حدث ديني واجتماعي يحرص عليه البليديون
صوم الأطفال لأول مرة.. تحبيب للعبادة وإحياء لتقاليد عريقة

- 811

يرتبط تصويم الأطفال لأول مرة في ولاية البليدة، بإحياء عدد من التقاليد المتوارثة أبا عن جد، حيث يعتبر تصويمهم بمثابة الحدث الاجتماعي الهام، الذي يتم إرفاقه بعدد من المعتقدات، التي تهدف من ورائها الأسر، إلى تحبيبهم في الصيام، ومنه الحفاظ على هذه العادات والتقاليد المتوارثة.
دفع تزامن العطلة المدرسية مع حلول شهر رمضان، هذه السنة، بالكثير من الأولياء، للالتفات إلى أبنائهم الصغار، بغية تعويدهم على الصيام، رغم صعوبة الأمر لأول مرة، إلا أن إرفاقه ببعض العادات، يجعل الأطفال يشعرون بأهمية هذا الحدث الاجتماعي الذي يربطه البليديون بإسلام الطفل الحقيقي، والذي يبدأ، حسب المهتم بالتاريخ البليدي، يوسف أوراغي، بحفل الختان، الذي يعتبر بمثابة الحدث الأول الذي يتم فيه التأكيد على إسلام الطفل، يليه الحدث الثاني الهام في حياته، والمتمثل في صومه لأول مرة، وحسبه "فإن صيام الطفل لأول مرة، يعني ـ حسب التقاليد المتوارثة في البليدة ـ بأن الطفل قد اكتمل إسلامه، بتأديته لهذه العبادة بعد الصلاة، حيث يتراوح سنه بين السبع والثماني سنوات".
التحضير لتصويم الطفل، حسب الباحث في التاريخ البليدي، تعد له الأم مسبقا، من خلال تجهيز ابنها أو ابنتها لهذا الحدث الهام، بحيث تخبره بأهمية الصيام وبعده الديني، وضرورة أن يشارك في هذا الحدث الديني الهام، ويتم خلال اليوم، مرافقته لمنعه من الأكل ومحاولة إلهائه قدر الإمكان، حتى ينجح في اجتياز هذا الاختبار الصعب، وعند موعد حلول آذان المغرب، يكون الطفل الصائم بمثابة السلطان، يقول الباحث يوسف: "حيث يتم الباسه لباسا تقليديا، وإجلاسه في مكان عال، وأول ما يبدأ به بعد آذان المغرب مباشرة؛ شرب كأس من الشاربات المحضرة من عصير الليمون وماء الزهر والسكر، والعبرة من ذلك أن الشاربات بماء الزهر، تساعد على إنعاش الطفل وترفع من نبضات قلبه التي تكون جد منخفضة، بسبب التعب الذي يصيبه، جراء صيام يوم كامل، ومن العادات المتوارثة، أن تضع والدة الطفل قطعة ذهبية في الكأس، سواء كانت خاتما أو حبة من "اللويز"، مشيرا إلى أن بعض العادات القديمة لدى البليدين، كانت تفرض على الطفل الصائم الصعود إلى أعلى السلم، بعدها يفطر على كأس الشاربات، والعبرة من ذلك، حسب بعض المعتقدات، أن الطفل قد اكتمل إسلامه، وارتقى بأدائه لهذه العبادة، وتعبر أيضا على المكانة العالية التي أصبح يحظى بها بين أقرانه.
أما بالنسبة لحبة "اللويز" التي توضع في الكأس، فكانت توحي إلى أن إسلام هذا الطفل الصائم صافيا، لافتا بالمناسبة، إلى أن عددا من هذه التقاليد، بدأت تزول، بسبب تخلي بعض العائلات عنها، رغم أهميتها، كونها من العادات التي تدخل في الجانب التربوي، خاصة أنها تحبب الطفل في القيام بهذه العبادة الدينية، كما أنها تظل راسخة في ذهنه، ويكون لها أيضا أثر على باقي الأطفال الصغار، من الذين يرغبون في الصيام، ليعيشوا هذا الحدث الديني والاجتماعي بكل عاداته وتقاليده.