"الفقيرات"، "البنوتات" والمالوف..

طبوع غنائية فسيفسائية في الأعراس القسنطينية

طبوع غنائية فسيفسائية في الأعراس القسنطينية�
  • القراءات: 3995
نور الهدى بوطيبة� نور الهدى بوطيبة

من ميزات العرس التقليدي في ولاية قسنطينة، تنوع الطبوع الغنائية في تلك الليالي السعيدة، حيث تختلف بين جماليات ما تقدمه فرقة الفقيرات، والبنوتات والحوزي وكذا المالوف، ويستمر الزفاف القسنطيني مدة أسبوع كامل ليسافر بالمدعوين في ليالي ألف ليلة وليلة.

رحلت بنا "جمعية البهاء للفنون والثقافات الشعبية" في حفل اختتام المهرجان الوطني للزي التقليدي الذي نظم مؤخرا تحت شعار "لباس العروس طقوس وشعور"، إلى أعراس الزمن الجميل في مدينة قسنطينة، حيث كانت العادات تختلف نوعا ما عما هي عليه اليوم، من حيث اللباس والأكل وغيرها. فبعد بضع سنوات من بداية الاحتلال الفرنسي، أثر الغرب على تلك العادات. رغم أن نسبة الأوروبيين المقيمين في قسنطينة أنذاك كانت أقل من تلك الموجودة في الجزائر العاصمة.  

روى لنا زكرياء زيدان، عضو في الجمعية، بعض تفاصيل الزفاف القسنطيني حيث قال: "بعد عقد القران يتم تنظيم يوم "الجرية"، وهي تخضيب العروس بالحناء، حيث يقوم خلالها أهل العريس بتقديم مجموعة من الهدايا تتمثل عادة في 4 ألبسة تقليدية وتحيي الحفل فرقة نسوية تسمى "الفقيرات"، تستعمل خلالها الدف بآلة الموسيقي "البندير"، وتنشد المدائح الدينية ومختلف القصائد الشعرية، وتحوم مجموعة من النساء بالعروس تسمى "التعليلة" لذكر أمنيات وتهاني العروس. 

كان يوم الخميس، قديما، هو اليوم الذي تنظم فيه الأعراس، فبعد الساعة الرابعة بعد الزوال تزف العروس إلى بيت زوجها، ليلتحق بها بعد ذلك العريس الذي يكون برفقة مجموعة من أصدقائه وأقاربه في مقهى بالحي، يرافقه طول الطريق (من البيت إلى المقهى) فرقة «اللاليين»، وهي فرقة تغني «المالوف». 

وعن المأكولات التقليدية التي تقدم في عشاء الوليمة، يقول زكرياء؛ تقدم «الشخشوخة»، «شباح الصفرة» وهي أكلة تقليدية تتكون من الفواكه المجففة، المكسرات والعسل، هي بمثابة «طاجين الحلو»، وكذا «الجاري» وهي الشوربة، إلى جانب خبز الدار وغيرها من المأكولات التقليدية التي قد تختلف من منطقة إلى أخرى في بعض التفاصيل. 

وفي اليوم الموالي، أي الجمعة، يقوم أهل العروس بتحضير فطور العروس، وتقديمه لأهل بيتها الجديد، حيث يتكون من «الرفيس»، «الجاري الأبيض» أي الشوربة البيضاء، والخبز التقليدي، وصينية «البقلاوة».

وبعد أسبوع، تلبس العروس القندورة المنسوجة بالقطيفة القسنطينية، التي تتميز باللون الأحمر، مزينة بصدارة منسوجة بين خط الرقبة والصدر على شكل مثلث مطرز بأشكال زخرفية عربية بالخيط الذهبي أو الفضي، تلبس بأكمام قابلة للإزالة، ويتم اختيار طفل اسمه أحمد أو محمد من الأقارب، ليقوم بضبط القندورة على خصر العروس باستعمال حزام مرصع بقطع من الذهب تسمى «المحزمة»، ثم يستقبلها العريس بالبرنوس ويحيط العروس بحاشيته ليبين لها أنها تحت حمايته منذ تلك اللحظة، وبعد ذلك تجلس العروس وتضع الحماة في حجرها صينية فيها خبز الدار، مع باقة من البقدونس وحفنة كبيرة من التمر الطازج أو قطع من السكر ومفتاح، إذ يرمز الخبز، حسب عضو الجمعية، إلى الاستقرار في عش الزوجية، والبقدونس إلى الخصوبة، بينما يشير التمر والسكر إلى التفاهم الجيد، والمفتاح إلى الثقة.

أما الحلي الأساسية التي ترتديها العروس، فنذكر منها «الجبين» وهوالتاج المزين بقلائد مرصعة بأحجار كبيرة، إلى جانب «السخاب» وهو عقد مكون من مشغول العنبر وقلادة ذهبية تسمى «المسكة»، كما تلبس العروس «المقايس» وهي أساور ثقيلة من الذهب و»الردايف» التي تتمثل في حلقات ذهبية لتزيين الكاحل.

ويكون الجزء العلوي من اللباس الذي ترتديه العروس مزينا بـ»البزايم»، وهي شظايا ذهبية مخرمة ومرصعة بأحجار كريمة مربوطة بمجموعة من السلاسل الذهبية لتشكل «القطينة».