فتل الكسكسي بالطارف

عادة راسخة رغم المنافسة التجارية

عادة راسخة رغم المنافسة التجارية
  • القراءات: 2050
❊ محمد صدوقي ❊ محمد صدوقي

مازالت العائلات بولاية الطارف من أريافها إلى مناطقها الحضرية، تحضّر الكسكسي المفتول في البيوت رغم المنافسة التجارية لكل أنواعه بالمحلات، حيث تعكف الحرائر على إعداده كعولة سنوية، كما يُعد فخر الأفراح والمناسبات؛ فهو  الطبق الرئيس في أعراس المنطقة؛ كونه يرمز ، للبركة عند أهالي المنطقة.

تتم عملية فتل الكسكسي بالبيوت الطارفية عن طريق تويزة نسائية تقام في فصل الربيع، يتم خلالها نحر الأضاحي؛ تبركا بالجمع العائلي. وتوزَّع المشروبات على كل الموجودين في البيت الذي يُفتل فيه الكسكسي لمدة ثلاثة أيام إلى أسبوع، حسب السبب إذا كان للعولة السنوية أو لإحياء عرس أو ختان وإحياء وعدة للأولياء الصالحين بالمنطقة.

حدثتنا السيدة «أم الخير» التي أقامت تويزة لفتل الكسكسي لإحياء حفل زفاف ابنها، عن عملية الفتل والتحضير  للتويزة  وكميات الكسكسي التي يراد فتلها، والتي تختلف حسب الطلب؛ ففي المؤونة السنوية يتم فتل ما بين 25 إلى 50 كلغ من الدقيق. ولإحياء الأعراس وحفل الختان من 100 إلى 200 كلغ، أما لوعدات الأولياء الصالحين فمن 5 إلى 10 قناطير من الدقيق.

ضبط موعد التويزة

أكدت العمة «أم الخير» أن عملية اقتناء النوعية الجيدة من الدقيق هي أول خطوة يتم اتخاذها، يليها تحديد موعد فتل الكسكسي بتوجيه دعوة إلى بعض النساء من العائلة من 3 إلى 6 سيدات. وتأتي كل واحدة منهن مصحوبة بغربال وقصعة. ويتم تحديد كمية الدقيق التي يراد فتلها، فيما يتم تفوير كمية من الدقيق على بخار الماء، إذ يتم خلط جزء منها أثناء كل عملية فتل، حسب سعة الغربال حتى نفاد كمية الدقيق، والتي يتم تبليلها بكمية من الماء الممزوج بالملح التي ترافق عملية فتل الكسكسي في مرحلته الأولى من القصعة إلى غربال القمح، ثم غربال الثناي الرقيق إلى مرحلة غربلة «الرفاد»، وهو الغربال الذي يحتفظ بالكسكسي الخام ويُسقط كل الأشياء الأخرى التي رافقت عملية فتل الكسكسي، ويتم جمعه في عدة قصعات حسب الكمية التي تم فتلها منه.

بعد عملية جمع كمية الكسكسي التي تم فتلها والتي تستغرق من يومين إلى ثلاثة أيام حسب طبيعة المناسبة. يتم تفوير كمية منه على بخار الماء لمرات متتالية، كما يتم جمع الكمية في الأخير وطرحها فوق «اللحاف» وتفريقها لتجفيفها على درجة حرارة معتدلة يوميا؛ إما داخل غرفة من البيت أو في الهواء الطلق، على أن يتم تحريك الكمية المنشورة من حين لآخر حتى يتم تجفيفه على أحسن وجه.

التخزين في أكياس جلد الماعز  أو القماش

حسب العمة أم الخير، فإن الكمية المفتولة تجفف من 5 إلى 15 يوما حسب الجو. ويتم تجميع كمية الكسكسي وتخزينه في كيس من جلد الماعز أو ما يعرف» بالنافول» لدى أهالي المنطقة أو أكياس مصنوعة من القماش وحفظه في مكان عال؛ لتجنيب تعرضه للتسوس، ويتم استهلاكه على مدار السنة كطبق مفضل لدى جميع العائلات الطارفية في الحياة اليومية، أو لتقديمه للضيوف كطبق رئيس؛ كونه سيد المائدة بدون منازع. 

إحياء الوعدات بالكسكسي المفتول

إحياء وعدات الأولياء الصالحين بالمنطقة أو ما يُعرف بـ «الزردة» لدى أهالي المنطقة، يتم بفتل الكسكسي من طرف السيدات أيضا، حيث توزيع كمية الدقيق التي تم تحديدها على العديد من العائلات لفتلها، كما يتم تقديم طبق الكسكسي في قصعة يلتف حولها أكثر من 10 أشخاص في الهواء الطلق، ليبقى الكسكسى المفتول من الأطباق الشهيرة التي تشتهر بها العائلات الطارفية والتي تحافظ عليها الابنة عن الجدة.