التضامن خلال المآسي والكوارث

صفة أصيلة في الجزائريين

صفة أصيلة في الجزائريين
  • القراءات: 889
نور الهدى بوطيبة نور الهدى بوطيبة

تتواصل جهود الجزائريين، في جمع المؤونة والأغذية والماء وبعض الضروريات التي يحتاجها المتضرّرون من الحرائق، التي شهدتها بعض الولايات الشرقية، وأسفرت عن خسائر في الأرواح والممتلكات، ووجد المتضررون أنفسهم في مأساة حقيقية بعد أن فقدوا الغالي وباتوا بدون مأوى، ليجدوا في الجزائريين السند والمواساة التي تجسّدت في حملات تضامنية وهبات إنسانية مع المنكوبين.

وأثبتت الأزمات والكوارث التي مرّت بها الجزائر مدى تكاتف وتعاطف وتآزر وتضامن الجزائريين فيما بعضهم، راسمين بذلك صورا جميلة للتعاون دون الحاجة لطلبها، وهذا ما أشار إليه المختص في علم الاجتماع، مختار بن يوبي، في حديثه مع "المساء"، قائلا إنّ الشاب الجزائري لا ينفك يثير دهشة العالم بشهامته، وما يتمتّع به من خصال حميدة أهمّها الجود والكرم، وروح التضامن، التي يبدو أنها خلقت في دمه، على حدّ تعبيره، مشيرا إلى أنّ هذه الخصال ناتجة عن تاريخ الجزائر وما عاناه المجتمع عبر كلّ مراحل هذا التاريخ العريق، وأوضح أنّ الأزمات تخلق الرجال، وقال إنّ ذلك قاعدة حقيقية، فالمجتمع الذي يعيش صعوبات وتمرّ عليه كوارث تغرس فيه قيم إنسانية قوية يدرك بها كلّ ما يعانيه أخوه حتى وإن كان في وضعية لا تقلّ ضررا عن أخيه المستغيث.

وقال المختصّ إنّ أكثر ما يشهده تاريخ الجزائر، من حيث عمليات التضامن هي الكارثة الطبيعية لحملة باب الوادي قبل سنوات، والتي شهد العالم حينها تضحيات شباب واجهوا الموت لمساعدة الغير، ثم تلتها كارثة الزلزال، الذي لم يتردّد خلالها الشعب في محاولة إنقاذ الأشخاص تحت الأنقاض حتى قبل وصول الإسعاف، وهي صور ومواقف كثيرة لا تحصر في كارثة واحدة تعكس مدى تمتّع الجزائري بهذه الصفة الجميلة التي لا تزال تجعل الفرد يفتخر بانتمائه وجزائريته.

وأضاف يوبي، أنّ السنة المنصرمة شهدت الجزائر كارثة طبيعية لكن من فعل الإنسان، وهي الحرائق التي أتلفت كلّ أخضر ويابس بطريقها، وسارع حينها السكان من الولاية المتضرّرة ومن جميع الولايات إلى عين المكان للمساعدة، وتوالت عشرات الشاحنات المحمّلة بالأغذية والأفرشة والماء والأدوية لمساعدة المتضررين، وتتكرّر الصورة هذه السنة مع الواقعة الكارثية خلال الأسبوع المنصرم، يضيف الخبير.

وقال مختار بن يوبي، إنّه منذ الساعات الأولى لاندلاع هذه الحرائق التي "تؤكّد المؤشرات الأولية طابعها الإجرامي"، هبّ المواطنون من كلّ حدب وصوب لإغاثة سكان المناطق التي أحاطت بها ألسنة النيران، في هبة تضامنية أضحت سمة لصيقة بالجزائريين، يتضاعف حجمها وتتصاعد وتيرتها كلّما برزت أزمة أو محنة ليكون الدعم أكبر وبطريقة جدّ محكمة وكأنّها روح تتحرّك في لحظة واحدة هدفها الوحيد تخفيف معاناة المتضررين. فعلى سبيل المثال لا الحصر، أكّد المتحدث أنّ حملة من هذا النوع شهدها شارع "العربي بن مهيدي" بالعاصمة منذ بداية الأزمة، وهي لشباب من الحي، بادروا إلى جمع قارورات الماء العذب لتقديمها للسكان المتضررين، وأثار ذلك استحسان الجميع لاسيما المارة الذين لم يتردّدوا في تقديم يد المساعدة ولو بالدعاء لهم.

وعلى غرار الجهود المبذولة من طرف الجمعيتين الخيريتين "ناس الخير" و"دير الخير وانساه"، والتكتل الجمعوي الذي يضمّ ‘’الكشافة الإسلامية الجزائرية" و"الفيدرالية الجزائرية للسلام والإنسانية" وجمعيات "أهل البر والإحسان" وكذا "سواعد الإحسان" و"فاعل الخير"، تتواصل حملات جمع التبرعات والمساعدات الغذائية والطبية والمواد الأساسية لفائدة العائلات المتضرّرة جرّاء هذه الحرائق. وبالروح التضامنية نفسها، أبى مواطنو ولايات غرب الوطن إلا أن يقفوا إلى جانب إخوانهم المتضرّرين، بإرسالهم لقوافل تضامنية محمّلة بالمواد الغذائية والماء والأفرشة في صور تعكس مدى عمق هذه الخصال في التكافل لدى المجتمع الجزائري.