الأخصائية النفسانية زمرلين لـ"المساء":

عالجنا أطفالا لم يتعد سنهم سنتين من تأثير المخدرات

عالجنا أطفالا لم يتعد سنهم سنتين من تأثير المخدرات
  • القراءات: 654
 أحلام محي الدين أحلام محي الدين
تجربتها رائدة في العلاج النفسي تخطت 28 سنة في خدمة الصغار والكبار، كما كانت سباقة للعمل بمركزا بن طلحة لعلاج الأطفال المصدومين.. إنها المختصة زمرلين التي تحدثت لـ"المساء" عن واقع الإدمان على المخدرات والخطر الجسيم الذي مس أطفال الابتدائي، وأبناء الشوارع من أصحاب الـ6 سنوات الذين يعرفون بدقة أسعار السجائر و"الشمة"، وكذا دخول صبية العناية المركزة بسبب لامبالاة الأب المدمن، كما قدمت حلولا حول كيفية حماية الطفل والمراهق.
تقول الدكتورة زمرلين "عملي بالمستشفى لسنوات جعلني أشاهد العديد من الظواهر، منها حالات لصبية في السنتين من العمر وصلوا المستشفى في حالة غيبوبة بفعل التخدير، وقد تم إدخالهم العناية المركزة بعدما ألقى الطفل بحبوب مخدرة في فمه، بسبب لامبالاة الأب المدمن الذي تركها في المتناول لتخطف ألوانها انتباه الصغير الذي همّ بوضعها في فمه ويعاني الأمرين حينه، علما أننا نعاني كثيرا لمعرفة أسباب الحالة التي وصل إليها الصغير خاصة أن الأم لا تتجاوب معنا، كما أنها في حالات أخرى تحتفظ بسر تعاطي طفلها للمخدرات خوفا من نظرة المجتمع أو شيوع الخبر".
وتواصل المختصة قائلة "في رحلة العلاج نعاني كثيرا خاصة مع أطفال الشوارع الذين نعمل على إسعافهم والتكفل بهم لكنهم يعودون مرة أخرى لشم الغراء، لأنهم يدخلون في إطار المجموعات التي تؤثر عليهم وتجرهم دائما للسلبي، خاصة المراهقين. فقد استقبلنا أطفالا في 6 سنوات من أعمارهم يعرفون أسعار السجائر و"الشمة"، زد على هذا نقص المراكز المختصة في العلاج ومراكز الاستقبال، فتلك الموجودة خاصة بعلاج المرضى عقليا، ولا يمكن بأي حال من الأحوال الخلط بين الطفل المعاق والمعالج من سموم المخدرات". 
وفي ردها على السؤال، كيف تعرف الأم أن طفلها يتعاطى المخدرات؟ ردت المختصة قائلة "الأم يمكنها معرفة ذلك، فالكبار يروجون للمخدرات على أبواب المدارس، فقد بتنا نستقبل أطفالا في 9 سنوات يتناولون الحلوى - الاكستازي - ومن الصعب تخليصهم منها، فالمعلمة تلاحظ أن تصرفات الطفل قد تغيرت بحيث يتحول إلى كسول ولا يتجاوب معها نهائيا، وهنا انصح الأم بعدم ضرب الطفل وإصابته بجروح خطيرة كما فعلت إحدى الأمهات التي أبرحت ابنها ضربا مما استلزم "تلبيسه" بالجبس من رأسه إلى أخمص قدميه، فلابد أن تتواصل مع المختصين وتبدأ رحلة العلاج".
وحيال العلاج المقترح قالت المختصة: "يعيش الطفل تحولات جسدية ونفسية خلال مرحلة المراهقة ويحتاج للحوار والتواصل الذي نفتقر إليه كثيرا، فالطفل في 13 سنة يحتاج لصداقة الأب وأن يحدثه عن كل شيء ويوعيه عن الجنس والممنوعات في الحياة للعيش بسلام حتى يعرف حقيقة الأشياء من أقرب الناس إليه ولا نتركه لأصدقاء السوء يفسرون الأمور حسب رغباتهم، فتراهم يقدمون له حبات الحلوى ويقودونه للحفلات الصاخبة لإثبات الذات. ففي غياب التوعية ينعدم الاتصال، وهنا يدخل الطفل في دائرة الضياع ومنه تعاطي المخدرات، لذا يستوجب على الوالدين فهم التغيرات التي تحدث لابنهم".

كيف نتصرف؟
حول هذا السؤال ردت المختصة قائلة: "عند سماع الخبر أو اكتشاف الحقيقة يصاب الأب أو الام بصدمة، لكن لابد من الخروج منها سريعا والتواصل مع المختصين كالطبيب والأخصائي النفساني والمختص الاجتماعي، وأن لا نخفي الأمر، فهناك من المدمنين من كانوا مراهقين وظل أمرهم حبيس جدران الأسرة ولم يفكر الوالدان في علاجهم إلى أن أصبحوا رجالا متزوجين يبيعون مصاغ نسائهم لتأمين مبلغ المخدر وآخرون انحرفوا واعتدوا على أمهاتهم. وهناك حالات تحولوا فيها الى مرضى نفسيا ومهلوسين لا يتحكمون في تصرفاتهم، لذا لابد من التكفل بالمراهق، من خلال لغة التواصل بين الأب وابنه وأن نعطيه حقه من الحب والحنان وان نوقرهم ونحترم أرائهم وما يشغلهم.. يجب أن يعرف الأب السبب وراء تعاطي ابنه للمخدرات لأول مرة، فربما كانت التجربة الأولى لفرض شخصيته، وهي إشارة منه إلى ضرورة احترام تغيراته النفسية والجسدية، ولهذا فالوقاية خير من العلاج، وكبداية لها لابد من البحث في أدواته ومراقبته".
وفيما يخص النصيحة التي تقدمها المختصة، قالت "عملية المتابعة والمراقبة لابد أن تبدأ من الأسرة، ولزاما على وزارة التربية إدخال برامج تربوية خاصة بتوعية الأطفال من مخاطر المخدرات تبدأ من إنقاذهم من السيجارة، وكذا مساعدتهم على ممارسة الرياضة لتحرير الطاقة الزائدة حتى لا تؤثر عليهم سلبا".