تكرار الأسئلة حول فقه الصيام في رمضان

ظاهرة صحية بحاجة إلى تثبيت

ظاهرة صحية بحاجة إلى تثبيت
  • القراءات: 875
 رشيدة بلال رشيدة بلال

يكثر الصائمون طيلة الشهر الفضيل من طرح الأسئلة حول مواضيع تخص صحة الصيام، حيث يعتمد البعض على ما تبثه مختلف القنوات من حصص دينية للإجابة على أسئلة الصائمين، فيما يفضل آخرون التقرب من شيوخ المسجد من أئمة وفقهاء لفهم الإجابة. وحول نوعية الأسئلة المطروحة، تحدثت "المساء" إلى كل من الدكتور محمد بن زعمية أستاذ في الشرعة الإسلامية وموسى زروق إمام بمسجد ابن باديس.

المتتبع للأسئلة التي تطرح حول بعض أحكام الصيام من رخص الإفطار أو المفطرات أو مفسدات الصيام، يلاحظ بأن أغلبها أسئلة من المفترض أصبحت الإجابة عنها معروفة عند عامة الناس لكثرة طرحها، غير أن بعض الصائمون يتعمدون طرحها من جديد رغبة منهم في التأكد من أحكامها من جديد، أو لأنهم يبغون في كل مرة تجديد المعلومة خوفا من أن يطرأ عليها بعض التعديل في مجال الاجتهاد الفقهي، ولعل أكثر الأسئلة شيوعا؛ هل الحقنة مفطرة؟ هل دهن الشعر بالزيت يفطر؟ هل وضع أو استنشاق العطر يفسد الصيام؟ هل يجوز لمريض السكري والضغط الدموي أن يفطر؟ هل تذوق المرأة على طرف لسانها الطعام دون البلع مكروه؟ هل الاكتحال من مفسدات الصيام...؟ وعلى الرغم من أنها أسئلة روتينية غير أن الدكتور محمد بن زعمية يصفها بالظاهرة الصحية ويقول؛ "المسلم من طبيعته كثرة السؤال عن جملة من المعاملات لمعرفة ما إذا كانت تجوز أو لا حتى تكون عبادته على بصيرة من ربه، ولأن الصوم يعتبر من العبادات التي يقدسها المسلمون ويعضمونها نجدهم يكثرون من الأسئلة لتكون عبادتهم صحيحة، من أجل هذا يركزون في كل مرة بأسئلتهم على المفطرات وعلى مختلف الأمور التي ينبغي تجنبها أو القيام بها، مشيرا إلى أن تكرر الأسئلة مؤشر إيجابي، لأن بعض المفاهيم قد تغيب عنهم بحكم النسيان، وقد يعلم السائل الإجابة غير أنه يرغب في أن يطمئن قلبه فيعيد طرح السؤال من جديد.

وإذا اعتبر الدكتور ابن زعمية تكرار الأسئلة أمرا مستحبا فإن الإمام موسى زروق يعتقد أن كثرة الأسئلة في رمضان حول فقه الصيام رغم كونها ظاهرة إيجابية، إلا أنها تعكس غياب الثقافة الدينية، ومن هنا أعتقد أن المسلم عموما مدعو إلى أن يؤسس لنفسه ثقافة دينية أو كما يسميه جمهور الفقهاء بالواجب العيني، ويشرح: "نبه فقهاء الدين في الكثير من المواقف إلى أنه يتوجب على المسلمين عندما يتعلق الأمر بالفرض العيني (أي ما يجب على المسلم القيام به) قبل أن يبادروا إليه أن يتفقهوا فيه ويتعلموا أحكامه، فمثلا عند الحديث عن الصلاة التي تجب على الجميع لابد على عامة الناس أن يتعلموا أحكامها قبل أدائها ليقيموا صلاة صحيحة ونفس الشيء بالنسبة للصيام وغيره من العبادات التي يمارسها المسلم".

عندما نقول بأن المسلم مدعو للتفقه في دينيه، هذا لا يعني حسب الإمام موسى، أن يكون محيطا بكل الأحكام، لأنه ليس من أهل التخصص، ولكن على الأقل على الصائم أن يبذل جهدا لمعرفة بعض الأحكام، لاسيما أن الكتب الدينية متوفرة ويمكن الوصول إليها بسهولة، خاصة مع التطور التكنولوجي الحاصل، ومنه يثبت المعلومات التي اكتسبها وبذلك يكون لديه برنامج علمي، فمثلا يقول الإمام: "الباحث في بعض أحكام الصيام والمتيقن منها عليه أن يحفظها، فإذا أقبل رمضان آخر يتطلع للبحث في أحكام أخرى وبذلك يكون لديه رصيد فقهي يرجع إليه عندما يرتاب في أمره، مشيرا إلى أن طلب الفتوى لابد أن يكون من أهل الاختصاص الديني والعلمي ليبني على الأحكام التي بحث فيها.