المخيّمات الصيفية

صقل للشخصية واستئناس بمفاهيم الطبيعة

صقل للشخصية واستئناس بمفاهيم الطبيعة
سمير بن باسي رئيس جمعية ”الطفولة السعيدة”
  • القراءات: 495
❊ نور الهدى بوطيبة ❊ نور الهدى بوطيبة

تُعدّ المخيمات الصيفية، كما يشير إليها اسمها، أمكنة مميزة لقضاء العطل الصيفية وفق برنامج يسيره مؤطرون، تتخلّله العديد من الأنشطة الترفيهية التي تمنح الطفل المشارك فيها فرصة الجمع بين المتعة والتعلم والانخراط مع باقي الأطفال في مهارات الحياة، كلّ ذلك يساعده في صقل الشخصية، هذا ما أشار إليه سمير بن باسي رئيس جمعية الطفولة السعيدة، الذي أوضح أنّ الجمعية تبادر كلّ فصل صيف، بتنظيم مثل تلك الخرجات نحو وجهات مختلفة في كلّ مرة.

بعد سنة دراسية مليئة بالاجتهاد والمثابرة تأتي العطلة، ومعها التفكير في كيفية تمضية حيزها الزمني، وحينها تختار بعض العائلات إدماج أطفالها في فرق المخيمات الصيفية مع باقي الأطفال من سنهم؛ للاستفادة من المزايا التي تمنحها تلك المخيمات التي تبعث في نفسية الطفل روح المغامرة، وتساعده في تعلّم أداء بعض الواجبات والاعتماد على النفس بدل تأدية حاجياته الخاصة. وبما أنّ البحر والاصطياف هو العنوان الرئيس لفصل الصيف، تلجأ مختلف الجمعيات والكشافة الإسلامية ومنظمو المخيّمات الصيفية إلى حطّ رحالها قريبا من الشواطئ أو في الغابات؛ حتى تمنح الطفل فرصة الاستمتاع بعطلته الصيفية.

وعن هذا الموضوع كان لـ المساء حديث مع رئيس جمعية طفولة سعيدة من ولاية تيسمسيلت، الذي أشار إلى أنّه منذ نشأة الجمعية سنة 2013، ينظم في كلّ موسم صيف هذا النوع من الخرجات التي يستفيد منها غالبا الأطفال من العائلات الفقيرة ومتوسطة الحال وكذا بعض المنخرطين في الجمعية؛ حتى تسمح لهم بقضاء عطلة صيفية ممتعة مثلهم مثل بقية الأطفال من العائلات ميسورة الحال، مما يخلق نوعا من التوازن الرفاهي في المجتمع.

وأشار المتحدث إلى أنّ الهدف من تلك الخرجات ليس فقط متعة الطفل باللعب أو السباحة أو قضاء الوقت مع الأصدقاء، وإنّما لذلك بعد تربوي وتعليمي وتثقيفي أكثر؛ قال: إنّ الجمعية خلال تنظيمها مخيما صيفيا تسطّر برنامجا ثريا لفائدة كلّ طفل حتى يستفيد من خبرة المؤطرين ومعرفتهم. وأضاف سمير بن باسي أنّ المخيمات الصيفية تقليد قديم تقوم به مختلف المجتمعات، هدفها التخييم في مناطق برية؛ في غابات أو على ضفاف الأودية أو الشواطئ الرملية، ينام فيها المشاركون خارج البيت داخل خيمات صغيرة أو بالاستلقاء تحت نجوم السماء. التدفئة تكون بنار مشتعلة، ويحضَّر الأكل على الجمر، وكلّ ذلك بمفهوم بعيد عن حضارة المدينة، مما يساعد الفرد على تعلّم أساليب العيش في أصعب الظروف وأكثرها قساوة.

وأوضح بن باسي أنّ التخييم يساعد الطفل على صقل الشخصية؛ بتعليمه كيفية الاعتماد على النفس، فهذا يساعده، من جهة، في تكوين شخصية مستقلة لا تعتمد على الغير، ومن جهة أخرى يكون له تلك الخصال الإيجابية التي تجعله فردا إيجابيا يساعد غيره. كما أنّ للمخيمات مزايا في جعل الطفل اجتماعيا أكثر بفضل احتكاكه بأطفال لا يعرفهم مسبقا، ويشكلون بذلك فرقا يلعبون معا، ويتقاسمون المهام في المخيم، ويتبنّون روح المشاركة.

وعلى صعيد ثان، قال المتحدث إنّ ابتعاد الطفل قليلا عن الحضن العائلي المفرط يجعله يحتك بالعالم الخارجي، ويقيه من الإصابة بالخمول والاعتماد على الأب أو الأم، ويتعلّم بذلك المغامرة، وكيفية العيش حتى بأقل الإمكانات إذا تطلّب الأمر، كما أنّ له مزايا بدنية، يضيف بن باسي، حيث يتخلّل البرامج العديد من الألعاب والأنشطة التي تتطلّب مجهودا بدنيا، وكلّ ذلك يساعد في امتلاك الثقة في مكتسبات الذات، من خلال المشاركة في مختلف الأنشطة الفنية والثقافية التي تملأ حيزا مهما من البرنامج العام للمخيم، فضلا عن الاستئناس بمفاهيم وقيم التربية البيئية، ومعايشة الطبيعة والمحافظة عليها بشكل عمل. 

في الأخير، دعا رئيس الجمعية الجهات الناشطة في هذا الباب، إلى تكثيف هذا النوع من المبادرات؛ حتى يستفيد منها الأطفال، لاسيما من العائلات محدودة الدخل؛ كونها لا تستطيع إسعاد الطفل خلال عطلته الصيفية أو الخروج إلى البحر بسبب ضيق مالي أو بعد المسافة عن المدن الساحلية.