مغامرون حققوا نجاحات باهرة انطلقت من الصفر

"شيفان" بدون شهادات يكتسحون عالم "الطبخ الرقمي"

"شيفان" بدون شهادات يكتسحون  عالم "الطبخ الرقمي"
  • القراءات: 596
نور الهدى بوطيبة نور الهدى بوطيبة

صفحات الطبخ عبر المواقع مشاريع مربحة جدا

❊ بطالون انطلقوا من مطابخ أمهاتهم نحو العالمية

حوّل العديد من الشباب والشابات مطابخ بيوتهم إلى ورشات مشاريعهم المصغرة في مجال "الطبخ الرقمي"؛ الاسم العملي الذي أطلقه مؤثرو الطبخ على نشاطهم عبر مواقع التواصل الاجتماعي؛ حيث نجح هؤلاء في استقطاب آلاف المعجبين حول العالم. وتحولت تلك الأفكار من مشاريع صغيرة إلى استثمارات كبيرة، تُدرّ من ورائها الملايين، حسب عدد المتابعين ونسبة المشاهدات.

أثارت التجارب الناجحة للسباقين في المجال، رغبة العاطلين عن العمل، المولَعين بالطبخ وعاشقيه، أو حتى غير المقتنعين بمداخيلهم من نشاطات أخرى. ودفعتهم إلى تجربة حظهم عبر مواقع التواصل الاجتماعي، لتخلق بعد ذلك عينات ناجحة جدا في هذا المجال، لا سيما أن الطبخ أحد المجالات التي يرغب محبو الأكل في تعلمها. وأكثر من ذلك، أصبحت تلك الصفحات التي تعرض وصفات لا تُعد ولا تحصى، بأساليب بسيطة، وأخرى راقية، تلبي رغبات الجميع، خاصة الذين يرغبون في تعلّم فنون الطبخ بسهولة.

وباتت تلك الصفحات تعطي أسرار طباخي خمس نجوم في الطبخ؛ مما مكّن بعضهم من الحصول على الإعجاب، والمشاركة لتلقي كل الفيديوهات الجديدة بطريقة مثيرة للدهشة؛ إذ وصل متتبعو بعضها إلى خمسة ملايين متابع؛ الأمر الذي جعلها من أكثر المشاريع الناجحة، والمحتويات التي تستميل مختلف الفئات بشكل ملفت للانتباه.

وتحدثت "المساء" مع عدد من المستثمرين في هذا المجال. وأكثر ما أثار اهتمامنا هو نسبة الرجال الذين تفوّقوا على النساء في نفس النشاط، خاصة في مجتمعنا والمجتمعات الأخرى التي يربط المطبخ فيها بالمرأة بشكل كبير، إلا أن مفاهيم وموازين اليوم يبدو أنها تغيرت تماما، وتحولت لتكسر كل تلك المعتقدات السائدة.

نماذج رائدة في الميدان

بداية، اقتربت "المساء" من فارس عثماني الذي تبنّى النشاط قبل ثلاث سنوات بأدوات بسيطة داخل مطبخ أمه، ليتحول بعد فترة وجيزة، إلى ورشة عمل؛ إذ تحصّل بعد مدخوله الأول، على عدد من الأجهزة الخاصة أكثر عملية؛ كآلة تصوير، وحامل، وأدوات الإضاءة، وميكروفون، حينها تحولت فيديوهاته إلى فيديوهات ذات دقة عالية ونوعية جيدة، وبالتالي سجل مشاهدات أكثر.

وأشار فارس في حديثه إلـى "المساء"، إلى أن شغفه بالطبخ هو ما دفعه للتخلي عن عمله داخل بنك وطني للالتحاق بالمجال وتحقيق حلمه. وقال إن التسهيلات التي تمنحها وسائل التواصل الاجتماعي تساعد كثيرا في تحقيق هذا النوع من المشاريع، مؤكدا: "فما على الراغب إلا التسجيل في واحدة من تلك المواقع، وإنشاء صفحات رسمية، والتخصص في مجال وفق سياسة وعدد من القواعد التي تفرضها تلك المواقع".

