مستلزمات الأعراس الجزائرية

عرس ليلة بميزانية سنوات

عرس ليلة بميزانية سنوات
  • القراءات: 1946

بعدما كان الزواج رابطا مقدسا وإعلانا عن ميلاد علاقة جديدة تسودها الرحمة، وارتباطا في أجواء تملؤها السعادة والفرحة يطبعها الحلال ويلتقى فيها الأهل والأصحاب في أجواء من الحبور، أصبح اليوم هاجسا لكل مقبل عليه، لما يتطلبه من مستلزمات تثقل كاهل العريسين، فقد انقلبت قاعدة الزواج من نصف الدين إلى نصف الديون.

فقدت الأعراس الجزائرية الميزة التي كانت تتّسم بها في السنوات الماضية، حيث أصبحت حفلات الزفاف وسيله للتباهي وعرض الأفضل، حيث غدت الأسر متوسطة الدخل تسعى إلى الإبداع في تنظيم الحفل والقيام بعرض الأزياء التي تقطع رقاب أهل العروس، حيث تقوم الفتاة بلبس أزيد من سبعة فساتين مختلفة بين القندورة القسنطينية، البلوزة الوهرانية، البنوار السطايفي، الكراكو، الجبة القبائلية، البدرون، من أجل الظهور في أبهى حلة، باعتبار أن يوم الزفاف يوم العمر الذي لا يتكرر.

لمعرفه سبب انتشار ظاهره التباهي، تحدثنا لإحدى الفتيات المقبلات على الزواج "مريم. ب« (21 سنة)، التي قالت بأن يوم التصديرة هو يوم العمر الذي لا يتكرر، لهذا تحرص على أن يكون كل شئ في القمة، وهو الأمر الذي دفعها إلى اختيار مصممين للأزياء خارج الوطن، خاصة أن ظروفها المادية ميسورة.

التصديرة بين الكراء والشراء

الملاحظ  في الأعراس، أن العروس لا تكتفي بلباسين أو ثلاثة، فهي تسعى جاهدة للحصول على أفضل الأزياء عن طريق الخياطة أو الشراء من أكبر المحلات والمراكز التجارية أو كرائها، علما أن سعر فساتين السهرة يبدأ ثمنها من 8000 دج، ليصل إلى 15 ألف دج،  في حين تختلف أسعار الملابس التقليدية، على غرار الكراكو، القفطان، الجبة القبائلية بين 35 ألف دينار، لتصل إلى 150 ألف دينار، حيث أكد السيد عبد الرحمان، صاحب محلات بيع القفطان  بالرويبة، أن سعر البسيط منها يبدأ من 30 ألف دينار، ويصل إلى 16 ألف دينار، مشيرا إلى أن هناك قفاطين ذات أسعار خيالية، إلا أن العائلات المقتدرة ماديا لا تعبئ لها وتقتنيها لبناتها.

الحلويات... وجه آخر للمفاخرة

تختار معظم العائلات الجزائرية "حلواجية"، وهي امرأة تتولى مهمة صنع الحلويات الخاصة بالأعراس، أو مخبزة مختصة في صناعة الحلويات التقليدية والعصرية، التي تكلفها العائلة بصنع 3 أنواع مختلفة على الأقل للقهوة ونوعين على الأقل للشاي، إذ يتراوح سعر الحبة الواحدة منها بين 80 و200 دج، حسب نوعية وشكل الحلوى المطلوبة.

في هذا الصدد، حدثتنا إحدى صانعات الحلوى السيدة زهيدة، قائلة بأن الحلويات التي تقوم بصنعها كبيرة الحجم وجميلة المظهر ورائعة المذاق، إذ يمكن أن تملأ العلبة التي توضع فيها لتسر الناظر، فمثلا سعر حبة "العرايش" تبلغ 150 دج، أما "البقلاوة" بـ195 دينارا جزائريا، مشيرة إلى أن ارتفاع الأسعار يعود إلى غلاء المستلزمات.

من جهتها، أرجعت السيدة جازية، حلواجية أخرى مختصة في صنع الحلويات التقليدية، اختلاف أسعار الحلويات إلى الحشو المستعمل فيها، فمثلا حبة "عرايش" باللوز تبلغ 130 دينارا جزائريا، أما بالفول السوداني ـ الكاوكاو- فسعرها يقدر بـ 70 دج، وكل المستلزمات الخاصة بالحلوى محسوبة في السعر.

قاعات الحفلات وتسريحة الشعر.. عبء آخر    

قاعات الحفلات أيضا أصبحت شرطا أساسيا للأعراس الجزائرية، نتيجة ضيق السكنات، حيث أصبح سعرها هي الأخرى يتراوح بين 80 ألف دج و350 ألف دينار جزائري، كل هذا السعر الخيالي مقابل كراء قاعة لجمع وإرضاء أهل وأقارب العريسين لسويعات معدودات فقط، دون نسيان مصاريف المصور المحترف و«الديسك جوكي" أو المغني، لمن استطاع.

إضافة إلى تسريحة الشعر التي تعد عنصرا مهما في يوم التصديره، لاسيما أنّ أغلب تسريحات العرائس تقدر بـ 18 ألف دينار جزائري، كحد أدنى، ولمعرفه رأي السيدات في هذا، استجوبنا سيدة بصالون حلاقه بالدويرة، حيث تأسفت هي الأخرى عن هذا التبذير قائلة "أنا متزوجة منذ سنتين، ولو عاد الزمن للوراء، لما قمت بكل هذه الأشياء بفعل "المعاندة" والتفاخر، فقد أغرقت أهلي وزوجي بالديون للحصول على زفاف في القمة، لكن في الأخيرو أدركت أن الأهم هو الارتباط بالشخص المناسب لنجاح العلاقة، وليس بناء على الشكليات، لأن إرضاء الآخرين غاية لا تدرك"، وأضافت محدثتنا "أنصح كل مقبلة على الزواج بأن تتخلى عن الأمور الثانوية، وأن تحرص على تحضير ما هو أساسي فقط، ولا تثقل كاهل والديها لتقليد ميسوري الحال،  فأعراس "التهراس بالكريدي "خطأ تقع فيه أغلب الفتيات".

ماريا بن مهني