زليخة بن خروف عضو بجمعية «البركة» لمساعدة المعاقين لـ«المساء»:

عزل المعاق عن الوسط الاجتماعي تحطيم لنفسيته

عزل المعاق عن الوسط الاجتماعي تحطيم لنفسيته
  • القراءات: 1200
حوار: كريم.ب حوار: كريم.ب

تسعى الجمعية الوطنية لمساعدة الأشخاص المعاقين «البركة» إلى تقديم كل أشكال الإعانة للمعاق، وإحاطته بكل أشكال المساعدة لجعله رجل أو امرأة الغد، لكن بتضافر الجهود وتقديم المزيد من الإعانات المادية والرعاية الاجتماعية والنفسية لإسعاف المعاق، حيث تؤكد عضو وأمينة الخزينة بجمعية «البركة»، زليخة بن خروف، أن عزل الشخص المعاق عن المجتمع هو تحطيم لمعنوياته ونفسيته، مشيرة إلى وجوب إدماجه وسط المحيط الذي يدرس فيه ويعيش فيه، لكي يتمتع بنفس حقوق أقرانه، بالتالي يجد لنفسه مكانا وسط المجتمع. 

❊ جمعية «البركة» غنية عن كل تعريف بالنظر إلى نشاطاتها المختلفة التي تصب في مساعدة الأشخاص المعاقين، هل بإمكانك تقديم فكرة استحداث الجمعية؟

❊❊ تأسست الجمعية سنة 1999 كجمعية محلية تنشط في مجال مساعدة الأشخاص المعاقين، ثم تحولت سنة 2000 إلى جمعية وطنية تضم مكاتب في عدة ولايات من الوطن، وكذا منتدبين للاتصال عبر بعض الولايات، بعد المطالب الكثيرة التي رفعها من قبل المعاقون الذين دعوا إلى توفير مكاتب ولائية بغية النظر في مطالبهم وتقديم يد المساعدة لهم، حيث تصبو الجمعية إلى توسيع نشاطاتها وفروعها، مع تقديم كل أنواع الدعم المادي والمعنوي من قبل الجهات الوصية، لاسيما أن المساعدات المالية التي تقدمها بعض المؤسسات الخاصة، تعطي دفعا قويا لنشاط الجمعية.

❊ كم منخرط في الجمعية بعد مضي 7 سنوات على تأسيسها؟

❊❊ لا تشمل الجمعية على منخرطين، وإنما لـ«البركة» برامج  تسعى إلى تجسيدها في كل مرة، ومن بينها البرنامج الأخير الذي يخص تنظيم عملية التكفل ببعض المعاقين من قبل عائلات ميسورة، عن طريق تقديم بعض الإعانات المادية المباشرة حتى يستفيد منها الأشخاص المعاقون، أو التكفل بأحد الجوانب لشخص معاق، كالتكفل بتقديم الأدوات المدرسية والملابس، أو حتى المتابعة العلاجية للشخص المعاق الذي يستفيد من العملية، دون الحديث عن برامجها التحسيسية عن طريق توزيع مطويات على المواطنين والتلاميذ بالمدارس بهدف توعيتهم.

❊ وهل تكون المساعدة مباشرة؟

❊❊ المساعدة لا تكون مباشرة للشخص المعاق، فالجمعية تبقى كوسيط، ونقوم بمتابعة كل الملفات وتوجيه الإعانات للأشخاص المعاقين حسب احتياجات كل شخص، وحسب نوعية الإعانة المقدمة من قبل المتبرعين من عائلات عادية أو أرباب عمل، لذا يتم تسجيل الأشخاص الراغبين في الحصول على الإعانة وتتم دراسة الملفات، بعدها توجه الإعانة عبر الجمعية وللشخص المناسب.

❊نشاط الجمعية لا يتوقف فقط على تقديم الإعانات المادية للأشخاص المعاقين، بل تناضل من أجل تحقيق عدة مطالب، ولها مهام عديدة، أليس كذلك؟

❊❊ تهتم الجمعية بكل ما يتعلق بالشخص المعاق، فالجانب الأكبر الذي تسعى إليه هو تحسيس السائقين بأهمية الحفاظ على السلامة المرورية، حتى لا يتم تسجيل ضحايا مرور جدد، بالتالي معاقين جدد بفعل التهور الحاصل في الطرق. فكثيرا ما نقوم بمحملات تحسيسية على مستوى المدارس، بالتالي أولياء التلاميذ. كما نصبو إلى توفير الجو الملائم للطفل المعاق في محيط التمدرس والمحيط الأسري والاجتماعي، حتى يعيش الطفل المعاق في جو عادي، شأنه شأن بقية الأطفال الآخرين.

