المدرب الدولي عزير منصوري لـ«المساء”:

عقلية ”خليها على ربي” تثني عن التخطيط

عقلية ”خليها على ربي” تثني  عن التخطيط
المدرب الدولي عزير منصوري
  • القراءات: 893
❊ رشيدة بلال   ❊ رشيدة بلال

يتجه اهتمام الكثير من المواطنين بحلول موعد انتهاء السنة، إلى التفكير في أهم المحطات السعيدة والحزينة التي مرت عليهم، حيث نجد البعض يشعر بالسعادة، لأن العام صادف محطات مميزة جعلته يفرح بها، أما البعض الآخر فيأسف لها، لأنها كما يعبر عنها بالعامية ما خرجتش عليه، لكثرة عثراته وخيباته فيها، فيما يدفع آخرون بالقول إنها سنة عادية، لغياب الأحداث المهمة فيها، الأمر الذي يجعلهم لا يعيرونها اهتماما، غير أن المؤكد أن كل هؤلاء يحسنون التقييم، لكن السؤال الذي يحتاج إلى إجابة: كيف تنظر إلى السنة الجديدة؟ أو بعبارة أصح: هل خططت للسنة الجديدة ؟ هذا التخطيط ورغم أهميته، لا يعيره الكثيرون الاهتمام المطلوب، الأمر الذي يجعلهم يقعون ضحايا لنفس أخطاء السنة الماضية، مختبئين خلف عبارة عش يومك والمستقبل علمه عند الله.

إدراك ماهية التخطيط لتنظيم حياة الأفراد لا يعني أننا، حسب عزير منصوري، مدرب دولي في التنمية البشرية في حديثه مع المساء، أننا نخالف القواعد الربانية ونجهل، بل على العكس، نتطلع ـ حسبه ـ من خلاله إلى بناء حياة ناجحة بتوفيق من الله، وإذا أردنا ـ يقول ـ الحديث عن التخطيط، فهو في تعريفه البسيط: عملية قراءة للمعطيات واستغلال جيّد للإمكانات وتوفير الجهود لتحقيق المكاسب المادية و المعنوية”. ويردف في هذا الشأن، أن معظم الجزائريين لا يملكون المهارات اللازمة للتخطيط رغم أنه بسيط”.

من جملة الأسباب التي تجعل الجزائري لا يلقي بالا للتخطيط، حسب محدثنا، قلة الاهتمام بالمهارات الإدارية وعدم انتشار ثقافة هذه المهارات في المجتمع، إذ نجده فقط ـ يقول ـ لدى الطلبة في تخصصات الإدارة، مشيرا في السياق إلى أن المتعارف عليه، أن الشعب الجزائري يحتكم إلى معتقدات تناقض فكر الإدارة الحديثة، وأكثر ما نجده رائجا، بعض العبارات التي ترسخ لديهم قناعة الابتعاد عن التخطيط، ومنها خليها على ربي، بدل التفكير في إعداد خطة العام، الأمر الذي يدعونا كأختصائين إلى المبادرة في  تقديم الأدوات اللازمة لاكتساب مهارة التخطيط في شكلها المبسط، لتمكين العامة من الاستفادة منها”.

عن أهم الأدوات اللازمة لاكتساب مهارة التخطيط، جاء على لسان محدثنا أن التخطيط عبارة عن دورة حياة تنطلق من تحليل الواقع إلى صناعته، ثم تقييمه، إذ يعتمد على أركان خمسة، أولها: تحديد الرؤية، وهي حسب الخبير، الهدف العام الذي نريده ويشترط أن يكون واضحا ومحددا بزمن،  وسؤاله؛ ماذا أريد أن أحقق هذه السنة؟

أما الركن الثاني، فيتمثل في الرسالة، وهي حسبه، الغاية التي تريد من أجلها تحقيق هذه الرؤيا وتعتبر الحافز سؤالها؛ لماذا أريد أن أحقق كذا وكذا؟ ليأتي بعدها الركن الثالث المتمثل في القيم، والذي يحتاج إلى أن يقيّد الشخص نفسه بها، ومنها؛ الصدق، الالتزام والوضوح، ويشير في هذا الصدد إلى أن الناس الذين يتطلعون لتحصيل المال مثلا دون التقيد بالقيم، قد يجدون أنفسهم حصلوها عن طريق النصب والاحتيال، ومن هنا تظهر أهمية تقييد النفس البشرية بجملة من القيم”.

بينما يتمثل الركن الرابع في تحليل الواقع الذي ينطلق، حسب المدرب، من معرفة نقاط القوة والضعف والفرص والمخاطر، ليأتي في الأخير الركن الخامس الذي يقوم على بناء الأسس لتقوية نقاط القوة والتخلص من نقاط الضعف وتفادي المخاطر، وبهذه القراءة البسيطة في مسودة، يجد نفسه حقق في العام أكثر مما يحققه في سنوات، لأننا، يقول أطرنا العقل ومكناه من قراءة طريقه”.

وردا عن سؤال المساء إن كنا مؤهلين لاكتساب هذه الثقافة، خاصة و أن الواقع يشير إلى أننا لا نتطلع كثيرا إلى المستقبل ونميل دائما إلى أن نعيش يومنا بطريقة عشوائية بعيدا عن أي تصور أو تخطيط مسبق، يرى محدثنا بأن غياب التخطيط والتطلع للمستقبل يجعلنا نتقاعس عن بداية يوم الغد، ونريد أن يطول اليوم، لأننا لا نملك صورة واضحة عن الغد سوى أنه مجهول، بينما التخطيط يساعدنا، كما يقول، على رسم صورة الغد، ثم تجسيدها، ومن هنا أعتقد أنه لابد من الخضوع لدورات تساعد على تعلم ماهية التخطيط، خاصة عند الشباب، حسبما أوضحه الخبير.

لمن يعتقد أن دورات التخطيط قد تطول وتتطلب أموالا باهضة، وهو الاعتقاد الذي شاع في السنوات الأخيرة، وأبعد حتى الراغبين في اكتساب بعض المهارات، أكد المدرب الدولي أن دورات التخطيط بسيطة تستغرق يومين على أكثر تقدير، وتتمكن من اختصار سنوات من العشوائية، لأنها مهارات بسيطة ومتاحة، وبالمناسبة يكشف نحن بصدد التحضير للملتقى الدولي حول القيادة الشبابية الذي ينتظر أن تحتضنه تونس، بمشاركة جامعة الجزائر ”2”، ممثلة في مخبر علم اجتماع المنظمات والمناجمنت، والذي سيعرف مشاركة جامعات عربية ومؤسسات خلال الفترة الممتدة بين 9 و15 فيفري القادم بهدف تقديم دورات وتوصيات وتكوين الشباب على المهارات بغرض نشر وتعزيز ثقافة التخطيط لدى الشباب.