بسبب ارتفاع حالات الطلاق

ضرورة تفعيل مكاتب المساعدة الاجتماعية

ضرورة تفعيل مكاتب المساعدة الاجتماعية
المحامي فيصل لنوار
  • القراءات: 858
❊فريال فنيش ❊فريال فنيش

ارتفعت حالات الطلاق وتعددت أسبابه في زماننا، واختلفت بين المشروعة وأخرى تثير الدهشة لدى سماعها، وهو ما وقفت عليه "المساء" من خلال هذا الاستطلاع الذي تحدثنا فيه إلى المواطنين والأخصائيين في مجالات مختلفة، حيث أشاروا إلى أن الخاسر الأكبر هو الطفل الذي يدفع ثمن الانفصال، موضحين في السياق أهمية تفعيل المساعدة الاجتماعية للتقليل من الحالات.

أشار بعض المواطنين في حديثهم، إلى أنهم عاشوا أو سمعوا من محيطهم القريب،  عن أسباب واهية وتافهة للطلاق، كعدم طهي الطعام جيدا، أو لأنه مالح، وهناك من تحدث عن شخص طلق زوجته لأنها لم تعد له "شخشوخة" مثلا، في إحدى المناسبات، ومن بين أسباب الطلاق أيضا؛ الاختلاف حول موضوع ما وإن كان بسيطا، ويمكن حله بلغة الحوار، وأخرى متعلقة بالمرض، كإصابة الزوج أو الزوجة بمرض خطير، على غرار السرطان الذي يشهد أكبر نسبة في تطليق النساء بعد إصابتهن بالمرض، وحالات أخرى لأزواج يريدون إعادة حياتهم مع نساء أصغر سنا.

في نفس السياق، أشارت بعض المقبلات على الزواج، إلى أنهن مستعدات لطلب الطلاق إذا لم يحقق الطرف الآخر رغباتهن، على غرار الآنسة فراح التي قالت "إذا رفض زوجي المستقبلي تلبية أبسط رغباتي، فسأطلقه حتما"، وأشارت أخرى إلى أنها عاشت ضغطا مسترسلا بسبب عدم مساعدة زوجها لها في أعمال البيت، مما دفعها إلى طلب الطلاق، وتقول "أنا امرأة عاملة ولدي ثلاثة أطفال، أكبرهم سنا يبلغ سبعة أعوام، ذات مرة كنت متعبة جدا وطلبت من زوجي، فضلا وليس أمرا، أن يتقاسم معي أعباء المنزل، إلا أنه صرخ في وجهي وأدار ظهره وذهب لمشاهدة التلفاز، ثم نام، ومن فرط ألمي وحزني على حالي، طلبت منه أن يطلقني".

أشار بعض الرجال المتزوجين والمقبلين على الزواج، إلى أنهم مستعدون للانفصال عن زوجاتهم، إذا تعلق الأمر بالكرامة والأنفة، حسبما أشار إليه محدثنا عبد المجيد "لن أسمح لزوجتي بأي حال من الأحوال، أن ترفع صوتها عليّ أو على أمي التي حملتني وهنًا على وهن، أريد حياة يسودها الاحترام والرحمة، في المقابل، سأضمن لزوجتي حقها في الاحترام أيضا"، وقال محمد صاحب 30 سنة، إن لديه شروطا قبل الزواج للمرة الثانية، إذ أنه طلق زوجته الأولى لأنها طلبت منه الخروج مع صديقاتها في وقت متأخر، وهو ما دفعه إلى تطليقها، مؤكدا أنه يريد الارتباط بامرأة تنصاع لأوامره، لا تعمل، وتقوم بتربية أبنائها في البيت.

استغل مرض ابنه للحصول على الحضانة

في مقابلة مع الدكتورة والمحامية نادية منصوري، تحدثت معنا عن حالة فريدة من نوعها، تتمثل في العنف اللفظي والجسدي الذي كان يمارسه الزوج يوميا على زوجته، دون الاكتراث بردة فعل أبنائهما الثلاثة، تقول المحامية "لم تقم الزوجة بأية إجراءات قانونية حيال هذا الفعل، غير أنها بعد ولادة ابنتها الأخيرة ذات الثمانية أشهر، توجهت إلى رفع دعوة الطلاق، غير أن القاضي لم يمنحها الحق، بسبب غياب الدليل القاطع وإثبات الضرر وعدم ثبوث حكم جزائي"، تسترسل قائلة "بعدها قمنا بطلب الحضانة المؤقتة للزوجة بالنسبة للطفلة الصغرى، بسبب ظروفها المعيشية التي لا تسمح لها باحتضان باقي أبنائها، لأن أهلها يرفضون الأمر، في المقابل قام الزوج بالاعتراض عن طريق استغلال مرض ابنه الأكبر ـ المتمثل في الورم ـ فربح القضية وفصلت الطفلة الصغيرة عن أمها، في الوقت الذي كانت في أمس الحاجة إليها"

