ظاهرة تنتشر عبر مواقع التواصل الاجتماعي

صدقاتٌ ابتغاءَ وجه الله أو بحثاً عن التباهي والرياء

صدقاتٌ ابتغاءَ وجه الله أو بحثاً عن التباهي والرياء
  • القراءات: 2953
نور الهدى بوطيبة نور الهدى بوطيبة

حذّر عبد الرشيد بوبكري، إمام مسجد "الغزالي" بحيدرة، من الظاهرة التي انتشرت في السنوات الأخيرة والتي زادت خلال هذه الأيام بسبب انتشار الوباء، وهي التقدم بالصدقة والتباهي بها من خلال عرضها عبر مواقع التواصل الاجتماعي وعرض العائلات التي استفادت منها، وهذا مناف لما أوصى به ديننا، مستدلا بحديث نبينا محمد، عليه الصلاة والسلام؛ إذ رُوي عن أبي هريرة، رضي الله عنه، عن النبي، صلى الله عليه وسلم، أنه قال: "سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله..."، وذكر منهم: "ورجل تصدّق بصدقة فأخفاها؛ حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه".

تنتشر خلال هذه الأيام عبر مواقع التواصل الاجتماعي، ظاهرة أثارت حفيظة المجتمع، تتمثل في نشر صور وفيديوهات لعملية التبرع والصدقة وذكر اسم صاحبها ولمن كانت موجهة، وهذا في إطار حملة تضامنية مع المجتمع المحتاج في ظل تأثره اقتصاديا بجائحة فيروس كورونا المستجد، وتحول العمل الخيري من بعض المتصدقين إلى ظاهرة غريبة، وهي التباهي والرياء.

وقال الإمام إن الصدقة نوعان؛ الفردية والجماعية، فالفردية لا بد أن تكون وتبقى مستورة ولا يجب الإعلان عنها، وهذا هو أصل الصدقة. والدليل على ذلك ما جاء في الحديث أعلاه؛ بمعنى أن تكاد تجهل اليد اليسرى ما قدمته اليد اليمنى؛ أي لا أحد عليه معرفة ذلك، وهذا هو الأصل في الصدقة، ليأخذ صاحبها الأجر الكامل، فحتى وإن كان الفعل دائما والمتمثل في فعل الخير مستحسنا، لكن وجهه الكامل على أن يكون في السر إخلاصا لله وابتغاء لوجهه.

من جهة أخرى، أشار المتحدث إلى النوع الثاني من الصدقة، وهي الفعل الجماعي الذي تتقدم به جماعة على غرار أفراد حي أو أصدقاء أو جمعيات، وهنا لها منطلقان؛ إذا تم نشرها بهدف اقتداء الناس بها أو إظهار للمتبرعين بالمال أو مواد أن صدقتهم وصلت إلى أصحابها، فهذا مشروع، لكن أن تكون في إطار محدد؛ كنشر الجمعيات بعض أعمالهم فقط وليس كلها، وبدون إحراج الذين تم التصدق لهم، وهذا مناف لأصولها وقواعدها.

وفي الأخير قال الإمام إن إخفاء الصدقة أفضل، لكن إن ترتب على إظهارها مصلحة راجحة؛ كأن يكون في إسراره بها إساءة ظن به؛ بأنه لا يخرج الزكاة، أو أن يكون إظهار الصدقة لدعوة الناس إلى الاقتداء بالمتصدق، فهذا من باب "من سنَّ سنّة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة"، ونحو ذلك من المصالح. أما إذا كانت للتباهي والبحث عن رياء فهي مستنكرة، لكن يبقى أجرها على الله، "والله أعلم".