فيما استنكرها أهل الفقه

عرض فواكه موسمية في الأسواق غير مكتملة النضج

عرض فواكه موسمية في الأسواق غير مكتملة النضج
  • القراءات: 1486
نور الهدى بوطيبة  نور الهدى بوطيبة

حذّر مراد علي بلحاج إمام مسجد الفلاح بحي الزيتون بتلمسان، من بيع الثمار التي لم يكتمل نضجها، مشيرا إلى أن البيع في تلك الحالات باطل، ولا يتوافق مع أحكام وشروط البيع؛ لأنه بيع للثمرة قبل نضوجها، وهو نوع من أنواع الغرر التي نهى النبي، عليه الصلاة والسلام، عنها عموما وخصوصا في أحاديث واضحة، وقال إنه لا يجوز للمسلم أن يشتري الثمار قبل نضجها.

انتشرت خلال السنوات القليلة الأخيرة، ظاهرة دخيلة عن المجتمع الجزائري، وهي قطف الثمرة مباشرة عند بروزها في الشجرة غير ناضجة وغير مكتملة التكوين أحيانا؛ حيث تكون في مراحلها الأولى ولم يكتمل حتى ظهور لونها، وتكون صغيرة مصفرة أو ذات لون أخضر، بذوق حامض أو عديمة الذوق تماما، غير صالحة للأكل مطلقا، لتعرَض في السوق، وتباع بنفس السعر الذي تباع به الثمرة الطازجة، لا سيما إذا كانت في أوائل موسم لها، فتباع أحيانا بأسعار خيالية لا يتوافق ثمنها مطلقا مع ذوقها؛ حيث يعرضها هؤلاء التجار بدون خجل، وكأنهم يتهافتون على الحقول لخطف محاصيلها؛ طمعا في تحقيق أرباح سريعة وفي ظرف قياسي، لا يحين حتى موعد نضجها الكامل أو موسمها الطبيعي حتى تصبح الشجرة عارية، لا يجد فيها حتى الطير ما يأكل منها.

ظاهرة مست جميع المحاصيل، ولا سيما الفواكه الموسمية، التي تكون كالضيف الذي يزور البيت بحكمة الله في موسم معين من السنة، إلا أن جشع بعض التجار أصبح يحرم محبي تلك الفواكه من الاستمتاع بذوقها الطبيعي، وبدل ذلك يقتني ثمرة مغشوشة لا تصلح للأكل.

وفي هذا الصدد، حذر مراد علي بلحاج، إمام المسجد الذي كان لـ "المساء" لقاء معه حيال هذه الممارسات "عديمة الضمير" من بعض التجار، واصفا الظاهرة بالجريمة في حق الطبيعة، وقال: "إن كل فاكهة خلقها الله في موسم معين فيها حكمة في ذلك؛ سواء لمنافعها في تلك المرحلة تحديدا من السنة، أو لسر آخر لا يعلمه إلا الله. ولا يكون لتلك الفاكهة فوائد إذا لم يكتمل نضجها. وأشار إلى أنه من المفروض أن يشعر قاطف تلك الفاكهة بالخزي لقيامه بذلك، "فأين الضمير في حرمان الزبون من اقتناء بنفس الثمن، فاكهة لا تصلح للأكل، ولاتزال بذوق حامض ولون أصفر أو أخضر؟".

وقال الإمام إن هذه الظاهرة برزت بشكل مخيف في المجتمع، وكأنه ليس هناك حكيم لاستنكار ذلك. وباتت مشاهد فواكه صغيرة تظهر بشدة في أسواقنا، لا سيما في المدن الكبرى التي تعرف اكتظاظ سكانها. وكان التاجر يسارع إلى اقتناء فاكهة لم يئن موسمها بعد ولم تكتمل النضج، لبيعها بأسعار خيالية نظرا لندرتها في تلك المرحلة، إلا أن أدهى ما في الأمر أن لا طعم لها، وتجد الناس يتهافتون عليها، لاسيما إذا كانت من الثمار ذات الشعبية العالية، والتي تكون عادة الثمار التي تعمّر لفترة قصيرة. وأضاف قائلا: "كثيرا ما تمر على محل يعرض فاكهة معينة، لكن من الوهلة الأولى تبدو لك أنها ليمون بسبب لونها أو حجمها، أو غير ذلك الذي يشبه شكل الليمون، وهذا غش ولا يجوز شرعا؛ لأنه لا يتطابق وأحكام البيع شرعا؛ فكيف للاتجار بها مرارا؟ فهذا يُعد غشا، ولا يجوز شرعا، ولا يتطابق مع خصال المسلم الصادق." وأوضح المتحدث أن "أحكام البيع السليم أعمق مما يعتقد الكثيرون. وبحكم ذلك، على الفرد إذا تخصص في ميدان معين، أن يسأل قبل الوقوع في الذنب وما يحرمه الشرع".