من جهته، أكد المحامي فيصل لنوار، أن المحاكم الجزائرية شهدت ارتفاع نسبة حالات الخلع أو التطليق أكثر من الطلاق نفسه، بسبب صعوبة تطبيق المادة 53 من قانون الأسرة التي حددها المشرع في عشر حالات، منها عدم الإنفاق بعد صدور الحكم بوجوبه، العيوب التي تحول دون تحقيق هدف الزواج، الهجر فوق أربعة أشهر، الحكم على الزوجة في جريمة تمس شرف الأسرة، الغيبة بعد مرور سنة كاملة بدون عذر ولا نفقة، مخالفة المادة 8، وهي ارتكاب فاحشة مبينة، الشقاق المستمر بين الزوجين ومخالفة الشروط المتفق عليها في الزواج، مشيرا إلى أن معظم قضاياه سببها الرئيسي "الفايسبوك"،  يقول "من بين القضايا التي عالجتها، رفع الزوجة قضية خلع على زوجها بسبب عثورها على صور خاصة له قام بإرسالها للفتيات على الخاص، وقد انفصل الزوجان دون اكتراث لمصير طفليهما اللذان لا يتجاوزان الـ5 سنوات"، ويواصل المحامي قائلا "هناك حالة أخرى لزواج لم يدم سوى أربعة أشهر، حيث اكتشف الزوج محادثات زوجته مع أشخاص غرباء  في أوقات متأخرة من الليل".

المختصة النفسية حفيظة بن عودة تؤكد ... الطلاق يفقد الأطفال الإيمان النفسي والعاطفي

أكدت السيدة حفيظة بن عودة، حيال موضوع الطلاق وسلبياته على الأطفال، أنه يؤثر بشكل مباشر على النمو النفسي للأطفال، إذ يحدث تغيير كبير في نشأتهم وحتى في حياتهم اليومية، حيث يصبحون مرغمين على البقاء مع واحد من الأولياء، والتوجه إلى أحد من الأقارب أو أي شخص يشعرون معه بالارتياح للعيش معه فقط، الأمر الذي ينتج عنه تسرب مدرسي وانحرافات اجتماعية، كاللجوء للمخدرات والخمر وغيرها، كما أن ذلك يولد لدى الطفل شعورا بالغيرة والحسد لدى رؤيته لأطفال آخرين يعيشون ظروفا عادية مع أوليائهم، وهو ما يُشعِر الصغير بالنقص، كما يتعرض للكثير من المخاطر في غياب الرقيب والحامي له، على غرار الاغتصاب والاعتداء وارتكاب الجريمة بمختلف أشكالها، أو أن يصبح شخصا منطويا أو اتكاليا ينتظر ما يقدمه له الآخرون فقط، فيصبح عالة على نفسه والمجتمع.

"الفايسبوك" يهدد استقرار الأسر

من جهته، أكد الأخصائي في علم الاجتماع "س.و"، أن كل سنة تمر، تزداد فيها حالات الطلاق أكثر فأكثر، مشيرا إلى أن التكنولوجيا تلعب دورا هاما في هذه القضية، وتعتبر عائقا وملجأ في نفس الوقت، حيث يتجه أحد الطرفين إلى تعويض النقص الداخلي الذي يعاني منه وإشباع حاجاته فيها، مؤكدا في السياق، أن الضحية الوحيدة التي تتحمل أعباء الانفصال هم الأطفال، لذا يقول الأخصائي "يجب التفكير جيدا قبل القيام بهذه الخطوة الفتاكة التي ينتج عنها التفكك والصراع، وعدم الاستقرار على المستوى الاجتماعي والتعليمي وحتى النفسي، وهو ما يستوجب تفعيل دور الأخصائي الاجتماعي للخروج بالأسرة إلى بر الأمان".

من جهته، أكد الأخصائي في علم الاجتماع "س.و"، أن كل سنة تمر، تزداد فيها حالات الطلاق أكثر فأكثر، مشيرا إلى أن التكنولوجيا تلعب دورا هاما في هذه القضية، وتعتبر عائقا وملجأ في نفس الوقت، حيث يتجه أحد الطرفين إلى تعويض النقص الداخلي الذي يعاني منه وإشباع حاجاته فيها، مؤكدا في السياق، أن الضحية الوحيدة التي تتحمل أعباء الانفصال هم الأطفال، لذا يقول الأخصائي "يجب التفكير جيدا قبل القيام بهذه الخطوة الفتاكة التي ينتج عنها التفكك والصراع، وعدم الاستقرار على المستوى الاجتماعي والتعليمي وحتى النفسي، وهو ما يستوجب تفعيل دور الأخصائي الاجتماعي للخروج بالأسرة إلى بر الأمان".