ومن جهته، لم يكن لخالد امناوي نفس دافع الانضمام لهذا العالم مثل فارس، بل عدم حصوله على عمل وعدم احترافه أي حرفة، دفعه إلى الاستفادة من تكوين خاص في مجال الحلويات. وقد أنشأ مشروعا رقميا بسيطا لمنافسة غيره في نفس النشاط، وهو ما أكده بقوله: "بعدما لاحظت نجاح من حولي عبر مواقع التواصل الاجتماعي وانتشار ثقافة الولوج إلى تلك الصفحات للحصول على وصفة أو لإتقان طبخ معيّن من مختلف أنحاء العالم، بات من الذكاء محاولة الانضمام لتلك المنافسة".

 موضحا أنه بعد سنته الخامسة في المجال، بات ذلك العمل يدرّ عليه مداخيل لا بأس بها، موضحا أن التواصل مع الراغبين في ترويج منتجاتهم، أكثرُ ما يثير اهتمام المختصين في ما يُعرف بالمؤثرين، وأن التخصص في الطبخ واحد من أكثر المجالات رواجا، خاصة عبر صفحات أنستغرام؛ إذ تجد اليوم الكل يتخصص في نوع معيّن من الطبخ؛ سواء في صنف أو تقليد دولة معيّنة، أو في حلويات أو أكلات تقليدية، أو أخرى من خيرات البحر، أو عجائن، أو غيرها من الطيبات حول العالم.

ومن جهتها، قالت مريم شهيوات، واحدة من الشابات التي رغم بساطة صفحتها إلا أن أملها كبير في بلوغ شهرة أم وليد ومثيلاتها في مجال الطبخ، إن تأثرها ببعض الشيفات جعلها ترغب في متابعة نفس مسارهن. وأضافت: "لقد تخرجت من الجامعة قبل أربع سنوات ولم يحالفني الحظ في إيجاد عمل في مجال تخصصي؛ الأمر الذي دفعني إلى توجيه اهتمامي نحو مشروع صغير يساعدني في تحقيق استقلالي المادي".

وأكدت رغم أنها لم تكن تجيد الطبخ قبل التخصص، إلا أنها استعانت بوصفات من حولها من نساء عائلتها؛ مما ساعدها كثيرا في الانطلاق، فبدأت أولى فيديوهاتها بتقديم وصفات بطريقة مبسطة لبعض الشهيوات التقليدية من شرق الوطن، على حد تعبيرها.

وأضافت أن صفحتيها عبر يوتوب وأنستغرام ساعدتاها كثيرا في تكوين مشروعها الخاص؛ فبعد سنتين من العمل، تمكنت من كراء محل صغير بحيها والعمل في تحضير وجبات كمتعهدة طعام، وهي تستغل فرصة التحضير في تصوير فيديوهات وتنزيلها عبر صفحاتها لتقديم الوصفات خطوة بخطوة، وبطريقة مبسطة، وغالبا ما تقدم بعض الوصفات حسب طلب متابعيها.

فيديو 5 دقائق يكلف عمل يوم كامل

أجمع من تحدثت معهم "المساء"، على صعوبة العمل حتى وإن كان، أحيانا، الفيديو لا تتعدى مدته ثلاث أو خمس دقائق بطريقة التسريع، إلا أنه، في حقيقة الأمر، يتطلب من صانعه يوما كاملا؛ بين تحضير المقادير، والتصوير مرار وتكرارا، ثم تركيب الفيديو، واختيار الصوت، وغير ذلك من التفاصيل قبل تنزيله عبر الصفحة.

ولا بد أن لا يكون هناك انقطاع طويل بين فيديو وآخر؛ لأن تلك الفترة تؤثر سلبا على عدد المشاهدات والمتابعة من طرف رواد المواقع، مؤكدين أن التفاني والتميز في هذا المجال قد يجعل المؤثرين يحققون مداخيل أكثر بكثير من العمل بدوام كامل في وظائف قارة، خاصة أن الرقمنة مفتوحة على العالم، ويمكن إجراء عقود مع مختلف الشركات العالمية للعمل على تسويق منتجاتها والترويج لها من خلال تلك الصفحات؛ مما يدرّ أموالا طائلة، وبذلك تكون مشاريع ناجحة جدا؛ فالأمر يعتمد، فقط، على عدد المتابعين كلما زاد زادت شهرة الصفحة ونجاحها.