رئيس الديوان المحلي للسياحة بسكيكدة لـ "المساء":

طقوس استقبال فصل الربيع اختلفت بين الأمس واليوم

طقوس استقبال فصل الربيع اختلفت بين الأمس واليوم
  • القراءات: 916
 حاوره/ بوجمعة ذيب حاوره/ بوجمعة ذيب
يخص السكيكديون مع بداية الأيام الأولى لشهر مارس من كل سنة، فصل الربيع بطقوس مميزة تحمل بين طياتها مظاهر التضامن والفرح بقدوم أجمل الفصول، فالعائلة السكيكدية دأبت على إعطاء هذا الفصل نكهة خاصة وفق تقاليد المنطقة التي تصنع أفراح العائلة التي كان لها مع كل ربيع قصة، وبين الأمس واليوم أشياء كثيرة تغيرت، إلا أن البعض يحتفل بقدوم هذا الشهر على طريقته الخاصة، «المساء» التقت بالسيد عيادي عبد الله رئيس الديوان المحلي للسياحة وأجرت معه هذه الدردشة التي تخص طقوس إحياء فصل الربيع بين الأمس واليوم.
❊ هل لكم أن تسردوا علينا كيف كانت العائلة السكيكدية تحتفل بقدوم فصل الربيع؟
❊❊ العائلة السكيكدية قديما كانت تولي للمواسم والأعياد أهمية كبيرة، خاصة أنها تقترن بالتضامن العفوي والتآزر، كونها مناسبة لجمع شمل العائلة بكل مكوناتها الاجتماعية، ومن بين تلك المظاهر التي زالت عن مجتمعنا اليوم، الاحتفال الذي كانت تخصه العائلة السكيكدية لفصل الربيع الذي عادة ما يبدأ خلال الأيام الأولى من شهر مارس أو كما يعرف عندنا «بالربيع العربي» الذي يتم الاستعداد له بأيام ويشارك فيه كل سكان العمارة، حيث تقوم كل عائلة باقتناء مستلزمات تحضير ما يعرف بـ«لبراج»، حسبما يتم الاتفاق عليه، كل حسب إمكانياتها، فواحدة مثلا تشتري الدقيق والأخرى التمر أو كما يسمى «الغرس» و أخرى زيت الزيتون أو الزبدة، وعادة ما يكون يوم الاحتفال يوم عطلة حيث تلتقي النساء في سطح العمارة أو عند باحة الدار ويشرعن في إعداد «لبراج» فمجموعة تتداول على إحضار العجيبة، وأخرى تقوم بعملية العجن باليدين وسط أهازيج شعبية أغلبها تتمحور حول مدح النبي والصلاة عليه. والمجموعة الثالثة تقوم بطرح العجينة المحشوة بالتمر وتقسمها إلى مربعات صغيرة، ومجموعة أخرى تتعاون في عملية الطهي باستعمال «طاجين» مصنوع من الطين، أما في الزاوية المجاورة ووسط هذا المشهد الذي يشبه خلية نحل تقوم بعضهن «بمخض» اللبن الموجود بـ«الشَّكْوَة»، وعندما تصبح «البراج» حاضرة، يلتف الجميع عند وقت الغذاء في مجالس واحدة للرجال وأخرى للنساء والثالثة للأطفال لتناولها مع اللبن في أجواء احتفالية ربيعية جد مميزة.
❊ هل يتكرر نفس المشهد على مستوى كل التجمعات السكانية أم هو نموذج فقط؟
❊❊ كل العائلات السكيكدية تحتفل تقريبا خلال نفس اليوم أو طيلة أسبوع بنفس المظاهر التي تستمر يوما كاملا تقريبا.
❊ كيف ذلك؟
❊❊ طبعا بعد الغداء تستمر الاحتفالية إلى غاية المساء، حيث تطهى على الفحم «قهوة العاصر» حيث توزع على الرجال الذين يتجمعون عند مدخل العمارة على شكل جماعات يلعبون بعض اللعب التقليدية مثل «الجربوع»، «الكارودة»، «الدومينو» و»الضامّة» حتى لعبة «الوراق» وهم يرتشفون القهوة ويتسامرون ويتجاذبون أطراف الحديث عن مواضع مختلفة سياسية واجتماعية، مع ذكر من كانوا معهم العام الماضي ممن انتقلوا إلى رحمة الله. أما النسوة فيجتمعن حول «قهوة العاصر» ويتحدثن عن ذكريات الماضي والمشاريع المستقبلية، في حين تجتمع الفتيات في إحدى زوايا سطح العمارة وهن يرتدين أجمل الثياب، فمنهن من يقمن بأعمال يدوية كالطرز وأخريات يتجاذبن أطرف الحديث حول ما يشغل بالهن.
❊ هل ما زالت هذه العادة متواصلة لدى العائلة السكيكدية اليوم؟
❊❊ حتى وإن كانت العائلة تقوم بإعداد «لبراج» باللبن، إلا أن المظاهر الاحتفالية التي كانت تميز المجتمع السكيكدي بالأمس اختفت كلية، ونادرا ما نجد العائلات تجتمع وحتى رائحة طهي «البراج» التي كانت تنبعث من كل العمارات اختفت من المساكن والمنازل التي أصبحت محصنة بأبواب حديدية، صحيح هناك فرق كبير بين مظاهر الاحتفال بقدوم الربيع في الريف خاصة في منطقة سيدي مزغيش، حيث ما تزال العديد من العائلات تتمسك بتلك الطقوس الاحتفالية إلى غاية اليوم، لكن بوجه عام، كل الأشياء الجميلة التي كانت تصنع سعادة العائلة من تماسك وتآزر وتعاون في مثل هذه المناسبات والأعياد اختفت.