بحثا عن السياحة الحموية

عائلات من مختلف الولايات تشدالرحال إلى حمّام ملوان بحثا عن السياحة الحموية

عائلات من مختلف الولايات تشدالرحال إلى حمّام ملوان بحثا عن السياحة الحموية
  • القراءات: 525
 رشيدة بلال رشيدة بلال

تشكل منطقة حمام ملوان الواقعة شرق ولاية البليدة، على بعد 40 كلم على الجزائر العاصمة، منطقة جذب سياحي في موسم الشتاء؛ حيث تقصدها العائلات من مختلف ولايات الوطن من أجل التمتع بالسباحة في مياهها المعدنية، وللعلاج بالحمّام المعروف بـ "حمام الزعيم"، الذي يشكل واحدا من أهم الحمامات المعدنية بالمنطقة، والوحيد من نوعه على مستوى الولاية. ذاع صيته في كل ربوع الوطن بالنظر إلى موقعه في واحدة من أهم المناطق السياحية الطبيعية العذراء التي تشد إليها العائلات الرحال خلال فصل الصيف، للتمتع بمياه الوادي الجارية من أعالي جبال الأطلس البليدي، وكذا مياه حمّامها المعدنية، وللاستمتاع بمناظر الطبيعة الخلابة في أعالي مقطع الأزرق.

زائر منطقة حمام ملوان بدائرة بوقرة بولاية البليدة، خلال فصل الشتاء، يقف على الحركة الكبيرة التي تكتسبها المنطقة حتى خلال هذا الوقت من السنة، بالنظر إلى احتوائها على واحد من أهم الحمامات المعدنية، ممثلا في "حمام الزعيم" الذي تقصده العائلات من أجل الاستمتاع بما يسمى بـ "العلاج المائي" بالمياه المعدنية الغنية بالكبريت.

وفي الإطار، يعمل الحرفيون بالمنطقة لإنعاش الفعل السياحي، من خلال تكييف النشاطات وفق متطلبات الفصل؛ حيث يتم التنويع في بيع المطلوع، الذي تبرع النساء الماكثات في البيوت في تحضيره وبيعه ساخنا  للزوار، إلى جانب بيع بعض المنتوجات الحيوانية مثل البيض والأجبان المصنوعة منزليا من حليب الأبقار والماعز، وبعض الأعشاب الطبية والعطرية، وكذا الخضر التي يتم زراعتها بالجبال؛ مثل القرع الأحمر، الذي ينمو خلال هذا الوقت من السنة، فضلا عن الترويج لبعض الأواني الفخارية التي تتماشى وموسم البرد؛ مثل الطاجين والأواني الفخارية.

وحسب ما أكد بعض الحرفيين بالمنطقة، فإن موسم الشتاء على الرغم من قلة النشاط فيه مقارنة بموسم الصيف، إلا أنهم يحاولون من خلال الاحتكاك بالزوار الذين يقصدون المنطقة من أجل الاستحمام بالمياه المعدنية أو العلاج، بيعهم بعض منتجاتهم، والمساهمة في إنعاش السياحة المحلية بالمنطقة، التي تُعد مصدر دخلهم الوحيد، معلقين بأن فصل الشتاء في منطقة حمام ملوان لديه خصوصية؛ إذ يسمح لهم بالالتقاء بنوع مختلف من الزوار، الذين عادة يكونون من كبار السن من الباحثين عن التداوي بالمياه المعدنية الصحية؛ حيث يمضي بعضهم أكثر من أسبوع في الفندق التابع للحمام، في رحلة علاج طويلة، علما أن القادمين إليه يأتون من مختلف ولايات الوطن بما فيها الولايات الجنوبية، وتكون الفرصة مناسبة للتعريف بعادات وتقاليد  ولاية البليدة، وبيع بعض المنتجات التقليدية الحرفية منها والغذائية.

العلاج بالمياه المعدنية ينعش الفعل السياحي بحمام ملوان

يبدو أن شعبية حمام ملوان بولاية البليدة، لم تقتصر، فقط، على فصل الصيف؛ حيث تشد العائلات الرحال إليه من أجل السباحة في مياه الوادي، والتمتع بمناظر الطبيعة الخلابة التي تنفرد بها المنطقة، وإنما تشكل، أيضا، منطقة جذب هامة خلال فصل الشتاء؛ إذ يقصدها الزوار من كل ولايات الوطن؛ بهدف الاستمتاع بمياهها المعدنية بحمام الزعيم، الذي يُعد الحمّام الوحيد في المنطقة الذي يعود، حسب البعض، إلى العهد التركي.

وعلى الرغم من أن الغاية من  ممارسة السياحة الحموية تختلف من زائر إلى آخر، غير أن المؤكد أن الأغلبية يرغبون في  الاستمتاع بالمياه المعدنية العذبة التي شاع عنها منذ القدم، أن لها فوائد صحية، وتلعب دورا هاما في علاج عدد من أمراض الشتاء، خاصة بالنسبة لكبار السن، الذين يعانون من آلام المفاصل في موسم البرد، أو الروماتيزم، أو بعض الأمراض الجلدية مثل الحساسية، بما فيها الأمراض النفسية.

