طباعة هذه الصفحة

التسوّق إلى حد الإدمان

علاج لتخطّي الأزمات النفسية والعاطفية

علاج لتخطّي الأزمات النفسية والعاطفية
  • القراءات: 997
❊    نور الهدى بوطيبة ❊ نور الهدى بوطيبة

يلجأ الكثيرون خلال مرورهم بأزمة نفسية، إلى إخراج طاقتهم السلبية في التسوّق؛ في ظاهرة عفوية، تمنحهم الشعور بالراحة بدون قصد؛ إذ يأمل الكثيرون من خلال هذا السلوك، التخفيف من الإحساس بالضغط النفسي أو فقدان الثقة في النفس، وغيرها من المشاكل التي لا يجد الفرد لها حلولا غير آلية التسوّق.

عن هذا الموضوع كان لـ المساء حديث مع الأخصائية في علم النفس صباح هجيري من جامعة البليدة، التي أشارت إلى أنّ المرور بأزمات نفسية هو حالة تُدخل المرء في دوامة، يبدأ خلالها بالبحث عن كل السبل الفعالة للخروج من تلك الوضعية حتى وإن كانت سبلا بسيطة، مشيرة إلى أن المخ بشكل أوتوماتيكي وبقدرة الله، يبرمج نفسه في محاولة للخروج من الأزمات؛ حفاظا على صحته وسلامته، الأمر الذي يجعله يملي على الجسم سلوكات يصعب تفسيرها أحيانا لمجرد الخروج من تلك الوضعية؛ كالبكاء لتخفيف الضغط والصراخ ومحاولة كسر الأشياء أو الحديث مع الذات، وغيرها من سلوكات ترضي النفس؛ على غرار اقتناء أشياء جديدة تمنح الذات السعادة التي تخلق اتزانا في الشعور بين السلب والإيجاب.

وقالت الخبيرة إن التسوق من السبل التي طورتها المرأة للخروج من أزمتها النفسية الحادة، خصوصا بعد الطلاق أو الشعور بالوحدة أو الانفصال عن الخطيب أو غيرها من مشاكل القلب، وهذا ما يدفعها إلى صرف ميزانية بدون شعور؛ فقط لإرضاء الرغبة في ذلك حتى بدون حاجتها إلى شيء من ذلك القبيل.

وأوضحت هجيري أن التسوق كعلاج نفسي، ظاهرة لها تفسير علمي وليس سلوكا لا نتيجة له، بل لديه انعكاس مباشر على الجسم؛ إذ إن شراء لباس أو ماكياج أو أبسط الأشياء يجعل المرأة تشعر بالسعادة، وهذا ما يساعد الجسم على إفراز هرمون الدوبامين المسؤول على الشعور بالرضا تجاه النفس، ومنه براحة نفسية تنسي صاحبها بعض الضغوطات، وتوجّه تفكيره نحو القطعة الجديدة التي تم اقتناؤها؛ حقيبة يد أو لباس أو هاتف نقال أو حذاء أو غير ذلك، الأمر الذي يخلق أحيانا ما يسمى بحمى الشراء المصاحب للأزمة النفسية.وأكدت الأخصائية أن هذه الحالة لا تصاحب جنسا دون الآخر،  فالرجال قد تجدهم يعالجون أنفسهم ذاتيا بهذه الطريقة، وكذلك عفويا بدون إدراك ذلك لكن بحدة أقل، لأن هذه الظاهرة تمسّ أكثر النساء، فالرجل خلافا لذلك، قد تجده ينطوي على العمل للهروب من مشكل نفسي أو عاطفي.

وعلى صعيد ثان، قالت الخبيرة إن إنفاق المال أحيانا يجعل المرء يشعر بالتحسن، والدليل على ذلك توجّه الفرد الذي يعاني من أزمة نفسية، نحو السوق للاستفادة من بضاعة، أو خدمات؛ كالذهاب عند الحلاق للحصول على طلة جديدة، أو التخطيط للخروج في عطلة أو غير ذلك؛ لأن هذا الحل يضاعف الشعور بالرضا، ويزيد الثقة في النفس، وبالتالي يمنح راحة نفسية.

وأكدت صباح هجيري أن هذا العلاج الذاتي جيد وفعّال، لأنه دليل على الرغبة القوية في الخروج من الأزمة النفسية، لكن على أن يكون ذلك في حدود المعقول من دون الدخول في أزمة مالية للخروج من أخرى نفسية؛ لـأن فعاليتها تبقى نسبية، وتلك الحالة ظرفية، لا بد فقط من إحسان التعامل معها، والبحث عن سبل أخرى لتخطيها.

في نفس الخصوص أشارت الأخصائية النفسانية إلى أنّه لا بد من الفصل بين العلاج النفسي بالتسوّق وبين هوس التسوق، لأن هناك فرقا كبيرا بين الحالتين؛ فالثانية ظاهرة معروفة عند البعض وليست ظرفية أو مرتبطة بحالة نفسية وإنّما هي شعور دائم عندهم؛ إذ يرغبون في اقتناء، دائما، أشياء جديدة رغم عدم حاجتهم إليها؛ سواء باعتبارهم ضحايا الموضة أو مهووسين بالشراء.