❊ ألا تعتقدين أنه يجب إنشاء أقسام أو مدارس خاصة بالطفل المعاق؟

❊❊ لا أوافقك الرأي، المفروض إدماج المعاق في نفس الصف مع التلميذ العادي، لأت إدماجهم في محيط واحد يجعلهم يتمتعون بنفس الظروف ونفس الحقوق، فيشعر الطفل المعاق بأريحية، وهو يشارك أقرانه نفس القسم ويشكل صداقات مع أطفال عاديين، مع العلم أن الطفل المعاق يتطلب عناية فائقة،  لأن بعض الحالات تعاني من إعاقات تخص السمع، لذا يجب إحاطتهم بكل أشكال العناية داخل الأقسام. بينما إذا تم الفصل بين التلميذ العادي والكفل المعاق، سيشعر هذا الأخير بوجود اختلاف عن البقية، فيكون هناك نوع مع التهميش والإقصاء من المجتمع الذي ينبغي أن يتفاعل معه ويعيش في وسطه، كما أن الظروف المحيطة بالمعاق لا تسمح للكثير من الأولياء بأخذ ابنهم المعاق بشكل يومي إلى مدرسة قد تكون قريبة من البعض وبعيدة جدا ومستحيل الوصول إليها من قبل البقية. 

❊ بالنسبة لعالم الشغل الذي يصطدم به الكثير من المعاقين، حتى ولو أثبتوا جدارتهم بالحصول على شهادات عليا، غير أن مصيرهم مواجهة البطالة، هل تواجهون حالات من هذا النوع؟

❊❊ من بين البرامج والأهداف التي تسعى جمعية «البركة» إلى تحقيقيها؛ تمكين الشخص المعاق من دخول عالم الشغل، لاسيما النساء في البيت، حيث نسعى لمساعدتهن في سبيل خلق بعض الأشغال في المنزل لإعانة أنفسهن، عوض مواجهة شبح البطالة. لكن للأسف، المعاق اليوم يواجه مشكلا كبيرا في التوظيف حتى لو كان يحمل شهادات عليا. ومن بين أهداف الجمعية؛ جعل المعاق عنصرا فعالا في المجتمع، إذ بإمكانه أن يثبت نفسه حتى في عالم الشغل، لأن للشخص العادي ـ في الأخير ـ متطلبات يومية في حياته.

❊ لكن رغم أن التعليمات تنص على توفير مناصب شغل للشخص المعاق، بالنظر إلى درجة ونوعية الإعاقة، غير أن تنفيذ هذه التعليمات يبقى بعيدا جدا، أليس كذلك؟ 

❊❊ الشخص المعاق يواجه مشكلا كبيرا في التوظيف، فأغلبية المعاقين لا يستطيعون إكمال مشوارهم الدراسي بسبب ظروف الالتحاق بالمدارس، لكن الكثير منهم يواجهون تلك الظروف ويتغلبون عليها، غير أنهم يواجهون عراقيل في مجال توظيفهم حتى ولو كانوا يحوزون على شهادات عليا. وقد استقبلنا في إحدى المرات معاقة تحمل أزيد من شهادتين، لكن كل الأبواب موصدة أمامها. أما بخصوص قانون منح نسبة من التوظيف للأشخاص المعاقين، فالعديد من الشركات تضرب هذا القانون عرض الحائط، وتفضل دفع غرامات مالية عوض توظيف معاقين.

❊ المعاق اليوم يواجه مشاكل يومية حتى في تنقله إلى المراكز الخدماتية العمومية، بسبب عدم وجود مسالك خاصة بالمعاقين، فإن وجدت فليست كثيرة، أو لا يجب توفير مثل هذه المسالك الخاصة بالمعاقين في جميع المرافق العمومية؟

❊❊ نحن لا نطالب بوضع مسلك خاص بالأشخاص المعاقين، وإنما يجب وضع مداخل تسمح للمعاق والشخص العادي باستعمالها، حتى لا يشعر بأنه مختلف عن الغير، لذا يجب تطويع كل الظروف لمنح المعاق الأحقية في كل الحقوق، حتى في ممارسة كل الأعمال اليومية، لأنه لا يحتاج كل يوم إلى من يخرجه لقضاء حوائجه.