وحسب ما جاء على لسان بعض الزوار من ولاية المدية في دردشة لهم مع " المساء "، فإن سبب الزيارة هو الرغبة في اكتشاف منطقة حمام ملوان في فصل الشتاء، وأخذ" تحميمة" على حد قول السيدة " ن.م " البالغة من العمر 60 سنة، والتي تعاني من التهاب في المفاصل، حيث نصحها طبيبها بزيارة الحمامات المعدنية، فاختارت حمام ملوان المعروف بولاية البليدة، بينما علقت أخرى بأنها جاءت من الجزائر العاصمة رفقة زوجها، إلى الحمام؛ لأن زوجها يعاني كثيرا من آلام المفاصل ونصحه الطبيب المعالج بزيارة الحمامات المعدنية، فكانت الوجهة إلى حمام ملوان المشهور، وهي فرصة للاستمتاع بجمال المنطقة، خاصة خلال فصل الشتاء؛ إذ يقلّ توافد الزوار على المكان، وبالتالي تكون الفرصة سانحة من أجل التمتع بالخدمات المقدمة، والتجول في المكان بعيدا على الزحام الذي تعرفه المنطقة في فصل الصيف، ولاقتناء بعض  الأواني الفخارية والأعشاب العطرية؛ مثل السلق والزعتر.

تخفيضات وخدمات راقية لزوار منطقة حمام ملوان السياحية

أكد نبيل عمارة المدير العام لفندق حمام ملوان، في تصريحه لـ"المساء" ، " أن حمّام الزعيم الذي تقصده العائلات من ولايات الشرق والغرب وحتى من أقصى الجنوب الجزائري، وعادة  أغلب الزوار هم من كبار السن؛ رغبة في ممارسة العلاج بالمياه، يقدّم بعض الخدمات العلاجية مثل التدليك على أيدي مختصين، الذي يُعد من أكثر الخدمات المطلوبة خاصة من كبار السن في موسم البرد، مشيرا إلى أن الحمّام يصل إلى استقبال أكثر من 300 زائر خلال عطل نهاية  الأسبوع بدون احتساب الوافدين على الحمام خلال الأيام العادية، وحتى في موسم العطل،  وتحديدا العطل الشتوية منها؛ حيث يبلغ ذروته.

وتفضل العائلات التي تقصد الحمام من أجل العلاج بمياهه المعدنية، الجمع بين السياحة  الحموية والتنزه في منطقة حمام ملوان، التي تكتسي حلة شتوية مميزة في إطار تنظيم زيارات  جماعية أو فردية .

من جهة أخرى، أشار المتحدث إلى أن الإقبال كبير على الحمام. وبهدف ترقية الخدمات المقدمة للزبائن والسير وفق الاستراتيجية المسطرة من طرف الحكومة لإنعاش السياحة المحلية، تم العمل على برمجة بعض المشاريع التي من شأنها أن توسع من الحمام، ومنه الرقي بالخدمات المقدمة؛ حيث تم برمجة عدد من المشاريع التي تم الشروع فيها.

أما في ما يتعلق بالخدمات، فأكد المتحدث أنه إلى جانب الحمام هناك فندق من أربعة نجوم  يتكون من 74 غرفة، تتنوع بين الفردية والمزدوجة. وتوفر الغرف خدمات تستجيب لحاجيات العائلات الوافدة من كل ولايات الوطن.

وأوضح لعمارة أن الأسعار تبقى تنافسية. ويتم أيضا تقديم بعض التخفيضات عند حلول بعض المواسم؛ من أجل الترويج للسياحة المحلية، وتشجيع العائلات على إمضاء أيام أطول بالمنطقة لاكتشاف جمالها الطبيعي؛ يقول: " وكل هذا يدخل في إطار تشجيع المواطن الجزائري على اكتشاف بلاده من خلال ممارسة السياحة المحلية" .

كما أشار المتحدث إلى أن المساعي جارية على مستوى الحمّام والفندق؛ من أجل إنعاش الفعل السياحي على مستوى الحمام؛ من خلال تحفيز العائلات عن طريق الخدمات المقدمة على زيارته، والاستمتاع بالمقومات السياحية التي تتمتع بها منطقة حمام ملوان خلال موسم الشتاء،  والتي تكتسي خصوصية تختلف عن تلك التي يعيشها الزائر في موسم الصيف".

مياه الأطلس البليدي المعدنية أثبتت قدراتها العلاجية

ارتبط اسم منطقة حمام ملوان، حسب رئيس بلدية حمام ملوان عبد الرحمان سالي، بالحمّام  الذي جعلها قِبلة للعائلات؛ حيث يفضل الزوار في فصل الصيف، التمتع بمياه الوادي الجاري من أعالي جبال الأطلس البليدي. وفي فصل الشتاء تتوجه الأنظار إلى حمام الزعيم؛ للاستفادة من الخصائص العلاجية التي توفرها المياه المعدنية.

كما أشار المتحدث إلى أن مياه الحمام المعدنية أثبتت قدرتها على علاج عدد من الأمراض  بشهادة العائلات التي استحمت بمياهه؛ حيث كشف المتحدث أن كل الزوار يؤكدون شعورهم  بالتحسن بعد الانتهاء من الاستحمام في الحمام، وتحديدا من أولئك الذين يعانون من مشاكل في المفاصل والروماتيزم "، لافتا في السياق، إلى أنه عند الخروج من منطقة حمام ملوان في اتجاه مقطع الأزرق، هناك "عين" مياهها معدنية عذبة، يقال حسب بعض الذين جربوا التداوي بمياهها، بأنها تساعد على الشفاء من بعض الأمراض.

وختم قائلا إن حمّام الزعيم لعب دورا كبيرا في الترويج للسياحة المحلية على مستوى منطقة حمام ملوان. وإن مصالحه سعت أيضا في إطار تشجيع السياحة الحموية وجعل المنطقة أكثر حركة خلال موسم الشتاء، إلى توفير  مواقف السيارات، وتأمين بعض الخدمات التي تشجع على استقطاب الزوار إليها.