواطن آخر بعض الجهات الحكومية إلى التدخل ومراقبة ”سوق” وكالات السياحة والأسفار علّ الأمر يجدي ويتم التخفيض من الأسعار المطبقة، ليس فقط بالنسبة للعمرة الرمضانية وإنما إلى كل الوجهات السياحية.

من جهته، اعتبر مواطن آخر أن الحج حظ لأنه مربوط بعملية القرعة، ولأنه لم يحالفه الحظ في هذه القرعة لمواسم عديدة، قرر الاعتمار في شهر رمضان القادم لأن فضله يوازي فضل الحج.

 

لا حديث ولا تخوف من .. ”كورونا”

ولا يبدو من أحاديث المواطنين وأصحاب الوكالات السياحية تخوف من ”فيروس كورونا” الذي تشير بعض المصادر إلى أنه يتفشى أكثر في المملكة السعودية ودول أخرى، وأنه حصد أرواح العديد من المصابين به، قال حكيم سباش بأنه تم تهويل أمر هذا المرض الذي يقول بشأنه إنه موجود في الشرق الأوسط وتحديدا في السعودية منذ عام 2012، ”لكنني لا أعتقد أنه سيؤثر على موسمي الحج والعمرة لهذه السنة فقط، نحن نشدد على المرضى المزمنين بأهمية الفحص الطبي قبل السفر، إلى جانب عدم نسيان الأدوية، كما نشدد على أهمية النظافة الشخصية وغسل اليدين بصفة منتظمة. وما نتخوف منه حقيقة، هو إصابة المعتمرين المسنين للضعف والوهن بسبب ارتفاع درجة الحرارة، خاصة بالنسبة للمرضى المزمنين، أما (كورونا) فلا نتخوف منه إطلاقا” يقول حكيم.

في الوقت الذي يؤكد مهدي من جهته تخوفه من ”كورونا”، ينصح المعتمرين مع وكالته الحذر من التواجد بالقرب من شخص يعطس كثيرا، مع أهمية ارتداء الواقيات الورقية التي تبقى خيرا من العلاج، بالتأكيد.

كما اتفق أصحاب الوكالات السياحية على مدى أهمية التكوين في مجال الخدمات المقدمة للزبائن، وأشاروا إلى أنهم خريجوّ معاهد أو مدارس للتسيير السياحي، فيما أوضحوا أن الرسكلة تأتي بالممارسة المهنية.