طباعة هذه الصفحة

محاربتها تحتاج إلى مخطط استعجالي

عمالة الأطفال ظاهرة تعود مع كل صائفة

عمالة الأطفال ظاهرة تعود مع كل صائفة
  • القراءات: 763
رشيدة بلال رشيدة بلال

تعود عمالة الأطفال لتطرح بشدة مع كل صائفة، حيث يتوزع الأطفال في الشواطئ وعلى الطرق السريعة وفي محطات نقل المسافرين، لبيع أي شيء مقابل بضع دنانير لا تعكس  الجهد المبذول طيلة اليوم تحت أشعة الشمس الحارة، وعلى الرغم من أن الهيئات المعنية بحماية الطفولة والمجتمع المدني تندد في كل مرة بالظاهرة، غير أن محاربتها لا تزال من المسائل المستعصية لعدة اعتبارات اجتماعية اقتصادية وحتى ثقافية.

نصادف يوميا في الأسواق الشعبية أو في محطات نقل المسافرين، أطفالا لا تتجاوز أعمارهم 13 سنة، يستعطفون المواطنين ليوافقوا على شراء قوارير ماء باردة أو علب مناديل ورقية، وغيرها من السلع التي تقدم لهم من ذويهم ليتكفلوا ببيعها مقابل تحصيل بعض الدنانير، أما إن توجهت إلى شاطئ البحر، فهي الصورة التي تتكرر كل صائفة لأطفال صغار يتحولون إلى تجار موسميين يجوبون الشاطئ مئات المرات، من أجل بيع معدات البحر أو بعض الأكلات الخفيفة، مثل كعك "البيني" دون أدنى حماية من أشعة الشمس اللافحة وهمهم الوحيد هو البيع، وإن قررت السفر عبر الطريق السريع، تصادف دائما أطفالا يمضون يوما كاملا أمام "المطلوع" أو بعض الفواكه الموسمية، كالعنب أو التين الشوكي أو التين، عسى يتوقف أحد المسافرين من أجل اقتناء ما يبيعون.

اختلفت الأسباب والظاهرة في انتشار

اختلفت وتباينت الأسباب التي دفعت بهؤلاء الأطفال إلى ممارسة التجارة في سن صغيرة، فالبعض منهم رفض الدردشة إلى "المساء"، بدافع الخجل والخوف من احتمال التبليغ عنهم، في حين أشار البعض الآخر إلى رغبتهم في تحصيل بعض المال كمصروف للجيب، لاقتناء ما تشتهيه نفسه من ملابس خاصة بالبحر أو حتى بعض المرطبات، في حين أشار البعض الآخر ممن التقيناهم بمحطة المسافرين في بلدية القبة، إلى أن السبب  في ممارسة النشاط التجاري، هو مساعدة الأسرة ببضع دنانير لسد الاحتياجات اليومية.

الخطر قائم والمسؤولية يتحملها الأولياء

يحمل البروفيسور خياطي، رئيس الهيئة الوطنية لترقية الصحة وتطوير البحث العلمي الأولياء، المسؤولية في المقام الأول، كونهم يعرضون أبناءهم للخطر بالدفع بهم إلى ممارسة بعض الأنشطة التي تشكل مصدر خطر على حياتهم، كونها تجعلهم عرضة لخطر الاعتداء أو الاختطاف، موضحا في معرض حديثه مع "المساء"، بأن الحديث على الحماية القانونية يتطلب إعادة النظر في القانون برفع سن الحماية إلى 13 سنة، لأن القانون ـ حسبه ـ«يتحدث على حماية الأطفال أقل من عشر سنوات في هذه الحالة، تلقى المسؤولية على عاتق الأولياء الذين يجري متابعتهم، وعادة ما يبررون تصرفهم بغلاء المعيشة، أما الفئة ما فوق العشر سنوات، فيقول "فلا حديث على أية متابعة أو حماية، الأمر الذي يجعلها عرضة دائما للخطر".

من جهة أخرى، أشار محدثنا إلى أن إدراج عمالة الأطفال في باب التسول بهم يقودنا أيضا ـ حسبه ـ إلى المطالبة بتطبيق قانون تجريم التسول، الذي رغم وجوده يظل غير مطبق، وهو ما يعكسه الواقع المعاش الذي يقدم صورا لأطفال يتسولون في الشوارع، لافتا إلى أن الحد من ظاهرة عمالة الأطفال تتطلب وجود إرادة قوية لمحاربتها، من خلال تدخل الهيئات المعنية بها، ممثلة في مصالح الأمن والعدالة، لحمايتهم من مختلف الأخطار التي تتربص بهم.

محاربة عمالة الأطفال تحتاج لمخطط استعجالي

من جهته، يرى عبد الرحمان عرعار، رئيس شبكة "ندى" في معرض حديثه مع "المساء"، بأن محاربة ظاهرة عمالة الأطفال التي تزيد حدتها مع كل صائفة، بالنظر إلى حالة الفراغ التي يعيشها الأطفال عموما في العطلة، والتي يستغلها الأولياء في تشغيل أبنائهم بدل الترفيه عنهم لسد بعض العجز المالي، يحتاج إلى تدخل بعض القطاعات  ذات الطابع الإداري لمحاربتها، مثل وزارة التضامن الوطني والداخلية والعدالة والعمل، خاصة إذا علمنا ـ يشير ـ أن الأولياء يعترفون بأنهم من يدفعون بأبنائهم إلى العمل في غياب البديل الذي يغنيهم عن التضحية بأبنائهم، هذا البديل يقول "الذي تراهن عليه  شبكة ‘ندى’ لمحاربة الظاهرة، من خلال دعم بعض العائلات الفقيرة والمعوزة وتمكينها من بعض الآليات التي تغنيها عن استغلال أبنائها في سوق العمل".

محاربة ظاهرة عمالة الأطفال، حسب محدثنا، تحتاج إلى صياغة مخطط استعجالي  يهدف إلى حماية هذه الفئة التي تعتبر ضحية في أسر تحتاج إلى اندماج اجتماعي، مشيرا إلى أن شبكة "ندى" سعت من جهتها وفي حدود الإمكانيات المتاحة لها، إلى مرافقة بعض العائلات وإحصاء بعض الحالات في خمس ولايات نموذجية، ممثلة في كل من تيبازة والعاصمة وبومرداس وتيزي وزو وبرج بوعريرج، لافتا إلى أن عمالة الأطفال موجودة رغم غياب الإحصائيات الرسمية.