مازال سكان بن شود وسط في ولاية بومرداس تحت وقع صدمة وفاة ابن المنطقة عادل رمال المهاجر سريا إلى إسبانيا، حيث توفي مؤخرا بطريقة غامضة.. ”المساء” زارت عائلة المتوفى وتحدثت إلى أهله الذين ينتظرون تقرير الطب الشرعي لتحديد سبب وفاة ابنهم، ويناشدون الحكومة الرمي بثقلها في القضية للكشف عن ملابسات الحقيقة.

بكثير من الأسى والحرقة التي خنقت صوته، تحدّث والد المتوفى العم علال رمال، عن تفاصيل معايشته مأساة وفاة ابنه على الأراضي الإسبانية بطريقة قال إنّها ”غامضة”، حيث قال بصوت متحشرج وهو يتحدث إلى ”المساء” التي زارته صبيحة أوّل أمس بمنزله الكائن بوسط مدينة بن شود - القرية الفلاحية، إنّ ابنه عادل التحق ببالما دي مايوركا بإسبانيا بطريقة غير شرعية قبيل أربع سنوات، مؤكدا أنه لم يخبر أحدا لما قطع البحر لثاني مرة، حيث سبق لعادل أن هاجر سريا إلى إسبانيا في 2010، لكن تم إعادته إلى أرض الوطن بعد أيام من وصوله. وظلّ عادل طوال سنوات يؤكد أنه سيلتحق بالقارة العجوز مرة أخرى، إلى أن نجح في تحقيق ذلك في 2014 بدون إخبار أحد؛ ”لم أسمع بأمر هجرته سرا إلا بعد أن اتّصل بنا وقال إنّه في إسبانيا”، يقول العم علال والدموع تخنق صوته بعد مأساة فقدانه أصغر أبنائه، ثم واصل: ”كان يتّصل بنا مرات ويخبرنا بأنه وُفّق في إيجاد عمل هنا وهناك، وأنّه اشتغل في عدة مهن إلى أن استقر به المطاف أخيرا بأحد المطاعم، وكان يؤكد في كل مناسبة أنّ كل من اشتغل عنده كان يتمسك به لحسن سيرته وأخلاقه”. ويضيف: ”كان على أهبة تسوية أوراقه في إسبانيا ولكن..”، يسكت الوالد قليلا، ثم يواصل بصعوبة سرد ما وقع في أيام بدت وكأنّها الدهر بأكمله؛ يقول: ”اتصل بنا أحد أصدقاء عادل من إسبانيا وأخبرنا أنّ عادل في غيبوبة وأن على والديه الالتحاق به، فما كان منا سوى أن جهّزنا أوراقنا والتحقنا به في إحدى المستشفيات؛ حيث أخبرونا أن عادل ميت دماغيا، وعلى الوالد إمضاء الأوراق لنزع الآلات عنه حتى..”، يسكت الأب ويلوح بيده بدون ذكر كلمة ”مات”.. ثم قال إنه لم يع حينها ما الذي وقع بالضبط؛ وكأنه كان يعيش كابوسا..

يؤكد علال رمال أنه وكّل محاميا لمتابعة قضية وفاة ابنه، فحسب ما تم إخباره فإن ابنه عادل كان يوم الحادثة جالسا مع بعض الأصدقاء حينما داهمت الشرطة الإسبانية المكان وساقت الجميع إلى مقر الشرطة، ”ثم ظهر عادل في الفيديو الذي رأيناه يتحدث إلى أفراد الشرطة.. ثم انقطعت الصورة إلى أن رأيناه وقد أُخرج في.. صندوق”، يواصل الوالد سرد الوقائع، مؤكّدا أنه لما تمّ تغسيل عادل ظهرت ضربة على رأسه، وهم في انتظار صدور تقرير الطب الشرعي الذي أُجري بمستشفى مصطفى باشا حتى تتّضح أسباب الوفاة. ”ونناشد رئيس الجمهورية التدخّل حتى يتم رفع ملابسات الحادثة وكشف الحقيقة.. أنا محروق على فلذة كبدي؛ لقد اكتوينا مرتين.. مرة لما هاجر سرا ولم نره.. ومرة لما عاد إلينا في صندوق”، يكمل الوالد حديثه إلينا بصعوبة كبيرة..

من جهتهم، تحدّث بعض أصدقاء عادل ممن عرفوه منذ الصبا، إلى ”المساء”، حيث أجمع كلّ من رفيق وحمزة ومراد على طيبته وحسن أخلاقه، وعلى حلم عادل الكبير في العيش بإحدى الدول الأوروبية بحثا عن إطار معيشي أفضل، داعين في هذا الصدد الجهات المعنية إلى البحث في تطويق ظاهرة ”الحرقة” التي يروح ضحاياها شباب في عز العطاء، ولافتين إلى أهمية تحسين الواقع المعيشي وتوفير فرص العمل، مؤكّدين، في المقابل، أنّ عددا كبيرا من القوارب تقليدية الصنع يتم صنعها في ورش بميناءي دلس وزموري، تكون غايتها الإبحار سرا نحو القارة العجوز.. والنتيجة في الغالب مآس في عرض البحر، وعائلات تبكي ضحاياها..